اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
تقع مدينة النهروان في الاتجاه الشمالي الشرقي على أطراف العاصمة بغداد، وتحديداً على بعد ۳۵ كم من مركز العاصمة. وبحسب وزارة البيئة، فإن منطقة النهروان تحوي أكثر من ۳۶۰ معملاً لإنتاج مادة الطوب.
سنكشف من خلال هذا التحقيق، التلوث البيئي الناتج عن استخدام معامل طابوق النهروان لمخلفات الوقود والنفط الأسود، وتأثيره على النساء العاملات في تلك المعامل، ومدى التزام العراق بالاتفاقيات الدولية الخاصة بالحد من انبعاثات الغازات الدفيئة.
تصوير جوّي يبيّن حجم الدخان والغبار الصاعد من فوّهات معامل طابوق النهروان
وسط دخان المعامل وسمومها المنتشرة في كل جانب، تصارع خالدة عتيوي (۵۱ عاماً)، مرضها المزمن (التهاب الجهاز التنفسي المزمن أو ما يُعرف بالربو في العراق)، بواسطة أجهزة التنفس الاصطناعي (بخاخ الأوكسجين اليدوي)، والعلاجات الموسعة للجهاز التنفسي، بعد أن قضت عشرين عاماً في العمل داخل معامل الطابوق.
قبل عملها في معامل النهروان، كانت خالدة عتيوي تعيش مع عائلتها في الريف الجنوبي التابع لمحافظة الديوانية (۱۸۱ كم جنوب العاصمة بغداد)، وتعتاش على الزراعة وتربية الحيوانات. لكنها اضطرت وعائلتها إلى الهجرة بحثاً عن مصدر رزق جديد بعد أن ضرب الجفاف وشحّ المياه مناطقهم، وأصابا أراضيها بالتصحّر.
وثائق تثبت اصابة ام حيدر بأمراض الجهاز التنفسي
رصيف۲۲ رحم المحادثات الصعبة. لكن لا شيء سيتغير إذا تحدثنا في ما بيننا فقط. نحن لا نساوم أبداً على قيمنا، لكننا نعتقد أن أفضل طريقة لنشر هذه القيم هي أن نُظهر للناس كيف يمكن للاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حيواتهم/ نّ.
ليست خالدة، الضحية الوحيدة التي ذاقت مرارة سموم الملوثات، جرّاء استخدام مخلفات النفط من قبل أصحاب معامل مجمع طابوق النهروان، إذ يعتمد جلّ أصحاب المعامل على النساء للعمل في المعامل لتدنّي أجورهنّ، مقارنةً بالرجال.
تقول أحلام جاسم، التي تعمل هناك هي الأخرى، إن خضوعها لعمليات ثلاث لم يكن كافياً لشفائها من إصابتها بالفشل الكلوي الذي ألمَّ بها نتيجة الاستنشاق اليومي للدخان والغبار خلال عملها في معامل النهرو.
داخل سكن بدائي تم بناؤه من الطين بين تلك المعامل التي تسببت في مرضها، تعيش أحلام مع زوجها وأطفالها الثلاثة وتكافح من أجل الحياة، في مكان تختفي فيه أبسط مقومات الحياة السليمة. كما تغيب ملامح البيئة الصحية ليصيب اليأس أحلام وعائلتها بعد أن تعايشت مع المرض وسط عدم قدرتها على دفع تكاليف العلاج، فما تجنيه من العمل في المعامل -مجبرةً- بالكاد يكفيها لسد رمق عائلتها، لذا تقضي ساعات طويلةً في العمل بين أتربة تلك المعامل ودخانها، دون أي ضمان للعمل أو ضمان صحي كما تقول، وهو ما يتنافى مع القانون العراقي الخاص بعمالة النساء والذي سنتطرق إليه ضمن التحقيق.
