عديلة هاشم.. محامية جنوب أفريقية رافعت عن غزة وأحرجت إسرائيل

محامية جنوب أفريقية وحقوقية وناشطة في الدفاع عن قضايا المهمشين وحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية، عرفت بتعاطفها مع القضية الفلسطينية ونشاطها في رفض الاستيطان وفي الفعاليات الرافضة لممارسات الاحتلال الإسرائيلي عموما. ولدت عام 1972 وتقول بعض الروايات إنها من أصول يمنية.

ذاعت شهرتها وملأت العالم حينما ظهرت على شاشات التلفزيون في ۱۱ يناير/كانون الثاني ۲۰۲۴ ممثلة لجنوب أفريقيا ضمن فريق قانوني في مرافعة أثناء جلسات الاستماع أمام محكمة العدل الدولية لإدانة إسرائيل بتهم ارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين واستخدام أسلحة محرمة دوليا في حربها على غزة، التي بدأت في أوائل أكتوبر/تشرين الأول ۲۰۲۳٫

المولد والمسار التعليمي

ولدت عديلة هاشم في ۱۴ يناير/كانون الثاني ۱۹۷۲ في دربن شرقي جنوب أفريقيا، وحصلت على البكالوريوس في القانون من جامعة ناتال عام ۱۹۹۵، لتصبح عضوا في نقابة المحامين ببلادها عام ۱۹۹۶ ثم عضوا في نقابة المحامين بجوهانسبرغ عام ۲۰۰۳٫

حصلت على ماجستير الحقوق من جامعة درو بولاية نيوجيرسي بالولايات المتحدة الأميركية عام ۱۹۹۹، وعلى ماجستير القانون من جامعة سانت لويس بولاية ميسوري الأميركية أيضا، ثم على درجة الدكتوراه من جامعة نوتردام بولاية إنديانا الأميركية عام ۲۰۰۶٫

وفي الثالث عشر من يناير نشرت جريدة المشهد اليمني نقلا عن الدكتور عبد الحكيم المشرقي أن عديلة هاشم تعود إلى أصول يمنية وتنحدر جذورها من منطقة المشارقة بمحافظة تعز، وأن اسمها الكامل هو عديلة هاشم علي محمد المشرقي، وأن جدها عليا انتقل من عدن إلى بريطانيا ومنها إلى جنوب أفريقيا.

Adila Hassim, advocate of South Africa's high court, South African legal adviser John Dugard and Max du Plessis stand in the International Court of Justice (ICJ) as judges hear a request for emergency measures by South Africa to order Israel to stop its military actions in Gaza, in The Hague, Netherlands January 12, 2024. REUTERS/Thilo Schmuelgen
المحامية عديلة هاشم في محكمة العدل الدولية حيث قدمت مرافعة ضد إسرائيل يوم ۱۱ يناير/كانون الثاني ۲۰۲۴ (رويترز)

التجربة والنشاط الحقوقي

نشطت عديلة هاشم في الدفاع عن حقوق المهمشين في بلادها، خاصة الحقوق الصحية، فقادت العديد من الحملات القضائية والحقوقية الهامة في هذا المجال، مثل حملة ضمان الوصول إلى الأدوية المضادة لفيروسات “أي آر في” للأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز).

كما شاركت في صياغة عدد من مشاريع القوانين المتعلقة بالرعاية الصحية، مثل قانون الإيدز عام ۲۰۰۷ وقانون الرعاية الصحية في جنوب أفريقيا ما بعد الفصل العنصري عام ۲۰۰۸، وقانون الصحة الوطني عام ۲۰۰۸، إضافة إلى المشاركة في تحرير قسم الصحة ضمن مشروع حقوق الإنسان في بلادها.

واتسع نشاطها الحقوقي ليشمل الدفاع عن حقوق الأطفال الفقراء وحق الحصول على التعليم الجيد لجميع مواطني جنوب أفريقيا، كما كان لها دور كبير في عدد من الدعاوى القضائية الشهيرة، ومنها مأساة “لايف إسيديميني” عام ۲۰۱۶، التي مات فيها ۱۴۰ شخصا بمقاطعة غوتنغ شمال جنوب أفريقيا لأسباب تشمل الجوع ونقص الرعاية الصحية والعلاج في مراكز غير مرخصة.

وبعد جهودها مع فريق من القانونيين اتُخذت إجراءات عقابية بحق المسؤولين الحكوميين المتورطين، وقضت المحاكم بصرف تعويضات للمتضررين.

