اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
وسرد ناشطون في المجتمع المدني السوداني، “قصصا مروعة” عن تصاعد العنف القائم على النوع الاجتماعي، كما كشف حقوقيون عن حالات من الاغتصاب.
في أغسطس الماضي، وبينما المعارك على أشدها بين الجيش وقوات الدعم السريع، اقتحمت مجموعة مكونة من ۴ عناصر يرتدون أزياء الدعم السريع، منزل إحدى الأسر في منطقة الحلفايا بالخرطوم بحري.
نهب المجموعة سيارة الأسرة وبعض الأجهزة الكهربائية، واقتادت رب الأسرة وابنه، إلى جهة غير معلومة، تحت تهديد السلاح، وفق ما ذكرته سلمى (اسم مستعار) لموقع الحرة.
وأضافت سلمى، “بينما غادر اثنان من المجموعة منزلنا بعد نهب السيارة، قرر آخران، العودة إلى المنزل، وأشهر أحدهما السلاح في وجهي، وقام الآخر باغتصابي”.
وأشارت سلمى إلى أنها “دخلت في حالة نفسية سيئة”، وقالت إنها “فكرت مرتين في الانتحار”، قبل أن تتخلص من آثار الصدمة بعد خضوعها إلى العلاج في مركز للتأهيل النفسي في القاهرة، بعد أن هربت رفقة أسرتها من الحرب.
وكشف تقرير صدر عن مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، في فبراير الماضي، عن “تعرُّض ما لا يقل عن ۱۱۸ شخصاً للعنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب والاغتصاب الجماعي ومحاولة الاغتصاب، من بينهم ۱۹ طفلاً”.
وأشار التقرير إلى أن “العديد من حالات الاغتصاب تمت في المنازل والشوارع من قبل أفراد ينتمون لقوات الدعم السريع”.
ولفت إلى أن “إحدى الفتيات تعرضت للاغتصاب الجماعي بشكل متكرر، على مدار ۳۵ يوماً، بعد أن تم احتجازها في أحد المباني”.
وينفي عضو المكتب الاستشاري الخارجي لقائد قوات الدعم السريع، عمار صديق إسماعيل، “الاتهامات الموجهة للدعم السريع باستغلال الفتيات في خدمة عناصرها وتجهيز الأكل والطعام لهم”.
وقال إسماعيل لموقع الحرة، إن “الدعم السريع مؤسسة عسكرية، يعمل عناصرها على خدمة أنفسهم كجزء من ثقافة العمل العسكري، ولا حاجة للاستعانة بأي فتاة في خدمة الجنود، سواء بمقابل أو بلا مقابل”.
ولفت إسماعيل إلى أن “الحرب الحالية تدور في الخرطوم وفي المدن الرئيسية، إذ تعمل المطاعم ومحلات بيع وتقديم الأكل بصورة منتظمة، الأمر الذي يمكّن منسوبي الدعم السريع من شراء ما يحتاجونه من مواد غذائية”.
كانت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية نقلت عن بعض السودانيين قولهم، إنهم “تعرضوا لاستعباد وبيع للعمل في مزارع قادة قوات الدعم السريع”، بينما روى آخرون أنهم “احتُجزوا وأُجبرت عائلاتهم على دفع فدية لإطلاق سراحهم”.
ونسبت مفوضية حقوق الإنسان الأممية، في فبرير الماضي ۷۰ في المئة من حوادث العنف الجنسي المؤكدة لمقاتلين يرتدون زي قوات الدعم السريع، كما أشارت إلى تورط مقاتلين بلباس الجيش في حالة اغتصاب مؤكدة.
من جانبها، تشير الناشطة الحقوقية السودانية، انتصار خوجلي، إلى أن “بعض عناصر الدعم السريع احتجزوا عددا من الفتيات في مواقع سيطرتهم بمنطقة الكلاكلة بجنوب الخرطوم، وأجبروا بعضهن على العمل في إعداد الطعام”.
وقالت خوجلي لموقع الحرة، إن “عددا من الفتيات تعرضن للاغتصاب بواسطة عناصر من الدعم السريع في عدد من المناطق، وفق ما استوثقت منه منظمات ناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة”.