خلال زيارتنا الميدانية لمعامل النهروان، التقينا بالكثير من المتضررات والضحايا من النساء، جرّاء سنوات العمل الطويلة والاستنشاق المستمر للدخان والغبار. انتهى المصير بمليحة عواد (۴۲ عاماً)، إلى أن تكون مقعدةً ووحيدةً في غرفة بسيطة، بعد أن تفاقمت حالتها المستعصية مع مرور الوقت. أخبرها الطبيب بضرورة بتر جزء من قدمها بعد أن بدأ سرطان الجلد ينهش فيها، ويتفاقم وضعها الصحي يوماً بعد آخر. تعيش مليحة وحيدةً مع مصيرها المجهول، ولا يتفقدها أحد سوى أخيها صباح كل يوم، وفي المساء، لتلبية جزء من احتياجاتها الحياتية البسيطة. ترمي وأخوها باللوم على عملها لسنوات طويلة في تلك المعامل يبن دخانها وغبارها، ودرجة الحرارة المرتفعة التي أودت بها إلى هذا الحال دون معين أو كفيل. وهو المصير الذي تواجهه غالبية النساء هناك.
ينص القانون العراقي، في المادة ۸۵ من قانون العمل المرقم ۳۷، لسنة ۲۰۱۵، والمنشور في جريدة “الوقائع” العراقية، على حظر تشغيل المرأة العاملة في الأعمال المرهقة أو المضرّة بالصحة. وهذا ما لا نجده داخل مجمع طابوق النهروان، إذ تعمل النساء منذ الساعة السادسة صباحاً، وحتى السادسة مساءً، تحت أشعة الشمس التي تتخطى الـ۵۰ درجة مئوية في العراق، بالإضافة إلى الأجواء التي تسودها السموم والدخان الناتج عن احتراق مخلفات الوقود لإتمام عملية تحويل الرمال إلى طوب.
ووفقاً للمحامي أكرم حسين عداي، فإن ما يحدث في معامل طابوق النهروان يعارض قانون العمل العراقي، كونه من الأعمال المرهقة للمرأة، والتي تسبب الضرر على صحة المرأة، كما أن كثرة ساعات العمل داخل المعامل يتعارض أيضاً مع المادة ۶۷ من قانون العمل، التي تنص على أن لا تتعدى ساعات العمل أكثر من ثماني ساعات.
ترى بعض الناشطات أن ما يحدث لنساء المعامل، ما هو سوى امتداد لما عانته وتعانيه المرأة العراقية على مرّ التاريخ. أحرار الزلزلي، وهي صحافية مهتمة بقضايا المرأة ورئيسة منظمة معنية بحقوق الإنسان، تقول إن النساء العراقيات يعانين وعلى مر التاريخ وفي مختلف المحافظات العراقية، لكن ما تعانيه النساء العاملات في مجمع النهروان هو أشبه بالموت البطيء، نتيجةً لاستنشاقهنّ السموم وعدم توافر أي من المستلزمات الصحية أو الخدمات الأخرى، وهو ما يستدعي تدخلاً فورياً وعاجلاً من الجهات المختصة والمنظمات التي تهتم بقضايا حقوق المرأة.
تجد الزلزلي أنه ليس من المعقول أن تعمل نساء في أعمار مختلفة، في أعمال مرهقة بدنياً تسبب لهن أمراضاً صحيةً ونفسيةً، منها أمراض تظهر أعراضها بشكل سريع مثل أمراض الجهاز التنفسي، وأمراض أخرى تظهر أعراضها ومضارّها مع مرور الزمن، مثل أمراض السرطان والأمراض المزمنة بالإضافة إلى الأمراض التي تؤثر على صحة الجنين عند الولادة.
تختم الزلزلي كلامها بوصف ما يحدث لهؤلاء النساء، بأنه انتهاك صارخ لحقوق المرأة والإنسان، وهو جريمة تساق فيها الضحايا إلى مسلخ السموم للعمل من أجل لقمة العيش دون تدخل الجهات المختصة لإنقاذهن من مصير محتوم، وهو الموت البطيء.
وفقاً لمجلة “بيئتنا العربية” المختصة بمجال البيئة، في عددها ۲۲۱، الذي يسلّط الضوء على دور الوقود الأحفوري، فإنه يتسبب في تلوث كبير عند احتراقه.
وتشير المجلة إلى أن الملوثات الناتجة عن احتراق الوقود التقليدية والنفط الأسود في المصانع والمعامل (معامل الطابوق والإسفلت)، تسهم في تدمير الأرض وتنتج ملوثات منها ثاني أوكسيد الكاربون CO2 CO، وأيضاً الجُسيمات العالقة في الهواء (ثاني أوكسيد الكبريت CO2، وأوكسيد النيتروجين NO بالإضافة إلى الأوزون O3).
