اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
تضع الجزائر المؤسسة الدينية في صميم خدمة القضايا الأسرية الراهنة، كالحرب على المخدرات والمؤثرات العقلية، ما يعكس الدور الاجتماعي للمساجد ومعاضدته لمجهودات الحكومة في مكافحة الظواهر المستعصية.
وتضطلع مجالس الصلح في المساجد بدور مجتمعي بارز، فقد تمكنت في الآونة الأخيرة من تسوية عدد معتبر من القضايا وجنبت وصولها إلى المحاكم.
وفي جلسة علنية بالمجلس الشعبي الوطني خصصت لطرح أسئلة شفوية على عدد من أعضاء الحكومة، أوضح وزير الشؤون الدينية والأوقاف، يوسف بلمهدي أنه “انطلاقا من الأدوار المجتمعية للمساجد، تمكنت مجالس الصلح على المستوى الوطني من تسوية ۸ آلاف قضية في إطار الوساطة، ما سمح بتفادي وصولها إلى أروقة المحاكم.”
وأشار الوزير إلى أن القطاع يسهر على تعزيز وتوسيع دور المؤسسة المسجدية، من خلال الاندماج في القضايا الراهنة، مستدلا على ذلك بالانخراط في الحملات الوطنية التوعوية، على غرار تلك المتعلقة بمكافحة آفة المخدرات.
في حملاتها المفتوحة ضد استهلاك المخدرات والحبوب المهلوسة والاتجار بها تتجه السلطات الجزائرية إلى تجنيد المساجد والمدارس القرآنية والمراكز الثقافية الإسلامية، بالتعاون مع مختلف الشركاء المعنيين بمكافحة آفة المخدرات.
أكثر من ثلاثة ملايين جزائري، ۳ في المئة من بينهم نساء، يستهلكون ويتعاطون المخدرات
وقال بلمهدي، إن المخدرات والأقراص المهلوسة سم قاتل تستهدف القوة العظمى في الجزائر ألا وهي الشباب، مشيرا إلى أن محاولات إغراق البلاد بأطنان من المخدرات وكميات هائلة من الحبوب المهلوسة هي حرب تستهدف البلاد، وهي تعني الجميع وليس هناك أي أحد يمكنه القول بأنه في مأمن.
وأضاف أنه منذ بداية سنة ۲۰۲۳، سجلت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف ما يزيد عن ۷۰۰ شخص تخلوا عن إدمانهم واندمجوا في المجتمع بعد لجوئهم للأئمة الذين أخذوا بأيديهم ورافقوهم في رحلتهم للتخلي عن هذه الآفة.
وأشار الوزير إلى أنهم سيتصدون لحرب المخدرات بنفس عزيمة آبائهم الذين تصدوا للمستعمر، مؤكدا على ضرورة انخراط الجميع لمحاربة هذه الآفة التي تدمر كل شيء، ومساعدة الشباب على إدمان الرياضة والقراءة وطلب العلم، لوقايته من شر هذه السموم المدمرة.
وكثيرا ما تلجأ الحكومة الجزائرية إلى المساجد والزوايا، لإعانتها على تمرير مختلف البرامج والخطابات، بما فيها الذي يدخل في الشأن السياسي كالوحدة الوطنية والأخطار الخارجية، وحتى الحض على المشاركة في الاستحقاقات الوطنية، رغم أنها تحظر النشاط السياسي على المسجد والموظفين المنتسبين إلى قطاع الشؤون الدينية.
ويساهم فاعلون في القطاع، إلى جانب جمعيات ومتطوعين، في محاربة استهلاك المخدرات والاتجار بها، لاسيما وأن العديد من الأولياء يلجأون في بعض الأحيان إلى أئمة معروفين بتواصلهم الجيد مع الشباب والمراهقين، وبأنهم يتحلون بالقدرة على الإقناع الديني والنفسي بغية إبعاد المستهلكين والتجار عن هذه الظاهرة.
مكافحة المخدرات لا تقتصر على الجوانب الأمنية فقط، بل تعد معركة تربوية وفكرية تتطلب تعبئة شاملة لكافة مكونات المجتمع
وخلال حملة توعوية أطلقتها وزارة الشؤون الدينية من دار الإمام بالمحمدية، تحت شعار: “من أجل شباب واعٍ، ومجتمع آمن من آفة المخدرات”، أكد بلمهدي أن مكافحة المخدرات لا تقتصر على الجوانب الأمنية فقط، بل تعد معركة تربوية وفكرية تتطلب تعبئة شاملة لكافة مكونات المجتمع، وفي مقدمتها المؤسسة المسجدية. ولفت إلى أن تعزيز التماسك المجتمعي واللحمة الوطنية يستدعي غرس قيم الإيمان والانضباط، والوعي العميق بمدى خطورة هذه الآفة، معلنًا عن تعميم الحملة الوطنية عبر كل المؤسسات الدينية والثقافية التابعة للوزارة، بغرض ترسيخ ثقافة الوقاية خاصة في أوساط الشباب.
كما استعرض المدير العام للديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها أبرز محاور الاستراتيجية الوطنية المعتمدة في هذا المجال، مشيدًا بالقانون الجديد المتعلق بمحاربة المخدرات، الذي يجمع بين الإجراءات الوقائية والردعية، ويهدف إلى الحد من تفشي الظاهرة.
ودخل قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية المعدّل حيز التنفيذ منذ مدة، بعد نشره في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، حاملاً جملة من التعديلات التي تعكس توجه السلطات نحو تشديد الرقابة على تعاطي وترويج هذه المواد، في ظل ما تصفه الجهات الرسمية بتنامي التحديات المرتبطة بهذه الظاهرة.
وشدد المتحدث على الأهمية البالغة لدور الأئمة والمرشدات الدينيات، في رفع الوعي المجتمعي داخل وخارج المساجد، واعتبرهم عناصر محورية في حماية النشء من خطر الإدمان الذي يهدد الأمن العام.
وثمّن المدير العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج مساهمة الأئمة داخل المؤسسات العقابية، في مجال الإرشاد الديني وتحفيظ القرآن الكريم، مؤكدًا أن هذه الجهود أثمرت عن حالات توبة حقيقية وسط النزلاء، وأسهمت في تأهيلهم للاندماج السليم في المجتمع. وأبرز أن قطاع الشؤون الدينية يعد الشريك الرئيس في برامج الإصلاح التي تنفذها الإدارة داخل السجون.
وتعمل الحكومة الجزائرية على تكثيف الجهود لتطويق ظاهرة إدمان المخدرات خصوصا في صفوف الشباب.
ويعمل الديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها على إبرام مذكرات تفاهم مع عدة هيئات وطنية، الغاية منها تعزيز آليات التعاون لمكافحة هذه الآفة.
وتشير دراسة أجراها الديوان الوطني لمكافحة المخدرات والإدمان إلى أن هناك أكثر من ثلاثة ملايين جزائري، ۳ في المئة من بينهم نساء، يستهلكون ويتعاطون المخدرات، بما في ذلك الأدوية ذات التأثير العقلي، إذ يبلغ عدد المدمنين على المواد المهلوسة في مراكز العلاج أكثر من ۷۰۰ ألف شخص، في حين أن العدد الحقيقي قد يصل إلى مليون شخص، والفئة الأكثر استخداما لهذه السموم تتراوح أعمارها بين ۲۰ و۳۰ سنة.
العرب