وأشارت الناشطة الحقوقية إلى أن “مبادرة لا لقهر النساء وغيرها من المنظمات النسوية، أشارت في تقارير رسمية إلى تعرض فتيات للاغتصاب بواسطة عناصر من الجيش وعناصر من الدعم السريع”.
وأضافت أن “الواقع مؤلم لأن المنظمات الطوعية والمرافق الصحية لا تستطيع، في ظل الوضع الأمني الهش، تقديم أي نوع من الاستجابة السريعة لضحايا الاغتصاب، مثل حبوب منع الحمل والأدوية التي تهدف إلى الوقاية من الإيدز والأمراض الأخرى المنقولة جنسيا”.
وكانت شبكة نساء القرن الأفريقي “صيحة”، ذكرت في تقرير خلال فبراير الماضي، أنها أحصت أكثر من ۱۸۰ حالة من حالات العنف الجنسي المتصل بالنزاع، بما في ذلك الاغتصاب.
وذكر التقرير أن بعض عناصر الجيش اغتصبوا مجموعة من الفتيات في منطقة الشجرة بالخرطوم، كما أشار إلى أن “مجموعة من الشبان المتطوعين للقتال إلى جانب الجيش، قاموا باغتصاب فتاتين في بولاية القضارف بشرق السودان”.
ولفت التقرير إلى أن “قوة من الدعم السريع اغتصبت ۴ فتيات بولاية الجزيرة عقب سيطرتها على الولاية في ديسمبر الماضي، بجانب العشرات من حالات الاغتصاب في الخرطوم”.
الاتهامات الموجهة إلى الدعم السريع بالتورط في حالات عنف جنسي متصل بالنزاع، توجه أيضا إلى الجيش، وهو ما أشارت إليه منال (اسم مستعار) وهي تروي لموقع الحرة، قصة “تعرضها إلى تحرش جنسي من شخص يرتدي أزياء الجيش”، وفق قولها.
تشير منال إلى أن “أسرتها تسكن في منطقة العزوزاب القريبة من منطقة الشجرة التي يسيطر عليها الجيش السوداني”.
وتقول إنها “تحركت من منزلهم لجلب بعض الأغراض من متجر قريب، وأثناء ذلك أوقفها شخص يرتدي أزياء الجيش، وحاول إجبارها على ممارسة الجنس، مستغلا خلو الشوارع من المارة، وبعض البيوت من السكان، بسبب الحرب، لكنها قاومته”.
وأضافت “عندما قاومته، رفع بندقيته وهددني بإطلاق النار على رأسي، وقام بسحبي إلى شارع فرعي، وقبل الشروع في اغتصابي، ظهر ثلاثة أشخاص يرتدون أزياء الجيش، فقام بإطلاق سراحي، وحذرني بأنه سينتقم مني إذا أخبرتهم بما جرى”.
وتابعت “بعد الحادثة ضغطنا، أنا وشقيقاتي على والدي لمغادرة المنطقة، إلى مدينة حلفا بشمال السودان، إذ كان والدي يرفض المغادرة ويقول إن الأوضاع مستقرة في منطقتنا”.
من جانبه رفض الخبير الاستراتيجي، عمر جمال، الاتهامات الموجهة إلى الجيش بالتورط في اغتصاب فتيات في بعض مناطق سيطرته”، مشيرا إلى أن “الجيش مؤسسة قومية تعمل على بسط الأمن وحماية المواطنين، ولن تتورط في انتهاكات ضد المدنيين”.
وقال جمال لموقع الحرة، إن “كل مناطق سيطرة الجيش لم تشهد أي عمليات نزوح، لأن السكان يشعرون بالأمان في وجود الجيش، على عكس قوات الدعم السريع، إذ يهرب السكان بمجرد دخولها إلى أي منطقة”.
وكشفت وحدة حماية المرأة والطفل “حكومية” عن “تسجيل ۱۳۶ حالة عنف جنسي متصل بالنزاع”، وقالت إن “هناك الكثير من الحالات غير الموثقة، لأن طريقة الإبلاغ تكون صعبة، في ظل تردي الوضع الأمني، وغياب خدمات الرعاية في المرافق الصحية”.
وشكك إسماعيل في الاتهامات التي تشير لتورط قوات الدعم السريع في حالات اعتداء جنسي على عدد من الفتيات في الخرطوم، ومدن سودانية أخرى.
