اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
لكن ماذا عن الحمل غير المخطط له، تلك المفاجأة التي قد ترهق استقرار أسرة، ونمط حياة تم ترتيبه على مدار سنوات طويلة.
تبدأ الأعراض بانتفاخ في منطقة البطن، أو شعور بأعراض برد في المعدة، أو ربما بلا أعراض تماما، مثلما حدث مع “صفاء عبد الله” (۴۲ عاما)، سيدة متزوجة منذ قرابة الـ۱۵ عاما، رزقها الله بنتا وولدا، واكتفت بهما وقررت أن تبذل قصارى جهدها وزوجها في تربيتهما وتعليمهما.
لكن كان عدم انتظام الدورة الشهرية للسيدة الأربعينية لا يشكل هاجسا يدعو للتفكير، فهي تعلم طبيعة جسدها الذي يميل لصنع التكيسات على المبيضين، بالإضافة لاقترابها من سنوات انقطاع الطمث، لكن ما لم تتوقعه صفاء أن تخبرها الطبيبة أنها حامل والمفاجأة الكبرى أنها تحمل توأما.
الصدمة التي أصابت السيدة الأربعينية، بعد حملها غير المخطط له، تشير الدراسات إلى أنها متكررة بصورة متزايدة بين النساء اللاتي تخطين سن الأربعين، وبحسب البيانات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاءات الصحية بالولايات المتحدة، فإن ما يقرب من ۴% من الأطفال الجدد يولدون لأمهات تجاوزت أعمارهن الـ۴۰، وأكثر من ۷۵% من حالات الحمل في هذه الفئة العمرية تكون غير مخطط لها.
أما في حالة هبة منصور، (۳۹ عاما)، وبرغم أنها لم تكن بلغت الأربعين حين قررت الحمل، فإن موعد الولادة يتزامن مع دخولها تلك المرحلة العمرية، تقول “هبة” للجزيرة نت “أجريت كافة الفحوصات الطبية للاطمئنان إلى الحمل الصحي والمولود السليم، وقررت أن أخوض الرحلة من البداية، على أمل أتمنى أن يتحقق وأن أرزق بطفلة بصحة جيدة”.
وأضافت “هبة” أنها تعلم كافة المخاطر وقرأت كثيرا عن الحمل في تلك السن قبل أن تتخذ هذه الخطوة، كما خضعت لفحص الجينات قبل الشهر الرابع وتأكدت أن الجنين سليم معافى وقررت الاستمتاع برحلة الحمل حتى الولادة.
الوصول لمرحلة الأربعينيات من العمر، يعني لدى أغلب النساء الوصول لمنطقة الأمان، فلا يمكن حدوث حمل في هذه السن حيث تنخفض مستويات الخصوبة مع منتصف الثلاثينيات، وتشير أغلب الحالات إلى أن الحمل في هذه المرحلة يحتاج إلى تدخل طبي وتكنولوجيا معقدة مختلفة عن الطريقة الطبيعية للحمل، هذا ما تعتقد فيه كثير من السيدات، ولكن هل هذه الأفكار صحيحة علميا؟
في فترة ما حول انقطاع الطمث، يحاول المبيضان مرة أخرى التكيف مع الوضع الطبيعي الجديد، لذا يصبحان في حالة نشاط زائد ويرسلان دفعات متفرقة من هرمون الإستروجين، لتحفيز إنتاج مجموعات من البويضات شديدة النشاط وإطلاقها في فترة الإباضة. والتحفيزات الشديدة لإنتاج بويضات إضافية تصبح هي السبب غالبا الذي يجعل التوائم غير المتماثلة هي الأكثر شيوعا في حالات الحمل في سن الأربعين.
كثير من النساء يحاولن التخفف من آلام وسائل منع الحمل، وآثارها الجانبية، فيلجأن بعد الوصول إلى سن الأربعين إلى إزالتها واللجوء إلى وسائل طبيعية، أو حساب فترات التبويض، ووفق الدكتورة أميمة إبراهيم، استشاري أمراض النساء والتوليد، فإن كثيرا من حالات الحمل بعد الأربعين التي تعرض عليها، تبدأ بمعاناة المريضة من أعراض انقطاع الطمث التي تشبه أعراض الحمل المتأخر.
“كيف سأبدأ من جديد”، تقول استشاري أمراض النساء، إن هذه هي الجملة الأولى التي تسمعها عندما تتفاجأ الزوجة بالحمل، بعض السيدات يتحمسن للإنجاب وإعادة تربية ورعاية الرضع، ولكن الأغلبية يشعرن بالخطر.
من أهم المخاطر التي تؤرق الأمهات الحوامل في تلك المرحلة العمرية هي الإصابة بسكري الحمل، وتسمم الحمل والولادة القيصرية وإنجاب طفل مصاب بمتلازمة داون، لكن لحسن الحظ يمكن السيطرة الطبية على كل تلك المخاطر بالتزام نظام صحي للتغذية والمتابعة الجيدة أثناء الحمل.
ولكن ماذا عن المخاطر النفسية والتي تزيد معدلاتها عن مثيلتها في الحمل الطبيعي، فبحسب دراسة نشرتها شبكة جاما العلمية عن الحمل غير المخطط وتأثيره على صحة الأم والطفل، في الولايات المتحدة الأميركية، أشارت النتائج إلى ارتفاع معدلات اكتئاب ما قبل وما بعد الولادة إلى ۲۳% لدى الأمهات اللاتي يحملن بشكل غير مقصود بعد تجاوزهن منتصف العمر، وكان الحمل غير المقصود في عمر متأخر مرتبطا بشكل كبير بالنتائج الضارة للأمهات والرضع.
الدعم النفسي والمشاركة الأبوية من العوامل التي تقلل من خطر الاكتئاب على الأم والرضيع، خاصة مع مخاوف الاستنزاف والبدء من الصفر التي تشكل هاجسا لدى الأمهات.
تشير الدكتورة أسماء عفيفي، أخصائية الإرشاد النفسي، إلى أنه في حالات الإنجاب في سن متأخرة، والحمل غير المخطط له، تصاب المرأة بصدمة كبيرة تستمر معها حتى بعد الولادة، وقد تصيبها تلك الصدمة باضطرابات في الحمل وربما تهدد سلامتها وسلامة الجنين، لذا فإن الدعم النفسي ومشاركة الأهل والزوج والابتعاد عن إحباطها أو لومها أو السخرية منها، من أهم العوامل الرئيسية التي تنجيها من تلك المخاطر.
كما أضافت أسماء أن مشاركة الأبناء في تحمل المسؤولية قد يسهم في التقليل من العبء على الأم، كما يعلّم الأبناء المشاركة والتعاون مع الأم لرعاية الرضيع الجديد.
المصدر: الجزيرة