قيود جديدة تفرضها طالبان تُفاقم معاناة النساء في أفغانستان

تشهد أفغانستان تحت حكم طالبان تراجعًا مُقلقًا في حقوق النساء، حيث تُفرض عليهن قيود صارمة تُقيّد حركتهن وعملهن وتعليمهن.

قثيود غير محتملة

تُجبر النساء على ارتداء البرقع، ويُمنعن من العمل في معظم الوظائف، ويُحرم العديد منهن من التعليم.

وقالت منظمة أطباء بلا حدود إن “سلطات طالبان في أفغانستان أمرت المريضات ومقدمات الرعاية والموظفين بارتداء البرقع، وهو غطاء رأس إسلامي كامل، لدخول المستشفيات والمرافق الصحية العامة في مدينة هرات بغرب البلاد.”

وأضافت المنظمة أن القيود دخلت حيز التنفيذ اعتبارا من الخامس من نوفمبر الجاري.

وصرحت سارة شاتو، مديرة برنامج الوكالة في أفغانستان، لبي بي سي بأن القيود تُعيق حياة النساء أكثر وتُحدّ من حصولهن على الرعاية الصحية، مشيرة إلى أن هذه القيود طالت حتى أولئك اللاتي يحتجن إلى رعاية طبية عاجلة.

سلطات طالبان في أفغانستان أمرت المريضات ومقدمات الرعاية والموظفين، وحتى اللاتي يحتجن إلى رعاية طبية، بارتداء البرقع لدخول المستشفيات

وقيدت حركة طالبان حصول المرأة الأفغانية على العمل والسفر والرعاية الصحية إذا كانت غير متزوجة أو ليس لديها ولي أمر.

ووفقاً لتقرير جديد للأمم المتحدة، نصح مسؤولون من وزارة الرذيلة والفضيلة المرأة بالزواج، إذا أرادت الاحتفاظ بوظيفتها في منشأة للرعاية الصحية، قائلين إنه من غير المناسب أن تعمل امرأة غير متزوجة.

ومنعت الحركة النساء من معظم مجالات الحياة العامة، ومنعت الفتيات من الذهاب إلى المدرسة بعد الصف السادس، كجزء من الإجراءات القاسية التي فرضتها بعد توليها السلطة في عام ۲۰۲۱، على الرغم من وعودها في البداية بحكم أكثر اعتدالاً.

كما قامت حركة طالبان بإغلاق صالونات التجميل، وبدأت في فرض قواعد اللباس، واعتقلت النساء اللواتي لا يلتزمن بارتداء الحجاب. وفي مايو ۲۰۲۲ أصدرت الحركة مرسوماً يدعو النساء إلى إظهار أعينهن فقط، ويوصيهن بارتداء البرقع من الرأس إلى أخمص القدمين، على غرار القيود التي فرضت خلال حكم طالبان السابق بين عامي ۱۹۹۶ و۲۰۰۱٫

وفي تقريرها ربع السنوي الذي يغطي الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر من العام الماضي، قالت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان، إن “طالبان تقوم بقمع النساء الأفغانيات العازبات، أو اللواتي ليس لديهن ولي أمر أو محرم يرافقهن.”

ولا توجد قوانين رسمية بشأن ولاية الرجل في أفغانستان؛ لكن حركة طالبان قالت إن المرأة لا يمكنها التنقل أو السفر لمسافة معينة من دون رجل قريب لها بالدم أو الزواج.

وتم اعتقال ۳ عاملات في مجال الرعاية الصحية في أكتوبر الماضي؛ لأنهن كن في طريقهن إلى العمل من دون محرم. وقال التقرير إنه تم إطلاق سراحهن بعد أن وقعت عائلاتهن على ضمان كتابي بعدم تكرار هذا الفعل.

وفي مقاطعة باكتيا منعت وزارة الأمر بالمعروف النساء دون محرم من الوصول إلى المرافق الصحية منذ ديسمبر. وتقوم بزيارة المرافق الصحية في المحافظة للتأكد من الالتزام بهذا.

وتقوم الوزارة، التي تعمل بمثابة شرطة الأخلاق لطالبان، بفرض متطلبات الحجاب والمحرم عندما تزور النساء الأماكن العامة والمكاتب والمعاهد التعليمية، من خلال نقاط وعمليات تفتيش.

وأفادت الأمم المتحدة بأنه في ديسمبر الفارط، في إقليم قندهار، زار مسؤولو الوزارة محطة للحافلات للتأكد من أن النساء لا يسافرن لمسافات طويلة دون محرم، وأصدروا تعليمات لسائقي الحافلات بعدم السماح للنساء بالركوب دون محرم. وكذلك قُبض على نساء بسبب شرائهن وسائل منع الحمل التي لم تحظرها حركة طالبان رسمياً.

وتتصاعد القيود التي تفرضها حركة طالبان على النساء في أفغانستان يوما بعد آخر، وتصدر الحركة قوانين جديدة تتسم بالصرامة وتعكس تراجع الأمل في تحسين أوضاع النساء.

حركة طالبان تقيد حصول المرأة الأفغانية على العمل والسفر والرعاية الصحية إذا كانت غير متزوجة أو ليس لديها ولي أمر

وتشمل هذه القوانين مجموعة من القيود التي تحد من حقوق المرأة في التعليم والعمل والتنقل وتفرض مزيدًا من السيطرة على حياتهن اليومية. وقال مسؤول رفيع المستوى في الأمم المتحدة إن “قرار حركة طالبان بحظر النساء من التحدث في الأماكن العامة وفرض ارتداء النقاب الكامل يكشف عن رؤية مؤلمة لمستقبل أفغانستان.” وأضاف أن هذا الحظر يمثل انتكاسة كبيرة لحقوق المرأة ويعمق الأزمات الإنسانية في البلاد.

وكانت أوتونباييفا، رئيسة بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان، قد وصفت هذه التشريعات بأنها تزيد القيود غير المحتملة المفروضة على حقوق النساء والفتيات في أفغانستان، مشيرةً إلى أنه “حتى صوت الأنثى أصبح يُعتبر انتهاكاً أخلاقيا إذا سُمع في الخارج.”

وكانت حركة طالبان قد أعلنت عن مجموعة من القوانين التي تستهدف تنظيم السلوك الشخصي وتعزيز الفضيلة، تشمل إلزام النساء بإخفاء وجوههن وأجسادهن وأصواتهن في الأماكن العامة. كما تخول هذه القوانين لوزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض العقوبات على المخالفين التي تتراوح بين الإنذارات والاعتقال.

وفي تعليقها قالت أوتونباييفا “في ظل العقود الطويلة من النزاع والأزمة الإنسانية، يستحق الشعب الأفغاني أكثر من مجرد التهديد بالسجن بسبب تأخره عن الصلاة أو نظرة إلى شخص من الجنس الآخر أو حتى امتلاك صورة لأحد أفراد الأسرة.”

وفي يوليو الفارط اعتقلت سلطات طالبان العديد من السيدات لعدم الانصياع لقواعد اللباس الشرعي. وصرح شهود عيان برؤية طواقم من وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تجوب مناطق مكتظة بالعاصمة الأفغانية وقامت باعتقال سيدات.

ومنذ عودة طالبان إلى الحكم عام ۲۰۲۱، فرضت تفسيرا متصلبا للشريعة، يتضمن إجبار السيدات على تغطية أبدانهن بالكامل.

العرب