ما جاء في المجلة البيئية يتوافق مع كلام المختص بالشؤون البيئية والهندسية، محمد أحمد نجم الدين (ماجستير هندسة بيئية وباحث بيئي)، الذي يوضح لنا أن ملوثات الهواء تعتمد على نوع الوقود المستخدم بالشكل الأساسي، ويُعدّ النفط الأسود من أردأ أنواع الوقود لما يحتويه من مركبات الكبريت وأكاسيد الكبريت والنيتروجين والدقائق العالقة المصاحبة لعملية الاحتراق، والتي تُعدّ من أخطر ملوثات الهواء، وهو يؤثر بصورة مباشرة ويسبب أمراضاً مختلفةً للعاملين بنسبة أكبر عن سكان المناطق الأخرى.
تقول منظمات بيئية إنها أرسلت ما رصدته من انتهاكات وشكاوى ضحايا تضرروا جرّاء تلك الخروقات البيئية إلى وزارة البيئة والشرطة البيئية، لكن لم يروا حتى اليوم إجراءً للحد من حدوث تلك الأمور.
وحول هذا يبيّن قتيبة جواد كاظم، العضو في منظمة “تواصل”، ومدير مشروع “المنصة البيئية” الذي يختص برصد الانتهاكات البيئية، ورود الكثير من شكاوى المواطنين التي تخص معاناة سكان المنطقة جرّاء استخدام معامل طابوق النهروان للوقود (النفط الأسود، ومخلّفات الوقود).
ويضيف جواد: “نحن بدورنا كجهة رقابية على الانتهاكات البيئية، أرسلنا الرصد وتقارير البيئية مع طلبات الشكاوى للمواطنين من منطقة النهروان التي تخص استخدام المعامل للوقود التقليدية الثقيلة إلى وزارة البيئة/ قسم شؤون المواطنين، وأيضاً إلى قسم الشرطة البيئية، ولدينا مساعٍ للتواصل مع جهات أخرى تُعنى بالواقع البيئي، لكن المشكلة قائمة حتى اليوم.
سعياً إلى التحقق علمياً مما جاء من شهادات وشكاوى حول حجم التلوث البيئي الموجود في منطقة النهروان، جرّاء دخان معامل الطابق، وبرغم المصاعب والمخاطر التي تنتظرنا هناك بوجود أصحاب المعامل وغياب تواجد الأجهزة الرقابية، تواصلنا مع أحد الخبراء المختصين بالبحوث البيئية، وهو حسين جبار أستاذ هندسة البيئة في جامعة بغداد، وعرضنا عليه ما توصلنا إليه من حقائق، وبالاتفاق معه تم وضع خطة عمل لإجراء كشف علمي متخصص يبيّن حجم الملوثات الناتجة عن استخدام مخلّفات الوقود والنفط الأسود داخل مجمع طابوق النهروان.
تم تحديد ست نقاط للقياس على الخرائط بصورة علمية، ومعرفة ساعات العمل والإحراق لأصحاب معامل طابوق النهروان، باستخدام أجهزة حديثة لقياس جودة الهواء هناك وحجم التلوث فيها.
أجهزة لقياس جودة الهواء
ووفقاً لما تم تحديده على الخرائط من نقاط لجمع عيّنات الهواء بشكل ميداني، تم الانطلاق منذ ساعات الصباح الأولى.
أظهرت نتائج قياسات أجهزة الكشف الميداني الخاصة بقياس جودة الهواء والأجسام المصاحبة للدخان نسب أرقام صادمةً قياساً إلى النسب المحددة محلياً وعالمياً، ومقارنةً مع المناطق التي تبعد عن شُعلات معامل طابوق النهروان، الأمر الذي يثبت صحة فرضيتها والمعلومات التي حصلنا عليها مسبقاً كما تُظهر الرسومات التالية.
تكشف النتائج التي توصلنا إليها أن انتشار التلوث الناجم عن دخان تلك المعامل لا يقتصر على المنطقة المحيطة بتلك المعامل، بل ينتشر ليشكل كتلةً ملوثةً تحيط بمنطقة النهروان السكنية بأكملها.
مما يجعل جميع السكان عرضةً للأمراض واستنشاق السموم والدخان المصاحب لاحتراق الوقود التقليدية ومخلّفات الوقود.
