تباطؤ نمو تمثيل النساء في المناصب الإدارية

ترسم أحدث البيانات الصادرة عن مصادر دولية موثوقة صورة مقلقة لوضع تمثيل النساء في المستويات الإدارية العليا.

على الرغم من التقدم النسبي في السنوات الأخيرة، فإن وتيرة وصول النساء إلى المناصب الإدارية الرئيسية لم تكن بالسرعة المطلوبة فحسب، بل شهدنا في العامين الماضيين تباطؤًا ملحوظًا في هذه الوتيرة.

يكشف الفحص المتعمق للإحصائيات أن النساء يشكلن حاليًا ۴۱٪ من القوى العاملة العالمية، لكن حصتهن من المناصب الإدارية العليا تقتصر على ۲۸٪. هذا في الوقت الذي يشير فيه تحليل اتجاهات التغيير منذ عام ۲۰۱۵ حتى الآن إلى نمو بطيء وغير متوازن للغاية لهذا المؤشر. خلال هذه الفترة التي دامت ۹ سنوات، زادت حصة النساء في الإدارة العليا بنسبة ۳٪ فقط، من ۲۵٪ في عام ۲۰۱۵ إلى ۲۸٪ في عام ۲۰۲۴٫

النقطة المهمة هي التغيير الملحوظ في منحنى هذا النمو بعد عام ۲۰۲۲٫ يبدو أن عوامل متعددة، بما في ذلك التغييرات الهيكلية في سوق العمل العالمي، وجائحة كورونا، وإعادة تعريف أولويات المنظمات، قد أثرت على هذا الاتجاه. أحد الأنماط المقلقة في هذا الصدد هو عدم التوازن في تقدم النساء في مختلف المستويات التنظيمية. في كثير من الحالات، نشهد زيادة نسبية في تمثيل النساء في مناصب الإدارة العليا، بينما كان هذا النمو أبطأ في مستويات الإدارة الوسطى.

يمكن أن يؤدي عدم التوازن هذا على المدى الطويل إلى تقليل مخزون المواهب الإدارية النسائية. في الواقع، إذا لم تحصل النساء على فرص كافية لاكتساب الخبرة في مستويات الإدارة الوسطى، فمن الطبيعي أن نواجه نقصًا في المرشحات المؤهلات للمناصب العليا في المستقبل. من ناحية أخرى، فإن تغيير أنماط العمل وزيادة الخبرات المتعددة التخصصات وبين الصناعات للنساء، على الرغم من تقييمه بشكل إيجابي من حيث تطوير المهارات الفردية، إلا أنه قد يؤدي في بعض الحالات إلى عدم استمرارية المسار الوظيفي.

في تحليل أعمق لهذه القضية، يجب الإشارة إلى العقبات الهيكلية والثقافية الموجودة في المنظمات. لا تزال العديد من الشركات والمؤسسات تستخدم نماذج تقليدية للترقية والخلافة، والتي لا تتوافق تمامًا مع خصائص المسار الوظيفي للمرأة. الشبكات غير الرسمية لاتخاذ القرارات، ومعايير تقييم الأداء القديمة، وعدم وجود برامج دعم مستهدفة هي من بين العوامل التي تعمقت هذه الفجوة.

لمواجهة هذا التحدي، نحتاج إلى نهج متعدد الأبعاد. على المستوى التنظيمي، يمكن أن يكون مراجعة أنظمة الترقيات والتعيينات، وإنشاء برامج إرشاد وتوجيه متخصصة، وتطوير برامج خلافة مستهدفة فعالًا. على نطاق أوسع، يمكن للسياسات الذكية في مجال التعليم العالي وبرامج التطوير الإداري أن تساعد في بناء مخزون المواهب الإدارية النسائية.

النقطة الأخيرة هي أن هذا التحدي ليس مجرد قضية اجتماعية، بل هو عامل مقيد للنمو الاقتصادي المستدام. أظهرت العديد من الأبحاث أن التنوع في الفرق الإدارية، وخاصة التمثيل المتوازن بين النساء والرجال، يمكن أن يؤدي إلى قرارات أكثر شمولاً وأداء مالي أفضل للمنظمات. لذلك، فإن الاستثمار لمعالجة هذا التحدي ليس فقط إجراءً عادلًا، بل هو ضرورة استراتيجية للتنمية الاقتصادية.