اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا

حينما جاء الإسلام وأعطى للمرأة حقها وبيّن مكانتها ورفع قدرها، وقرر أنها والرجل خُلِقَا من أصل واحد؛ أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك المبدأ فقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ» . ومن هذا المنطلق حفظ صلى الله عليه وسلم لهن حقوقهن، وأوصى الرجال بهن، وأحسن معاملتهن، ومن ذلك:

حُسْن معاملتها ابنةً وزوجةً وأختًا وأُمًّا

فكان صلى الله عليه وسلم «إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ ابْنَتُه فَاطِمَةُ قَامَ إِلَيْهَا، فَقَبَّلهَا، وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ» ، وكان يرحب بها عند قدومها قائلًا: «مَرْحَبًا بِابْنَتِي!» ثُمَّ يجلسها عن يمينه أو شماله.

ورأيناه صلى الله عليه وسلم مع زوجاته

كم كان زوجًا حنونًا رحيمًا يعطف عليهن ويرحمهن ويعاملهن معاملة كريمة ويصبر عليهن، ويكفي أنه صلى الله عليه وسلم لم يرد في سيرته أنه ضرب بيده الشريفة الطاهرة امرأة ولا خادمًا.

ولما جاءته أخته – من الرضاعة – بسط لها رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه، ثم قال: «سلي تُعْطَيْ، واشفَعِي تُشَفَّعِي»

أمه

صلى الله عليه وسلم من رحمته وبره بها زار قبرها بعد موتها فيما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- قال: «زَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ»، ثُمَّ قَالَ: «اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي؛ فَزُورُوا الْقُبُورَ، فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ»

لماذا كانت معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لنسائه ونساء المؤمنين فيها قدر كبير من الرفق والإحسان؟ وضِّحْ ذلك من سيرته صلى الله عليه وسلم.

وصيته صلى الله عليه وسلم بالمرأة

أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بالمرأة في نصوص كثيرة متفهمًا نفسيتها وطبيعتها، فقال: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا؛ فَإِنَّهُنَ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ..»

مراعاته صلى الله عليه وسلم لحقوق المرأة في التعليم

لقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتعليم المرأة فقال: «أَيُّمَا رَجُلٍ حفظه صلى الله عليه وسلم حق المرأة في اختيار الزوج

وما أن تشبَّ البنت وتصير فتاة بالغة؛ حتى يعطِيَها الرسول الحقَّ في اختيار زوجها والموافقة على الخاطب أو رفضه، ولا يجوِّز إجبارها على الاقتران برجل لا تريده، وقد قال في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا (أي: سكوتها)»

وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ. قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: أَنْ تَسْكُتَ» كَانَتْ عِنْدَهُ وَلِيدَةٌ فَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، وَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، فَلَهُ أَجْرَانِ»

حفظه صلى الله عليه وسلم حق المرأة في الخروج إلى المسجد

وفي ذلك قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «لا تَمْنَعُوا النِّسَاءَ حُظُوظَهُنَّ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِذَا اسْتَأْذَنُوكُمْ»

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ»

حرصه صلى الله عليه وسلم على ستر المرأة

ومن حرصه صلى الله عليه وسلم على ستر المرأة وصيانتها حتى وهي في المسجد قوله صلى الله عليه وسلم : «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا»

وتروي لنا السيدة أم سلمة -رضي الله عنها- فتقول: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ، وَمَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ»

وذلك لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنِ انْصَرَفَ مِنَ الْقَوْمِ.

مراعاته صلى الله عليه وسلم مشاعر الأمومة في المرأة

كان النبي صلى الله عليه وسلم يراعي ظروف المرأة كأم ويُقَدِّر مشاعر الأمومة فيها؛ حتى إنه صلى الله عليه وسلم قال: «إِنِّي لَأَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ، وَأَنَا أُرِيدُ إِطَالَتَهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي، مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ»

نهيه صلى الله عليه وسلم عن إيذاء المرأة

ومن أبرز الدلائل على ذلك أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهِ»، فَأَطَافَ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ، لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ»

أمر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة بطاعة زوجها، وأمر الرجل بالإحسان إلى زوجته، لتُبنَى أسرة سعيدة مطمئنة ومستقرة، بخلاف الأسرة في الحضارات الحديثة، وضح ذلك.

كيف تقتدي به صلى الله عليه وسلم ؟

۱٫ المرأة هي أُمُّك وأختك وزوجتك وابنتك، فعاملها بأدب ورفق وحنو وأحسن إليها، فذلك من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ووصيته بها.

۲٫ تَفهَّمْ مشاعر المرأة وما طُبِعت عليه من الغيرة، واستمع لشكواها وتحمل ضعفها وطبيعتها، وأحسن إليها مقتديًا في ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم .

۳٫ احفظ للمرأة حقوقها في التعليم، وإبداء الرأي، واختيار الزوج ومفارقته، والمِلك، والبيع والشراء، كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم .

۴٫ أكرمها ولا تضربها فإنها ضعيفة، فلا تتقوى عليها، ومن يفعل ذلك ليسوا هم خيارنا.

۵٫ لا تمنعها الخروج إلى المسجد للصلاة وحضور دروس العلم؛ فقد نهاك النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.