اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
أهازيج وابتهالات
صوت المسحراتي أساس رمضاني عريق يجمع بين الإنشاد والإيقاع الشعبي، فيوقظ الناس للسحور بمناداة أسمائهم أو بأناشيد دينية. من أشهر الأهازيج المستمدة من هذا الطقس المتراجع بفعل التكنولوجيا، “اصحى يا نايم وحّد الدايم”، التي تحولت إلى أيقونة رمضانية في مصر وبلاد الشام؛ إذ تتردد بصوت جهوري، مصحوبة بدقات الطبول، حاملة رسالة دينية اجتماعية تذكّر بقيم هذا الشهر.
في مصر، ارتبط صوت سيد مكاوي بشخصية المسحراتي في البرنامج الإذاعي الشهير “المسحراتي”؛ فقد كان يؤدي أغاني من كلمات فؤاد حداد، تغوص في الحكم الشعبية إلى جانب الابتهالات، لكن بأسلوب غنائي بسيط ومؤثر. في الشام، انتشرت أناشيد عدة من قبيل “رمضان تجلّى وابتسم” و”يا نسيم السحر”، وهي أناشيد تستخدم حيناً إيقاعاً موسيقياً، وتستغني عنه أحياناً، بحسب الفتاوى المتعددة.
فريق “إيجيبتون” الشبابي المصري لإنتاج الرسوم المتحركة، صنع قبل سنوات قليلة سلسلة كرتونية، من بطولة المسحراتي حمادة، الدخيل على هذه المهنة. فالشاب المعروف في حلقات ومقاطع أخرى بكونه “صايع” تحول في رمضان إلى مسحراتي يوقظ السكان بفضح بعض أسرارهم المستنكرة. من ذلك مناداته على أحد الجزارين: “إلهي يخرب بيتك يا عطوة يا جزار، بميتين جنيه الكيلو وهو لحم حمار”. وكذلك “مش عيب على شيبتك يا عبدو يا فران واقف على الفرنة تعاكس النسوان”. بين الكوميديا واللغة اللاذعة، حملت تلك السلسلة نقداً اجتماعياً واضحاً، خصوصاً ضدّ الأشخاص الذين يهتمون بالصيام عن الأكل من دون الصيام عن أذية الآخرين، ولاقت شعبية كبيرة تثبتها المشاهدات المليونية على قناة الفريق في “يوتيوب”.
بدوره، استخدم الشيخ إمام، من كلمات شريكه الشاعر أحمد فؤاد نجم، إيقاع المسحراتي، في ابتهال “حبلت الأيام سنين” لينتقدا كعادتهما الأوضاع السياسية والاجتماعية السائدة. فعلى الرغم من انطلاق الابتهال من عبارات دينية وشعبية تختص بشهر رمضان وعباداته، ينتقل مباشرة إلى حضّ الشعب النائم على الثورة، في قوله “اصحى يا نايم كفاية، وحّد الإنسان معايا، طالت الليل الرحايا، والحدادي قلقانين، وحّدوه يا مؤمنين”. وكذلك: “استعدوا للقيام واقبلوا مني الكلام، مصر نايمة من سنين، وحّدوه يا مؤمنين”، وهو ما يفسر استخدام الشاعر استعارة النوم البلاغية للدلالة على القاعدين عن الثورة.
وبعيداً عن المسحراتي، برزت ابتهالات مؤثرة، أشهرها انطلق من مصر وعمّ العالم العربي، بصوت الشيخ سيد النقشبندي، ولا سيما ما لحنه بليغ حمدي، مثل “مولاي إني ببابك”، وهو الابتهال الذي ما زال يُنشد بأصوات كثيرة حتى يومنا هذا.
أغانٍ تعيش معنا
منذ عقود، شكّلت الأغاني الخاصة برمضان جزءاً من الذاكرة السمعية الجماعية. في مصر، لا تزال أغنية “رمضان جانا” (۱۹۴۳، غناء محمد عبد المطلب، كلمات حسين طنطاوي، ألحان محمود الشريف) تتصدر المشهد مع كل بداية للشهر، فتنقل أجواء الفرح والترحيب بحلول رمضان: “رمضان جانا وفرحنا به… بعد غيابه وبقاله زمان…”.
كما أن أغنية “وحوي يا وحوي” التي تعود أصولها إلى العصر الفاطمي، بل يعيد بعضهم مطلعها إلى مصر الفرعونية، لا تزال تُغنى للأطفال في الشوارع، احتفاءً بقدوم هذا الشهر، بينما تُستخدم أيضاً في حملات الإعلانات التلفزيونية كموسيقى تصويرية رمضانية.
قدمت صباح أكثر من أغنية رمضانية مصرية، من بينها “الراجل ده حيجنني” التي جمعتها بفؤاد المهندس، مترافقة مع أجواء احتفالية عائلية مرحة حول حياة زوجين خلال رمضان. لكنّ الأغنية الرمضانية الأشهر لصباح التي لا تزال تتردد حتى اليوم “حاللو يا حاللو رمضان كريم يا حاللو” بما تحمل من طابع سياسي وطني.
في لبنان، انتشرت في أواخر تسعينيات القرن الماضي وأوائل الألفية الثالثة، أغنية أحمد قعبور “علّوا البيارق” المخصصة لعيد الفطر وشهر رمضان بإفطاره وسحوره وعباداته وحلوياته. ركزت كلمات الأغنية على حياة الصغار في رمضان. كما قدم قعبور للصغار أيضاً أغنية رمضانية أخرى هي “توتي توتي”.
في المغرب العربي، تنافس الأهازيجَ التقليدية، أغانٍ حديثة مثل “لمّتنا تحلى” التي تعكس مفهوم “اللمّة الرمضانية”، وهو ما يتكرر في كثير من الأغاني المصرية أيضاً. وفي الخليج، قدم تلفزيون قطر قبل سنوات أغنية “ذكريات رمضان” ذات الطابع الروحاني الديني لكن بلحن عصري سريع.
وحين يقترب شهر الصيام من نهايته، تأخذ الأغاني طابعاً يجمع بين الفرح والحزن، كما في أغنية “والله لسه بدري” التي غنتها شريفة فاضل، معبّرة عن مشاعر الوداع عند انقضاء الشهر. بينما يُستقبل العيد بأغانٍ مرحة، مثل “يا ليلة العيد” لأم كلثوم.
وتجدر الإشارة إلى أنّ هنالك نمطاً من الأغاني الرمضانية يرتبط بإعلانات السلع والمتاجر والبرامج والباقات التلفزيونية، وغالباً ما لا يبقى أثرها اللاحق طويلاً، لكنّ بعضها وجد طريقه إلى ذائقة الجمهور، خصوصاً مع الاستعانة بمطربين معروفين في السنوات الأخيرة، كما في أغنية أحمد سعد “صوت العيد”.
المصدر: شفقنا