ينتشر دخان معامل الطابوق فوق سماء النهروان، فينشر معه الأمراض التي لم ترحم صغيراً أو كبيراً من تأثيراتها. ينظر عدنان كامل (۴۴ عاماً)، بحسرة وألم إلى ابنته فاطمة ذات الـ۱۶ عاماً، والتي تعاني من عوق ولادي أجبرها على الحرمان من الدراسة والانعزال عن الحياة، ويروي حكايته مع دخان المعامل التي بدأت قبل عشرين عاماً عند سكنه في منزل بسيط بين المعامل لقربه من مكان عمله فيها. يقول: “منذ ذلك الحين لم نحصل من جرّاء استنشاق دخان تلك المعامل إلا على الأمراض”، وهو الآخر يعاني من أمراض ضيق التنفس، موضحاً أن ما يحصل عليه من عمله في تلك المعامل، ينفقه على علاج ابنته التي تعاني إلى جنب العوق الولادي، من مشكلات ضيق التنفس وتشوّه صمام القلب.
لم يتبقَّ من سبيل لعدنان وعائلته سوى الذهاب إلى مضمّد طبي في المنطقة يمارس مهنة الطب داخل غرفة بدائية، والحصول على بعض الأدوية رخيصة الثمن ليندب حظه على ما أصابه من أمراض لم تكن لتصيبه لولا سكناه في تلك المنطقة بحثاً عن لقمة العيش.
الطفلة فاطمة عدنان
تؤكد دراسات علمية وبحثية عدة، أن استخدام النفط الأسود والأبخرة الناجمة عن حرقه، هو السبب الرئيس لتلوث الهواء وانتشار السموم والأمراض في النهروان، ووفق دراسة علمية أعدّها أحمد سمير ناجي، من جامعة المثنّى، الدخان الناتج عن حرق النفط الأسود ومخلفات الوقود أهم أسباب تلوث الهواء في النهروان، والسبب الرئيس في انتشار السموم والأمراض بين أهلها.
أقرّ مجلس الوزراء العراقي في ۲۰۲۱، وثيقة الإسهامات المحددة وطنياً لجمهورية العراق بشأن تغيّر المناخ، والتي تنص على انضمام العراق إلى اتفاقية باريس للمناخ.
وتنص اتفاقية باريس وفقاً للأمم المتحدة: “تبنّت ۱۹۷ دولةً اتفاق باريس في مؤتمر الأطراف ۲۱ في باريس، في ۱۲ كانون الأول/ ديسمبر ۲۰۱۵٫ دخل الاتفاق حيّز التنفيذ بعد أقل من عام، ويهدف إلى الحد بشكلٍ كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية والحدّ من زيادة درجة الحرارة العالمية في هذا القرن إلى درجتين مئويتين مع السعي إلى الحد من الزيادة إلى ۱٫۵ درجات”.
وبحسب وثيقة الإسهامات المحددة التي أُعدّت وفقاً لمتطلبات الاتفاقية الإطارية للمناخ واتفاقية باريس للمناخ، يطمح العراق إلى تنفيذ مساهماته المحددة وطنياً للفترة الزمنية من ۲۰۲۱ لغاية ۲۰۳۰، وإلى تحقيق خفض متوقع بين ۱% و۲% من مجمل الانبعاثات وفقاً للجرد الوطني للغازات الدفيئة بالجهد الوطني، و۱۵% عند توفر الدعم الدولي المالي والفني وتحقيق الأمن والسلام، وفقاً للمسارات والتوجهات التي حُددت في هذه الوثيقة، وبما يضمن تحقيق المنافع المشتركة لتمكين قطاعاته الهشة من التكيف مع الآثار الضارة لتغير المناخ، وبعد أن يتمتع شعبه بتوفير الطاقة الكهربائية ولمدة ۲۴ ساعةً في اليوم أسوةً بشعوب العالم.
وفي ما يخص الجانب الصناعي وخفض نسبة الانبعاثات الناتجة عن الصناعات، ومنها صناعة العراق، تبنّى العراق وفقاً للاتفاقية في المجال الصناعي خفض نسبة الانبعاثات من خلال إدخال عمليات التطوير والتأهيل للصناعات القائمة.
وهذا ما لم نجده في مجمع طابوق النهروان لإنتاج الطابوق من خلال ما توصلنا إليه من المعلومات والأدلة الخاصة بارتفاع نسبة التلوث بنسب كبيرة قياساً مع النسب المحلية والعالمية.
