الأسطى هدى أشهر نقاشة في مدينة بدر: المهنة علمتني الصبر وعوضتني عن تعليمي

«الشغلانة الوحيدة الي حسستني بقيمتي وإني مخسرتش حاجة، كنت ندمانة إن خسرت تعليمي بس هي عوضتني، ووسط الصنايعية بحس إني مهندسة».. بهذه الكلمات بدأت الأسطى هدى وجدي حديثها مع «الشروق» وهي تباشر عملها كأشهر نقاشة في مدينة بدر، أو كما عرفت بين المدينة بـ«أم إياد».

داخل إحدى العقارات تحت الإنشاء، تقف هدى بملابس ملطخة بالألوان، تغمس يديها في عبوات الدهان، ومن عبوة لأخرى تصنع خليطا جديدا بألوان زاهية، ثم تمسك بـ«الرولة» وتتجه إلى إحدى الحوائط لطلائها فتعطي لها روح وتضفي على المكان لمسة فرح وسرور، فالنقاشة فن لا يتقنه إلا مبدع.

بدأت هدى «۲۶ سنة»، مهنة النقاشة منذ ۴ سنوات، بعد أن تعلمت أصول المهنة على يد زوجها ووالدها، إذ نشأت في أسرة يمتهن معظمها مهن مختلفة، ومع حبها للديكورات والألوان أتقنتها سريعًا وانضمت لهم، وأسست فريق عمل خاص بها وانطلقت.

كانت هدى تدرس الزخرفة في الثانوية الصناعية، وتحلم أن تصبح يومًا ما مهندسة ديكور، فهي تعشق الألوان ولها لمسة خاصة في صناعتها واستخدامها، لكنها لم تستكمل تعليمها وتزوجت وأنجبت ۳ أطفال، وأصبحت ربة منزل، إلا أن الحلم بات يراودها بين حين وآخر حتى وجدت ضالتها في النقاشة.

«أي شغل متعب بس الي عنده إرادة في حاجة عايز ينجح فيها، هيكمل حتى لو هو متعب»، هكذا أضافت هدى وهي تتحدث عن مهنتها وحبها لها.

لفتت هدى إلى أن زوجها كان رافضا في بداية الأمر عملها، لكنها أقنعته مع الوقت، بخاصة بعد طلب بعض الفتيات اللاتي طلبن منها أن تدهن لهن شققهن، وأشدن بكفاءتها وذوقها في صناعة الألوان وتوفيقها بسهولة، ليتحول إلى أكبر داعم لها بجانب والدها ووالدتها، وبيّنت هدى أن معظم عملها مع سيدات، وأغلب زبائنها سيدات، مضيفة: «بجيب صنايعية يساعدوني أما بيكون في ضغط شغل، وبروح اشتغل بس بإيديا في الأماكن الي فيها ستات، يعني أنا أما نزلت اشتغلت كان شغلي كله مع ستات بس لحد دلوقتي، كل الي بيكلموني ستات، ولقيت الدعم والتشجيع من الستات بصراحة».

لدى هدى ۳ أطفال، أكبرهم طفل ۶ سنوات، تقول إنها تسهر على راحة أطفالها في المساء وتجهز كافة متطلباتهم، ثم تطرق أبواب الرزق في النهار، وتحاول أن توفق بين عملها ومنزلها، لتقف بجانب زوجها وتضع يدها في يده، لتحسين مستوى معيشتهم وصناعة مستقبل أفضل لأطفالهم.

تطمح هدى أو أم إياد، بأن تنشئ شركة كبيرة خاصة بكافة مستلزمات الإنشاءات، مكان خاص بالخامات، وأخر خاص بالتشطيبات، من سباكة وكهرباء ونقاشة.. وغيرها.

كما تحلم هدى أن تفتح مكان خاص بتعليم المهن الحرفية، ورعاية السيدات المعيلات، ومساعدتهن على ظروف المعيشة وامتهان مهن جديدة عليهن، قد يظن البعض أنها حكرًا على الرجال، إلا أنها أكدت أن جميع المهن مارستها المرأة وأثبتت نجاحها بجدارة، مردفة: «في ستات نقاشين خارج مصر وناجحين جدا، لكن داخل مصر عددهن أقل، وأنا يعتبر أصغر نقاشة في مصر، ودي حاجة طبعا تشرفني».

وأكدت هدى، أنها تعلمت من مهنة النقاشة الصبر، والتعامل الجيد مع الناس بكافة طوائفهم، وتذوقت طعم النجاح والنظر إلى المستقبل بنظرة أعمق وأشمل وأكثر تفاؤلا.

المصدر: الشروق