شاركت عديلة هاشم في تأسيس عدد من المراكز والمنظمات التي تدعم العدالة الاجتماعية، فشاركت في تأسيس “سكشن ۲۷” عام ۲۰۰۲، وهي منظمة للحقوق الاجتماعية والاقتصادية تعنى بتقديم الدعم القانوني للضحايا ونشر الوعي بحقوق الإنسان، وشغلت منصب مديرة المناصرة فيها حتى عام ۲۰۱۷، وفي تأسيس مركز القانون غير الربحي عام ۲۰۱۰، الذي تمحور نشاطه في المجالات المتعلقة بالرعاية الصحية والتعليم للمجتمعات المهمشة.

وفي عام ۲۰۱۸ ترأست لجنة التحقيق في مزاعم الفساد ضد رئيس جنوب أفريقيا السابق جاكوب زوما.

دعمها للقضية الفلسطينية

بدأت عناية عديلة هاشم بالقضية الفلسطينية مبكرا وهي طالبة في الجامعة عام ۱۹۹۴ -حسب روايتها- وذلك مع فاجعة خطيرة في مدينة الخليل بالضفة الغربية، وهي مجزرة الحرم الإبراهيمي، حين أطلق أحد المستوطنين المتطرفين -واسمه باروخ غولدشتاين- النار على المصلين الفلسطينيين أثناء صلاة فجر الخامس عشر من رمضان ۱۴۱۴ هـ، الموافق ۲۵ نوفمبر/تشرين الثاني ۱۹۹۴، مما أدى إلى استشهاد ۲۹ مصليا وجرح ۱۵۰ آخرين، في حادث هز ضمير الإنسانية وخرجت بسببه مظاهرات في عدد من العواصم والمدن الكبرى حول العالم.

بعد المجزرة أغلقت قوات الاحتلال شارع الشهداء المؤدي إلى الحرم الإبراهيمي وكذا المحال التجارية ومكاتب البلدية فيه، وحولت محطة الحافلات المركزية به إلى قاعدة للجيش الإسرائيلي، وفي عام ۲۰۱۴، انضمت عديلة هاشم إلى وفد منظمة “افتحوا شارع الشهداء” من جنوب أفريقيا، في رحلة إلى تل أبيب بهدف الوصول إلى مدينة الخليل.

وقد قادت المنظمة فعاليات سنوية بهذا الشأن بدأت عام ۲۰۱۰ ضد الإجراءات الإسرائيلية بحق شارع الشهداء.

وترى عديلة هاشم أن الفصل العنصري في فلسطين أبشع من الأبارتايد الذي قسم المواطنين في جنوب أفريقيا في ثمانينيات القرن العشرين بحسب لونهم، ومنعت قوانينه غير البيض من حق التصويت والمشاركة الانتخابية، وفصلت مؤسسات الرعاية الحكومية بحيث يتلقى السود أسوأ الخدمات في التعليم والصحة وسائر القطاعات، وضمنت الهيمنة السياسية والاقتصادية للبيض.

ولهذا يلاحظ في المسيرة الحقوقية لعديلة عنايتها بالحقوق التي يحرم منهم الفلسطينيون بسبب الاحتلال الإسرائيلي، والتي حرم منها السود قبلهم بسبب هيمنة البيض في جنوب أفريقيا.

وفد جنوب أفريقيا لمقاضاة إسرائيل

في ۲۹ ديسمبر/كانون الأول ۲۰۲۳ تقدمت جنوب أفريقيا بدعوى من ۸۴ صفحة أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي تتهم إسرائيل بارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وكونت فريقا من أساتذة القانون وأعضاء في منظمات حقوقية ومحامين متخصصين في القانون الدولي وحقوق الإنسان منهم عديلة هاشم.

وفي ۱۱ يناير/كانون الثاني ۲۰۲۴ وقفت الدكتورة عديلة هاشم أمام الحكمة لمدة ۲۵ دقيقة للمرافعة وتقديم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل لاتهام قوات الاحتلال بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في غزة.

الجوائز

حصلت عديلة هاشم على عدد من الجوائز منها:

  • جائزة “حقوق الإنسان” من منظمة العفو الدولية عام ۲۰۰۲٫
  • جائزة “المرأة المتميزة” من حكومة جنوب أفريقيا عام ۲۰۰۵٫
  • جائزة “القانون والعدالة” من مؤسسة “فورد” عام ۲۰۱۰٫

المصدر : الجزيرة