رمضان شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار اقترب هلاله، فأهلًا به بعد طول انتظار. كأم وامرأة تسكن في القدس العتيقة، لرمضان وأجواؤه وقع خاص على قلبي وقلوب المسلمين في هذه المدينة الأسيرة، فنحن ننتظره بشوق من العام للعام فهو الذي يبهج هذه المدينة الأسيرة ويضفي الحياة والبهجة  عليها وخصوصًا في ساعات المساء.

من مطحنة الحياة لـ “طمأنينة القلب

هذه المدينة التي تقفل كل محالها قبل وقت الغروب كل عام، لتصبح وحيدة ومقهورة  وكئيبة تمتلئ بالأضواء والبسطات  وتنبض بالحياة وتزهو أزقتها بالازدحام  في هذا الشهر المبارك، فكل الأزقة تضاء فيه بأبهى الأنوار. والحرم القدسي  يصدح بالتكبير لصلاة التراويح، ويفتح أبوابه للجموع التي  تتوافد لتحظى بصلاة التراويح في الساحات الممتدة على مد بصرك هناك. 

وتتلألأ قبته الذهبية مبتهجة بجموع الوافدين الذين يقصدونه من كل حدب وصوب، فتزدهر المدينة وتمتلئ بالناس وتصبح مكتظة بجموع المسلمين حتى ساعات متأخرة من الليل،  وهذا ما يضفي الطمأنينة والسكينة على قلوبنا المقهورة من سجان هذه المدينة الذي يشعرنا في كل مرة أنه استحوذ عليها  وحده.

تطول قائمة المهمات علينا كنساء  في شهر رمضان  المبارك ما قد يعرقلنا من أداء عباداتنا بالشكل الذي نريد، فكرت ببعض النصائح التي أود مشاركتها معكن، وأتمنى أن تفيدكن لاستغلال هذا الشهر المبارك بالطاعات: 

۱- عوّدي عائلتك على وجود نوع واحد من الطعام على سفرة الإفطار “طبخة واحدة”، إضافة إلى نوع واحد من الشوربة فقط، فالعبرة ليست بكثرة الأصناف ولا بهرجة الموائد.

۲- توزيع المهمات: عند انتهاء الطعام وقبله فليكن لكل فرد بالأسرة دور معين يقوم به باستمرار كل يوم من باب التعاون، وتخفيف الأعباء عن الأمهات كأن يحضر زوجك المائدة والعصير مثلًا، أما ابنك الكبير فمهمته  ترتيب الأطباق في غسالة الصحون أما الصغير يرتب التمر  ويملئ  ما تبقى من الطعام  في علب الطعام وهكذا.

 3 – اصطحبي أولادك إلى صلاة التراويح دائمًا إن كانت أعمارهم مناسبة لذلك ويمكن ذلك من عمر ۳سنوات، وعلميهم كيفية الالتزام بالطاعات وضرورة الحفاظ على صلاة التراويح في المسجد واحترام الأذان والخشوع .(الذكور مع والدهم والإناث مع أمهم).

۴- اصنعي ركنا خاصا للصلاة والقرٱن في منزلك  حتى لو كان زاوية صغيرة وضيقة،  ورتبي ملابس الصلاة فيه وعطريها باستمرار . واحرصي على أداء الصلوات فيه بشكل جماعي.

۵_ استيقظي قبل وقت السحور بربع ساعة أو أكثر قليلًا، وحاولي الحفاظ ولو على ركعتين في جوف الليل لك بشكل خاص في جو هادئ. وابتهلي لله بكل الأدعية التي أثقلت صدرك المنهك.

استعيني بالله ولا تعجزي

۶- قومي بوضع قائمة بالطعام الذي تودين طهوه على شكل جدول  قبل رمضان  بالاتفاق مع أولادك وزوجك وعلقيها على الثلاجة، وحضري المشتريات كلها في بداية كل  أسبوع .

۷- استغلي وقت التنظيف والطبخ بالذكر والتهليل والتكبير بصوت عال واحرصي أن يردد أولادك خلفك ليعتادوا على الذكر. وأخبريهم عن الأجر المضاعف للطاعات في رمضان.

۸- قومي بعمل منافسة للتلاوة والحفظ ولو آية واحدة حفظًا وتفسيرًا  ونظمي على ورق قبل رمضان أسئلة  دينية وأنشطة فيها ذكر وعبادة كل ليلة لتشجيع أولادك على الطاعات.

۹- قومي بعمل تعزيل شامل وترتيب جيد للبيت  وللمطبخ قبل رمضان، لتستقبليه بنفسية هادئة مرتاحة  وبمهمات أقل.

۱۰- نامي جيدًا وحاولي ألا تنامي إلا بعد عمل ترتيب سريع للبيت حتى يبقى دائمًا بحالة جيدة.

۱۱-  تقنين وقت الشاشات ومتابعة المسلسلات وإلغائها إن أمكن فعقولنا تستهدف في هذا الشهر الفضيل ووسائل الإلهاء والمشتتات عن الطاعات والعبادة كثيرة ..تذكرن يا غاليات هذه المسلسلات  تعاد  بعد رمضان وهي متاحة في كل وقت، أما سويعات رمضان محدودة وعداد الحسنات فيه مضاعف فاغتنمن أوقاتكن بالطاعات.

تذكري أن رمضان ليس مجرد شهر يمر بين الشهور، بل هو نفحة من رحمات الله، وكنز ثمين لا يدوم طويلًا. أيامه معدودة، ولياليه سريعة الانقضاء، فإذا غفلنا عنه تسلل من بين أيدينا كما يتسلل الماء من بين الأصابع. في هذا الشهر، تُفتح أبواب الجنة، وتُغلق أبواب النار، وتُصفّد الشياطين، فأي فرصة أعظم من هذه للتقرب إلى الله ومحو الذنوب؟!

من أدرك رمضان ولم يغتنمه، فقد ضيّع كنزًا لا يُعوّض. فليكن صيامنا أكثر من مجرد امتناع عن الطعام، وبعده إقبال على عديد الحلويات والأطعمة والموائد الزاخرة بالأصناف الكثيرة.  ولتكن صلواتنا خاشعة، وألسنتنا رطبة بالذكر، وقلوبنا عامرة بالقرآن. لنجعل كل لحظة فيه خطوة لنا  نحو الجنة، فما هي إلا أيام معدودة، سرعان ما تنقضي، ويبقى الأثر في صحائف أعمالنا. وكل عام وأنتن إلى الله أقرب.

المصدر: بنفسج