أفران الطين.. ابداع نساء غزة في مواجهة “الجوع” !

في قلب المأساة التي يعيشها قطاع غزة، ومع تصاعد العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أشهر، برز مشهد جديد يُجسد عمق الكارثة الإنسانية هناك: أفران الطين أصبحت مشهدًا يوميًا في الشوارع، وعلى الأرصفة، وفي مخيمات النزوح التي امتلأت بالآلاف من العائلات الهاربة من القصف. عادت هذه الأفران البدائية لتكون البديل لمخابز غزة، في ظل انعدام غاز الطهي، وشحّ الوقود، وإغلاق جميع المخابز، واغلاق المعابر ما تسبب في شلل تام في الإمدادات الغذائية والطبية واللوجستية.

لم تكن أفران الطين يومًا جزءًا من مشهد الحياة اليومية في غزة الحديثة، لكنها اليوم أصبحت ضرورة فرضها الحصار والنزوح والجوع لتوفير رغيف الخبز الذي بات الحصول عليه  مهمة  شبه مستحيلة في ظل الحصار والحرب.

وفي غياب أبسط مقومات الحياة، وجدن النساء أنفسهن يصنعن هذه الأفران من طين الأرض وركام البيوت، ليطبخن لأولادهن في العراء، بين الخيام أو تحت أسقف من الصفيح، وفي أجواء من الخوف والقهر. كل وجبة طعام باتت تحتاج إلى جهد مضنٍ ووقت طويل وموارد شحيحة. ومع كل شعلة نار تُوقد، تختلط حرارة الطين بدموع الأمهات ووجع الغياب.

وقدمت الصحفية سيلفيا حسن من قطاع غزة،  في حديث مع  نساء إف إم، صورة دقيقة وموجعة عن معاناة النساء في غزة في ظل العدوان المتواصل. ووصفت سيلفيا المشهد بقولها إن النساء أصبحن “الخط الأول في مواجهة الفقر والجوع”، حيث يتحملن العبء الأكبر في رعاية العائلة، وتأمين الغذاء، وحماية الأطفال نفسيًا، وسط أوضاع لا إنسانية. وأضافت أن آلاف النساء النازحات يفتقرن إلى الخصوصية، وإلى الخدمات الصحية الأساسية، بينما تحولت الملاجئ إلى أماكن مكتظة، تفتقر لأبسط شروط الحياة.

وأكدت سيلفيا أن أفران الطين، رغم بساطتها، أصبحت رمزًا واضحًا على فشل العالم في حماية المدنيين، وعلى أن النساء الفلسطينيات يخضن معركة بقاء حقيقية، لا تقتصر على الطهي وجمع الحطب، بل تمتد لتشمل الحفاظ على ما تبقى من كرامة وإنسانية في واقع يطحنهنّ يوميًا.

ورغم كل ذلك، لا تزال النساء في غزة يقدن مشهد الصمود، بأدوات بسيطة وإرادة صلبة. فكل رغيف خبز يُخبز على فرن طيني هو إعلان استمرارية رغم القصف، ورسالة إلى العالم أن الحياة لا تزال ممكنة، حتى في أكثر الظروف قسوة. وبينما يخيم الصمت الدولي، تروي أفران الطين حكاية غزة، التي لا تنكسر.

المصدر: نساء‌FM