اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
عندما انبثقت بذرة الخلق في داخلي، تحوّل معنى الحياة إلى ما يفوق الخيال. لم أفهم قط معنى الأمومة. لطالما ظننتُ أن الحمل مجرد أمرٍ جلل، مجرد حياة عادية، مع بضعة كيلوغرامات إضافية من الوزن الجميل. لكن الأمر لم يكن كذلك. كان عليكِ أن تختبري التوتر والتعب والشوق والمشقة لحظة بلحظة. وبالطبع، خاط حب الأم كل هذا معًا كخيطٍ خفيّ، وجعل من الممكن تحمّله.
بدءًا من أول فحص بالموجات فوق الصوتية، كان عليكِ تغيير نفسكِ تمامًا، بين عشية وضحاها بالطبع! من طريقة تناولكِ للطعام والنوم إلى طريقة مشيتكِ وطريقة جلوسكِ ووقوفكِ، كل شيء تغير، وكان كل واحد منها بمثابة صراع في حد ذاته، ناهيك عن قائمة طويلة من الضغوط التي كانت تلاحقكِ دائمًا. أصبحتِ أكثر حساسية، وأكثر انفعالًا، وتسلل الخوف إلى ذهنكِ من أن أي شيء صغير قد يقتلكِ.
شهداء لم تُصب منازلهم بطائرات مسيرة ولا صواريخ، لكن موجة الانفجار كانت شديدة على أجسادهم الرقيقة لدرجة أنهم لم يتحملوا البقاء في هذه الدنيا! يعلم الله كم من شهداء خسرتهم إيران في تلك الليلة والليالي التي تلتها، شهداء بعضهم لم تُذكر أسماؤهم بعد.
حياتان وكفن واحد
كلما فكرتُ في الحرب، قلتُ لنفسي إن العالم ليس قاسيًا لدرجة أن يسلبني حياتين دفعةً واحدة. كنا قد زيّننا غرفتها للتو، وأحببنا فستانها الوردي الشبيه بفستان الدمية، لكن الحياة كانت قاسيةً بنفس القدر. قبل يومين، كان من بين شهداء ساحة القدس اسم أم حامل. فاطمة رسولي وجنینها الصغير ذو السبعة أشهر، الذي وُلد شهيدًا لأم شهيدة. وقد جمعتُ كل هذه المقدمات لأقول إن طبيعة هذه الجريمة مختلفة. جمعتُ كل هذه المقدمات لأقول إن طبيعة هذه الجريمة مختلفة. إنها جريمة قتل شخصين. لكن لم تكن فاطمة رسولي وحدها من لُفّ طفلها بكفن بدلًا من منديل المستشفى الأبيض ووُضع على صدرها.
قبل ساعات قليلة، أسقطت مسیرات إسرائيلية على سيارتين بريئتين في أصفهان. كانتا عائلة في منتصف الطريق، طريق سيولد طفلهم بعد اسبوعين، وربما يأخذون الأم إلى مكان لا يشكل القلق والتوتر خطراً عليها، بعيداً عن صوت الانفجارات. سيولد طفلهم بعد اسبوعين، وربما يأخذون الأم إلى مكان لا يشكل القلق والتوتر خطراً عليها، بعيداً عن صوت الانفجارات. لكن الحرب القذرة، الحرب السوداء، وخاصة إذا كانت إسرائيل مقابلك، قد تمس أدنى علامات الحياة.
احترقت السيارة، وتمزق جميع ركابها، حتى الطفلين اللذين يبلغان من العمر ١٠ و١٣ عامًا. لم يكن أمام فريق الإنقاذ سوى أملٍ واحد، وهو إنقاذ الرضيع، الذي قد يخرج سالمًا من قلب أمه المحترق. ربما يعود إلى الحياة من قلب الموت، لكنه هو الآخر استشهد.
وأعدتُ تمثيل تلك المشاهد لنفسي ألف مرة. رسمتُ رسمًا في مخيلتي وتخيلته، كما تفعل كل الأمهات… وبعد أن تخيلته ألف مرة، أيقنتُ أنه في اللحظة التي احترقت فيها عظامي وتفحم لحم جسدي، لم يكن هناك ما هو أشد إيلامًا من عدم القدرة على إنقاذ حياة الحبيب الذي تجذر فيّ!
تعریب خاص لـجهان بانو من وكالة أنباء فارس