لا ينفي بعض أصحاب معامل الطابوق في النهروان ما توصلنا إليه من حجم التلوث الذي تتسبب فيه معاملهم، نتيجة استخدامها النفط الأسود ومخلفات الوقود. الناطق باسم رابطة أصحاب معامل الطابوق، صفاء عبد الواحد، صاحب أحد تلك المعامل، يشير إلى أنهم مضطرون إلى استخدام ذلك الوقود نتيجة غياب الدعم الحكومي والجهات المعنية، مؤكداً أن رخص سعر النفط الأسود يجبرهم على استخدامه في انتظار تقديم دعم حكومي أسوةً بباقي بلدان العالم للصناعيين من أجل تطوير معاملهم وجعلها تعمل على أنواع وقود مختلفة، مؤكداً أن تلك العملية مكلفة، وتحتاج إلى الدعم الحكومي من أجل إنجازها، بالإضافة إلى ضرورة تقديم الوقود البديل بسعر مدعوم لاستمرار عمل تلك المصانع وما تقدّمه من خدمة لكل أبناء بغداد بتوفير مواد البناء.
وعند سؤاله عن ترك استخدام النفط الأسود ومخلّفات الوقود يجيب: “حين يتوفر البديل عن النفط الأسود سنحول معاملنا إلى معامل صديقة للبيئة”.
تقاطع الجهات المسؤولة يزيد من حجم المشكلة
يُحمّل معاون مدير عام دائرة التنمية الصناعية في وزارة الصناعة، محمد حميد عبد المجيد، وهي الدائرة المسؤولة عن منح التراخيص ومتابعة عمل تلك المعامل، وزارة البيئة المسؤولية لتخلّيها عن دورها في متابعة المعامل لتكون صديقةً للبيئة من جهة، ووزارة النفط لعدم توفير بديل عن النفط الأسود من جهة أخرى.
ويضيف أنه من الواجب على الوزارتين أن تقيما ندوات تثقيفيةً مع وزارة النفط لتحويل المعامل إلى معامل صديقة للبيئة.
بينما تفنّد الدكتورة رغد أسد العبيدي، المديرة في وزارة البيئة، أقوال دائرة التنمية الصناعية، وتقول: “إن دور وزارة البيئة رقابي، وقد تواصلنا مع وزارة الصناعة-دائرة التنمية الصناعية، بخصوص تزويد المعامل بآليات حرق حديثة، ولكنها لم تزوّد المعامل بها، فآليات الحرق في المعامل لا تحتوي على فلاتر لغرض تقليل الانبعاثات”.
وتؤكد العبيدي أن الأراضي ملوثة أيضاً، وغير صالحة للزراعة، الأمر الذي دفع وزارة البيئة لمطالبة وزارة الزراعة بإيجاد حلول لغرض تغطية الأراضي المحيطة بالنباتات.
وتسرد العبيدي أن البيئة طالبت وزارة النفط أيضاً، بتوفير وقود لأصحاب المعامل تكون نسبته من الكبريت منخفضةً لغرض التقليل من الانبعاثات، ولكن لم يرد جواب من وزارة النفط بحسب قولها.
تزيد التقاطعات وتبادل الاتهامات بين الجهات الحكومية المسؤولة، من تعقيد مشهد التلوث في منطقة النهروان، برغم اعتراف كل الجهات بصحة ما توصلنا إليه من ملوثات ناجمة عن استخدام النفط الأسود ومخلفات الوقود في عمل معامل الطابوق. وبرغم هذا تكتفي وزارة البيئة، وفق تصريحات المتحدث باسمها أمير الحسون، بتوجيه إنذارات إلى أصحاب المعامل المخالفة والمتمثلة في وجود انبعاثات غازية كثيفة ناتجة عن استخدام النفط الأسود، وعدم إحاطة المعمل بأشجار دائمة الخضرة واستخدام الطرائق القديمة في الإنتاج.
لكن تلك الإنذارات لن تعيد لنساء المعامل صحتهن التي سُلبت تحت سماء دخان معامل الطابوق، حتى انتهى الأمر بالكثير منهن داخل سقف مهترئ في غرفة من الطين يواجهن فيها أمراضاً مستعصيةً، ويعشن مراحل الموت البطيء، كما يقول بعض الناشطين.
المصدر : رصیف ۲۲