اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
حتى وقت ليس ببعيد، كان الطفل محاطا بالحماية من أفراد عائلته والمقربين منهم، ليس الأب والأم فقط، فالترابط الأسري والعلاقات القوية بين أفراد المجتمع كانت تشكّل شبكة قوية لحماية الطفل، فكان من الصعب أن يقوم الصغير بأي سلوك يعرضه للخطر دون اكتشافه والتدخل في الوقت
المناسب.
ومع تغير الزمن ومعطياته، أصبحت العلاقات بين أفراد العائلة ودوائرهم المقربة أكثر تعقيدا، حيث لا يسمحون لبعضهم بالتدخل في شؤونهم، وذلك بالتزامن مع اقتحام التكنولوجيا كافة مجالات الحياة، فأصبحت الدوائر الاجتماعية أوسع والعلاقات مع الغرباء أسهل، وفي الوقت نفسه تغيرت طبيعة العلاقة بين الآباء والأطفال، مما جعل الأبناء أكثر عرضة للتعامل مع الغرباء دون رقابة، وأصبح الوصول إلى أي مواد غير آمنة أسهل كثيرا، مما يوقع الأهل في حيرة ما بين الالتزام بحرية وخصوصية الطفل وبين التجسس عليه بغرض حمايته، كما تبين مقالة نشرها موقع “بيرنتس سيركل”.
قد لا يستطيع الأهل مقاومة قراءة رسائل الهاتف أو الاطلاع على سجل المكالمات أو البحث عن المواقع الإلكترونية التي يزورها الطفل، في عرف البعض هذا الفعل يسمى تجسسا، غير أن يفعله الأهل نوع من الرقابة الأبوية لحماية أطفالهم، واستعرضت منصة “إي مام” عدة أسباب منطقية تدفع لمراقبة الطفل، أهمها:
۱- اكتشاف الخطر وحماية الطفل في الوقت المناسب: تخيل أن تكتشف أمٌّ أن طفلها معرض للوقوع في الإدمان، أو يتعرض لابتزاز من شخص مسيء، عن طريق مراقبة نشاطه على مواقع التواصل الاجتماعي، هل ستشعر بالامتنان لأنها تمكنت من التدخل وإنقاذ طفلها في الوقت المناسب بفضل مراقبتها له، أم أنها ستتمنى لو كانت حافظت على خصوصيته؟ الإجابة معروفة، أمان الطفل وسلامته فوق أي اعتبار.
۲- الأطفال غير ناضجين: حتى أكثر الأطفال ذكاء لا يتمتع بالنضج، فالنضج يأتي بعد المرور بخبرات وتجارب حياتية تحتاج الكثير من الوقت، لذا لا يتوقع الأهل أن يتعامل الطفل بنضج ومسؤولية مع الحرية الممنوحة له، الطفل يتصرف بوصفه طفلا، مما يستدعي وجود رقابة لحمايته من الوقوع في أخطاء تهدد سلامته وأمانه.
۳- الطفل يحتاج إلى إرشاد: قد يخجل الطفل من توجيه أسئلة محرجة إلى الأب والأم، مما يدفعه للبحث عن إجابات من مصادر غير موثوقة، لذا فمراقبة الأهل تجعلهم على علم بما يحتاج طفلهم إلى معرفته، مما يتيح لهم التدخل بالشكل المناسب وإرشاد الطفل وإمداده بالمعلومات التي يحتاج لتعلمها وليحصل على إجابات صحيحة على تساؤلاته.
مع تقدم الطفل في العمر وصولا لمرحلة ما قبل المراهقة ثم مرحلة المراهقة، يعلن بوضوح عن حاجته إلى مساحة من الخصوصية، وعلى الأهل احترام هذه الخصوصية، على سبيل المثال تحتاج الأم إلى دخول غرفة المراهق لترتيب أغراضه أو البحث عن ملابس تحتاج إلى تنظيف، هنا لا يعد دخول الغرفة اختراقا للخصوصية، بحسب ما يوضح موقع “إمبوريىنغ بيرنتس”.
ولكن إذا بدأت الأم في التفتيش في خزانات وأدراج المراهق، والتحقق من رسائل هاتفه، فإن هذا يعد اختراقا لخصوصية المراهق، وإذا اكتشفه المراهق سيشعر أن الأم لا تثق فيه، وتصبح المشكلة أعمق. إذن، الأمر يحتاج إلى وضع حدود واضحة حتى يعرف المراهق الحدود المسموح للأهل بتجاوزها، وحدوده هو أيضا في الحرية والخصوصية.
يمكن أن يتغير الوضع ويتحول التجسس إلى وسيلة للحماية، عندما تكتشف الأم دليلا يكون بمثابة إنذار بالخطر، سواء كان تغيرا ملحوظا في سلوك المراهق، أو العثور على دليل مادي وسط أغراضه، هنا يكون التدخل واجبا، مع ضرورة إخبار المراهق أن ما تفعله الأم نوع من الرقابة بغرض الحماية، وليس تجسسا بسبب عدم الثقة.
واستعرض موقع “إي مام” الطرق التقليدية لمراقبة الطفل ومتابعة سلوكياته بغرض حمايته، ومن أهمها:
۱- التحقق من الأجهزة الذكية التي يستخدمها الطفل ونشاطه عليها: مثل التحقق من سجل الهاتف، الرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني لمعرفة الأشخاص الذين يتواصل معهم الطفل، وشكل العلاقة معهم، وأيضا التحقق من الصور التي يلتقطها الطفل لنفسه، وإلى من يرسلها.
۲- الاستماع إلى محادثات الطفل مع أشقائه وأقرانه: عندما تتاح الفرصة للاستماع إلى محادثات الطفل مع أشقائه أو أقرانه دون وجود أشخاص بالغين، فإن هذه المحادثات تتسم بقدر كبير من الحرية، يكشف للأهل عن طبيعة أنشطة الطفل وأفكاره.
۳- سؤال المعلمين والمدربين: سؤال المعلمين في المدرسة والمدربين في النادي وأي أشخاص بالغين يتعامل معهم الطفل، يسهم في معرفة سلوك الطفل خارج المنزل بعيدا عن الرقابة المباشرة من أهله.
في عصر الإنترنت يجب متابعة النشاط الإلكتروني للأطفال والمراهقين، وهو ما يمكن تنفيذه عبر تطبيقات ذكية، وتنقسم إلى قسمين:
۱- تطبيقات لمراقبة هاتف الطفل، أهمها:
۲- تطبيقات لمراقبة النشاط الإلكتروني للطفل والتحكم به، أهمها:
نعم، يجب إخبار الطفل أو المراهق بمراقبة الأهل له، أولا حتى يتجنب ارتكاب الأخطاء قدر الإمكان، وثانيا حتى لا تنكسر الثقة بينه وبين الأهل، علاوة على أن متابعته وحمايته واجب على الأهل، وهو ما يحتاج المراهق لإدراكه حتى لو لم يتفق معه.
فمراعاة خصوصية الطفل مهمة من أجل تعزيز ثقته بنفسه وتنمية استقلاليته، ولكن يجب أن يكون الأمر متوازنا بحيث لا يتخلى الأهل عن دورهم في مراقبة وحماية أطفالهم.
المصدر : الجزیرة