وقال إن “الاتهامات تصدر من غرف إعلامية لها غرض وأجندة، ولم تصدر من لجان تحقيق متخصصة، مما يقدح في صدقيها ويدلل على أنها مختلقة ومفبركة”.
وأضاف “من جانبنا، نحن مستعدون لأي لجنة تحقيق مستقلة، تهدف إلى إجلاء الحقيقة وتبيان ما يحدث دون تزييف أو تضخيم”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن “هناك بعض التفلتات تحدث من أطراف متعددة”، لافتا إلى أن “قوات الدعم السريع شكلت قوة خاصة للتحقيق في أي تفلتات تحدث من أي طرف من الأطراف، بما في ذلك الجيش أو الحركات المسلحة”.
وفي ديسمبر الماضي، أوردت وكالة “رويترز” أنها تحدثت إلى ۱۱ شابة من قبيلة المساليت، أشرن إلى تعرضن لاعتداءات جنسية على أيدي أفراد من قوات الدعم السريع.
وقالت الوكالة إنها لم تتمكن من التأكد بشكل مستقل من كل تفاصيل رواياتهن. “لكن في كثير من الحالات، أكد الأقارب والأصدقاء بعض جوانب قصصهن”.
وكانت “هيومن رايتس ووتش” ذكرت، أن قوات الدعم السريع وميليشيات متحالفة معها، اغتصبت عشرات الفتيات في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، بين أواخر أبريل وأواخر يونيو ۲۰۲۳٫
وأضافت المنظمة “يبدو أن المهاجمين استهدفوا الفتيات بسبب انتمائهن إلى قبيلة المساليت، وفي بعض الحالات، لأنهن كن ناشطات معروفات”.وتشير عثمان إلى أن “المنظمات الناشطة في الدفاع عن المرأة أمامها تحديات كبيرة، تتمثل في تقديم الدعم والعون النفسي لضحايا الاغتصاب، لما يترتب على تلك الجريمة من آثار نفسية”.
وقالت إن “السلطات السودانية تتمسك بقوانين مشددة في مسألة الإجهاض، مع أن المنطق يدعو إلى تسهيل الإجهاض لمن تعرضن للاغتصاب خلال الحرب، كواحدة من الحلول الطبية والنفسية للضحايا”.
وأضافت أن “العدد المعلن لا يساوي ۳۰ في المائة من الحالات الكلية، لأن كثيرا من الفتيات يرفضن التبليغ عن التعديات والاغتصاب والانتهاكات خوفا من الوصمة الاجتماعية”.
ودعت الناشطة الحقوقية المنظمات الدولية إلى الالتفات لقضية نساء السودان، “اللائي يتعرضن إلى انتهاكات بواسطة عناصر من طرفي القتال، كل في مناطق سيطرته”، مما يستدعي تحركا عاجلا لمحاسبة المتورطين في تلك الجرائم”.
وأكدت عضوة حملة “معاً ضد الاغتصاب والعنف الجنسي”، إنعام عتيق، أن “۱۲ فتاة تعرضن للاغتصاب خلال الحرب الحالية، خضعن مؤخرا لعمليات إجهاض، وفقا لإجراءات قانونية رسمية، بينما تنتظر أخريات موافقة النيابة العامة السودانية على عملية الإجهاض”.
وذكرت عتيق أن “المبادرة تحققت من ۲۰ حالة حمل وسط الفتيات اللائي تعرضن للاغتصاب”، وفق ما نقله موقع “سودان تربيون” الإخباري.
وكانت حملة “معا ضد الاغتصاب والعنف الجنسي” دفعت بمذكرة إلى النائب العام السوداني، في مارس الماضي، تطالب بتسهيل إجراءات الإجهاض لمن تعرضن للاغتصاب، وتدعو لعدم التقيد بالإجراءات الصارمة، إذ يجرّم القانون السوداني عمليات الإجهاض.
ويشهد السودان منذ ۱۵ أبريل حربا بين الجيش وقوات الدعم السريع. ويحتاج نحو ۲۵ مليون شخص، أي ما يقرب من نصف سكان البلاد، إلى المساعدة الإنسانية، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة.
وأودت الحرب بحياة ۱۳ ألف شخص على الأقل، وفق تقديرات “مشروع بيانات مواقع النزاعات المسلحة وأحداثها” (أكليد).
المصدر: نساء FM