یومیات من قطر

شفاء لحنین الوطن

تتبادر إلى ذهني جملة من ابن بطوطة حیث قال: السفر أولاً يمنعك من الصمت ثم يجعلك راوياً!

لقد مر أسبوع تقريبًا على رحلتنا إلى هذا البلد، الشيخ في منطقة الخليج العربي، ولتغيير مزاجنا، فإن التجول في المنطقة المحيطة بمكان إقامتنا هو الخيار الأفضل، برفقة صديقة طيبة الطباعة تلتقط صورًا نقية وجميلة لحظات مع عدسة كاميرتها في قلب المدينة، نحن نؤمن بأن الهندسة المعمارية والثقافة تجمع بين التقليد والحداثة لتكون واحدة من المدن السبع المدهشة في العالم وتجعلها العاصمة التجارية للشرق الأوسط!

في عالم استحوذت فيه الهياكل الحديثة على الروح الإنسانية، فإن فرصة السفر تحرر الروح من الرتابة و من خلال حضورنا في مکان جديد سنتعرف على عادات وتقاليد القبائل المختلفة والمعتقدات والأرواح الخاصة بأهل المدينة المعنية!

الخريطة التي عندي بالفارسية الحلوة عن موقع الدوحة الجغرافي والأماكن السياحية وغيرها، يراجعها للمرة الألف في هذه الأيام، والجانب التجاري والاقتصادي لها أكثر وضوحا أمام أعيننا!

إلا أن العديد من المباني على شكل مكتبات ومساجد ودار كتب بجوار مدينة التعليم التي تضم ثماني جامعات عالمية، تلقی مزيجاً من الاحتياجات الإنسانية بأي اعتقادات وتقدم عالماً متعدد الأوجه للسائحین!

الصور الجذابة للمباني التجارية التي تعرض جميع أنواع العلامات التجارية للسلع للمشترين، أيقظت في داخلي إحساسًا بالتسوق الأنثوية، ولكن الأهم من ذلك كله، الشوق إلى كل تلك الممتلكات الرائعة والجميلة التي تنتظر عودتي بحجة رحلة عمل في بلدي، ضجة غريبة، تخلق في داخلي نوعاً من الرغبة وتتطلب هواء مدينتي !

أشعر بثقل الدموع في كل خلية من خلايا جسدي وأمنعه من الغليان والتدحرج على خدودي حتى لا أزعج خاطر رفيقتي وأستمتع بمسيرتنا!

ونظراً لظروف عملي فقد كنت ضيفاً في معظم مدن إيران وشاهدت العديد من الأماكن السياحية التقليدية في جميع أنحاء بلدي الحبيب، وعايشت العادات والتقاليد التي على رأسها حسن الضيافة بين مجموعات عرقية مختلفة من مواطني!

لقد تعمقت في ذاكرتي وتوصلت إلى عقلية مفادها أن الأصالة الإيرانية وعمر حضارتها لها أمثلة وأمثلة في عدد قليل من البلدان الآسيوية، وبطريقة ما، أضافت دولة الفصول الأربعة ذات المناخات المختلفة إلى عوامل الجذب في بلادنا، والأهم بالنسبة للشيعة الإيرانيين  هو الحضور المشرف للأئمة الذين نشعر في ظلهم المبارك بالسلام الروحي في بلادنا!

تذكرت دون وعي عيد ميلاد ابن الرضا (ع) في التقويم القمري الإيراني، وتذكرت قبة السلطان طوس الذهبية في ذهني، وحلقت حمامة قلبي المضطربة في هواء “مدخل “باب الجواد” وهمست: “السلام عليك من بعيد”!

ومن شروط الإنصاف أن أقول إنه للحظة أمام نافذته الفولادية لم يستبدلها بكل هذه المباني الفخمة والمغرية، ورغم كل هذا فأنا فخور بأنني إيراني و في ظل حب أهل البیت (س)!

تتبادر إلى ذهني جملة من ابن بطوطة حیث قال: السفر أولاً يمنعك من الصمت ثم يجعلك راوياً!

ثارت بداخلي حماسة وأنا فخور بهذا الشرف، أرفع رأسي إلى السماء، فصادف أنني رأيت أمام عیوني الباکیة، الألوان علم وطني ، التي کانت رمز شرف ومجد بلدي  و تكريماً لرمز السلطة دماء الشهداء أقف وأدعي من أعماق قلبي من أجل خلود وطني حتى وصولنا  بعصر المجيء الموعود!