اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
هذا الادعاء غير صحيح وفقًا لتقرير يورونيوز. فهذا المنتج لا يُباع في أوروبا، وهو ليس سياسة أو مشروعًا أوروبيًا أصلاً؛ بل كان فكرة قديمة في الولايات المتحدة طرحت قبل سنوات، وواجهت ردود فعل سلبية كثيرة، ولم تصل أبدًا إلى الإنتاج الضخم أو الاستخدام العام.
لكن قابلية تصديق هذه الشائعة هي في حد ذاتها علامة مهمة: أن الرأي العام مستعد لتصديق أن أوروبا قد وصلت إلى مثل هذه الحلول الغريبة لأمن المرأة، وهذا يعني وجود شعور حقيقي بعدم الأمان. في قارة كان التيار النسوي لعدة عقود هو المهيمن على سياساتها الثقافية والاجتماعية، فإن الوصول إلى مثل هذا التصور يمثل علامة استفهام كبيرة أكثر من أي شيء آخر؛ إذا كانت كل هذه الشعارات والقوانين والحملات فعالة، فلماذا لا تزال المرأة الأوروبية تفكر في ملابس واقية؟
تُقدّم أوروبا نفسها منذ سنوات كرمز لحقوق المرأة والأمن الاجتماعي، لكن إذا كان هذا الأمن قائمًا حقًا، فلماذا تنتشر هذه الشائعة ويُصدقها البعض بهذه السهولة؟ لماذا لا تزال النساء الأوروبيات لايشعرن بالأمان الكامل في الشارع ومكان العمل وحتى في المنزل؟ عندما ترتفع معدلات الاغتصاب – حتى لو كان جزء من ذلك بسبب زيادة الإبلاغ – فهذا يعني وجود أزمة لم تحل. أزمة تفاقمت تحديدًا في الفترة التي كان للنسوية فيها أكبر نفوذ في التشريع والتعليم والإعلام في أوروبا.
أفكار مثل الملابس المضادة للاغتصاب، سواء كانت حقيقية أو خيالية، تُظهر العجز في صنع السياسات. فبعد سنوات من ادعاء تمكين المرأة، أن ينتهي الحل النهائي بنقل عبء الأمن من المجتمع إلى المرأة، هذا في حد ذاته تناقض واضح.
لقد وعدت النسوية بتحرير المرأة من الخوف، لكنها وصلت عمليًا إلى نقطة يجب أن تكون فيها المرأة دائمًا مستعدة للدفاع. أي بدلاً من السيطرة على الرجل المغتصب، على المرأة أن تتغير؛ هذا ليس تقدمًا، بل هو إعادة إنتاج انعدام الأمن القديم بلغة حديثة.
بدلاً من أن تؤمن أوروبا الأمن عبر محاكم حاسمة وعقوبات رادعة ودعم غير مشروط للضحية، غالبًا ما تنشغل بسياسات استعراضية. ففي العديد من البلدان الأوروبية، رغم القوانين التقدمية ظاهريًا، لا تزال النساء بحاجة إلى الدخول في إجراءات مرهقة لإثبات الاغتصاب، وينتهي الأمر في النهاية بأحكام مخففة أو تبرئة المغتصب. وهذا يعني أن النسوية المؤسساتية كانت أكثر نجاحًا في إنتاج البيانات والبيانات الصحفية والحملات منها في الحماية الحقيقية لحياة المرأة ونفسيتها.
لا تقل أمثلة العنف ضد المرأة في أوروبا: من زيادة جرائم قتل النساء على يد الشريك العاطفي في بعض البلدان، إلى فضائح التحرش الجنسي الواسعة في السينما والإعلام والجامعات وحتى المؤسسات السياسية. كل هذا يُظهر أن المشكلة ليست فقط في القانون غير المكتوب أو صمت الضحية، بل في هوة عميقة بين ادعاءات النسوية وواقع حياة النساء.
والأمر الأكثر مرارة هو أنه في كثير من الحالات، عندما تقدم المرأة شكوى، لا تزال تواجه شكًا وتساؤلاً: لماذا تأخرت في الإبلاغ؟ لماذا لم تقاومي؟ لماذا كنتِ وحيدة؟ هذا يعني أنه رغم كل الشعارات، لا يزال منطق إلقاء اللوم على الضحية حيًا. إذا كان من المفترض أن تقتلع النسوية هذا المنطق من جذوره، فلن تكون النتيجة كل هذا الشك وعدم الثقة وعدم الأمان.
على الرغم من أن شائعة الملابس الداخلية المضادة للاغتصاب كانت كاذبة، إلا أنها كشفت حقيقة: ليس فقط أوروبا، بل النسوية الأوروبية أيضًا، فشلت في تأمين حماية حقيقية للنساء. حماية لا تحتاج إلى أدوات غريبة، ولا تضع المرأة في وضع دائم للدفاع. طالما أخفى العنف الجنسي وراء طبقة من الشعارات والتلاعب بالإحصاءات والحلول الاستعراضية، فإن أي فكرة من هذا النوع – سواء كانت حقيقية أو خيالية – ليست علامة على التقدم، بل اعترافًا بالفشل.
فائزة آقا محمدي