منظمة آكشن إيد الدولية : أمهات غزة يكافحن لإطعام أطفالهن مع وصول الجوع الى مستويات كارثية في قطاع غزة

يلجأ بعض سكان قطاع غزة الذين هم في أمس الحاجة لطحن علف الحيوانات لاستخدامه كدقيق، في ظل مواجهة كل فرد من السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة حاليا أزمة أو أسوأ مستويات الجوع، وتلوح المجاعة في جميع أنحاء القطاع، لكن تشتد وطأتها في مناطق شمال قطاع غزة، حيث من الصعب وصول المساعدات اليها.

لا يحصل أي طفل من أطفال غزة البالغ عددهم ۳۳۵,۰۰۰ طفل دون سن الخامسة على ما يكفي من التغذية، وفقاً لبرنامج الغذاء العالمي، الأمر الذي يهدد بإعاقة نموهم والتسبب في مضاعفات صحية مدى الحياة. وفي الوقت نفسه، تعاني بعض الأمهات اللواتي وضعن مؤخرا من سوء التغذية لدرجة أنهن غير قادرات على الرضاعة الطبيعية وإنتاج الحليب لأطفالهن.

بيسان( ۲۹ عاماً) وهي أم لستة أطفال، أنجبت طفلها بعد نزوحها من منزلها شمال قطاع غزة. تتحدث بيسان: أجد صعوبة في إرضاع ابني. لا يوجد حليب، ويستمر في القيء. الأسعار مرتفعة… حتى سعر الحليب ارتفع. تبلغ تكلفة علبة الحليب ۷۰ أو ۸۰ شيكل [۱۴٫۸۲ جنيه إسترليني أو ۱۶٫۹۴ جنيه إسترليني]. لا أستطيع توفير علبة واحدة من الحليب لابني”.

يعمل حاليًا سوى ۱۵ مخبزًا من أصل ۹۷ مخبزًا في غزة، وتقع جميعها في الجنوب: ولا توجد حاليًا أي مخابز عاملة في الشمال. كما تعاني البقالات من ندرة الطعام، كما لا يتوفر الوقود للسكان لإستخدامه في الطهي. يقضي الناس ساعات الإنتظارفي طوابير للحصول على طعام كل يوم، ومع ذلك غالبًا ما يعودون فارغين اليدين.

عبير( ۴۷ عاماً) وهي أم لسبعة أطفال وتعيش حالياً في مخيم للنازحين بعد قصف منزلها. تكافح عبير من أجل إطعام أطفالها. تتحدث عبير لمنظمة آكشن إيد فلسطين : ” ليس لدينا سوى العدس لنأكله. وحتى أنه غير متوفر بكميات كبيرة. بدأ الناس يعانون من الإسهال وآلام المعدة والبطن. لا يمكنك تناول العدس كل يوم في وجبات الإفطار والغداء والعشاء. هؤلاء الأطفال بحاجة إلى الغذاء المناسب. أليس من حقهم الحصول على طعام لائق؟ الموارد نادرة ومكلفة للغاية. أريد أن أصنع لهم سلطة وأطعمهم طعامًا صحيًا. لكنها بالكاد متوفرة. لقد بدأ أطفالي يعانون من سوء التغذية، لأنهم يأكلون نفس الأشياء يوميًا. هناك أيضًا نقص في المياه النظيفة المفلترة. نحن نستخدم نفس المياه للتنظيف والشرب، وهي ليست صالحة للشرب. شرب الماء غير النظيف يسبب التهابات الكلى والمسالك البولية. بل إنه يؤثر على أسناننا. نحن نعاني من آلام الأسنان بسبب الماء” .

هنالك شح في المياه الصالحة للشرب في قطاع غزة. إن معدل كمية المياه التي يحصل عليه الشخص العادي في غزة الآن تترواح فقط بين ۱٫۵ إلى ۲ لتر من الماء يوميًا لتلبية جميع احتياجاته بما في ذلك الشرب والغسيل والتنظيف. ولا يعمل حاليا سوى خط واحد فقط من أنابيب المياه الثلاثة من إسرائيل إلى غزة، وحتى كمية المياه المتاحة في الآبار البلدية – وهي قليلة الملوحة ودون المستوى المطلوب – انخفضت إلى عُشر مستواها قبل ۷ تشرين الأول، وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

سهيلة، وهي أم نزحت عدة مرات وتقيم الآن في خيمة مع ثمانية أفراد آخرين من الأسرة وأطفالها وحماتها، تكافح هي الأخرى للحصول على الماء. تقول سهيلة : ” نحن حقاً بحاجة إلى الضروريات الأساسية؛ ومن الصعب الحصول على مياه الشرب العذبة. يذهب ابني عدة مرات لملء جالون واحد فقط من الماء. نملأ جالونًا واحدًا بمياه الشرب العذبة وآخر بالماء للتنظيف. ولكن الطريق طويل للحصول على الماء، كما أنه متعب أيضًا. في بعض الأحيان ينام أطفالي بدون ماء لأننا لم نتمكن من الحصول عليها”.

إن كمية المساعدات التي تدخل غزة – والتي تبلغ حاليًا حوالي ۱۰۰ شاحنة يوميًا في المتوسط – غير كافية على الإطلاق، في ظل مستوى الاحتياجات الهائل والمهدد للحياة. كما أن القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية على ما يُسمح بدخوله تعني عدم توفر بعض العناصر الحيوية، مثل أدوات فحص المياه والكلور لمعالجة المياه، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

تتحدث مسؤولة التواصل والمناصرة في مؤسسة آكشن إيد فلسطين، رهام الجعفري: “يعاني كل شخص في غزة الآن من الجوع والوضع يزداد سوءًا. لقد سمعنا عن عائلات لم يكن لديها سوى قطعة خبز واحدة ليتقاسموها طوال اليوم. يشعر بعض الناس باليأس لدرجة أنهم يقومون بطحن أعلاف الحيوانات لاستخدامها كدقيق. ولا يجد الكثيرون خيارًا سوى شرب المياه القذرة والملوثة ويصابون بالمرض نتيجة لذلك. إن الأمر الأكثر مأساوية في أزمة الجوع الحادة التي تجتاح غزة هو أن هذه الأزمة يمكن تجنبها تماماً. واصلت المنظمات الإنسانية لاسابيع تحذيرها ودق ناقوس الخطر بأن المجاعة تلوح في الأفق، إلا أن عدد شاحنات المساعدات المسموح لها بالدخول إلى قطاع غزة لا يزال منخفضاً للغاية. يجب زيادة هذا العدد بشكل عاجل إذا كان هناك أي أمل في تجنب حدوث مجاعة واسعة النطاق في غزة. ومع ذلك، فإن تقديم المزيد من المساعدات وحده لن يحل هذه الأزمة ، إن الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار وحده كفيل في منع مقتل المزيد من المدنيين بسبب القصف وتخفيف الوضع الإنساني الكارثي”.

على الرغم من التحديات الهائلة، تعمل منظمة أكشن إيد مع شركاء محليين في غزة لتوفير الغذاء وضروريات الحياة الأخرى كلما أمكن ذلك. قمنا بتوزيع المساعدات المواد الغذائية على العائلات في رفح وكذلك تزويد الناس بالوجبات الساخنة، بالتعاون مع شريك مؤسسة آكشن إيد ، جمعية وفاق لرعاية المرأة والطفل .

المصدر : نساء FM