فتاة موريتانية تتصدر نتائج البكالوريا رغم الظروف المعيشية الصعبة

من كوخ صغير متهالك صنعت الفتاة العشرينية فاطمة صمبه اعليوات الحدث في موريتانيا، وحوّلت قريتها المنسية والمرمية بين الرمال وسط ولاية الترارزة، شرق العاصمة نواكشوط، من ضيعة نائية شبه مهجورة إلى قرية مأهولة من كثرة الزائرين المهنئين والصحفيين والمصورين.

ولفتت الفتاة المجتهدة أنظار أساتذتها الذين عملوا على تشجيعها ومساعدتها، لكن الذي صنع الفارق إرادة كل من الأب، وهو من ذوي الهمم، والأم التي تعمل بائعة الكسكس.

الأبوة الملهمة

كانت فاطمة تعيش في قرية تبعد نحو ۱۰ كيلومترات عن المدينة حيث مدرستها، مع أب مقعد وأم ضعيفة تكدح لتعيش وتساعد الزوج والعائلة، وشقيق عصامي يدرِّس أطفال الحي القرآن الكريم. ورغم إعاقة الأب، فإنه ظل مصرا على دعم ابنته من أجل مواصلة دراستها، وكافح ليؤمّن لها تكاليف النقل اليومي إلى المدرسة من عمله بائعا المياه على عربة يجرها حمار.

يقول الأب صمبه، الذي لم يستسلم للإعاقة التي لحقت به جراء حادث قبل سنوات، إنه كان يدفع ۱۲ ألف أوقية (۳۰ دولارا) شهريا لسيارة الأجرة لإيصال ابنته إلى المدرسة، لكن إثر ارتفاع أسعار البنزين مطلع العام الدراسي المنصرم ارتفعت التكلفة، وأصبح يعطيها كل يوم ألف أوقية (أقل من ۳ دولارات)، ۶۰۰ أوقية تكاليف النقل ذهابا وإيابا و۴۰۰ للفطور.

أما الأم، فتقول إنها ربّت ابنتها وحرصت على تعليمها حتى حفظت القرآن الكريم وتخطت مرحلة الابتدائية والإعدادية في ظروف صعبة، وإنها فخورة بهذا النجاح.

موريتانية تصدر نتائج الباكالوريا رغم ظروفها الصعبة
بفضل البيئة المفعمة بالإصرار والعزيمة، استطاعت فاطمة أن تصنع إنجازا شغلت به الرأي العام (الصحافة الموريتانية)

احتفاء بالإنجاز

بفضل هذه البيئة المفعمة بالإصرار والعزيمة، استطاعت فاطمة أن تصنع إنجازا شغلت به الرأي العام في موريتانيا وفتحت به على نفسها وأسرتها آفاقا جديدة قد تغيّر حالهم إلى الأبد، إذ صاروا أولوية لدى المسؤولين بعدما كانوا مهمّشين.

وحين زارتها الجزيرة نت في بيت عمتها المتواضع في أحد أفقر الأحياء بالعاصمة نواكشوط، قالت فاطمة إنها فخورة بهذا النجاح، وعبرت عن رغبتها في استكمال دراستها خارج البلاد في تخصص الترجمة.

واستقبلت وزيرة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة صفية انتهاه في مكتبها بالوزارة عائلة فاطمة، بعدما قطعت مسافة طويلة للوصول إلى نواكشوط. وقدمت للأبوين مليون أوقية (۲۵۰۰ دولار) لتمويل مشروع يدرّ لهما دخلا يساعدهما مستقبلا ويخفف من معاناتهما.

كما قدّمت الوزيرة للفتاة جهاز كمبيوتر محمول (لابتوب) تشجيعا لها، وتعهدت بأنها ستعمل بالتعاون والتنسيق مع القطاع الوصي على ضمان حصولها على منحة دراسية في الخارج في التخصص الذي ترغب فيه.

وفي السياق، تبرع رئيس جالية موريتانية في الكويت للفتاة المتفوّقة بمليون أوقية أخرى، وأعلن متطوعون استعدادهم لتأمين سكن مجهز في العاصمة لأسرة فاطمة إذا انتقلت الأخيرة إليها لمواصلة دراستها في جامعة نواكشوط.

وحصلت الفتاة على تكريم آخر من الدكتور الحاج إبراهيم الذي منحها مكتبة إلكترونية كاملة مكتوبة وصوتية بالعربية والإنجليزية، ولوحا إلكترونيا “آيباد” (iPad) و۴۰ رواية ورقية عربية وإنجليزية.

المصدر : الجزيرة