اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
ويرى كثيرون أن الظاهرة تراجعت بنسبة كبيرة بسبب زيادة وعي المواطنين، وتزايد أعداد الشريحة المتعلمة، لكنها لا تزال موجودة في كثير من المناطق الريفية في جنوب البلاد، وفي أرجاء مختلفة من البلاد، بسبب انتشار الفقر والبطالة، فضلاً عن تأثير الأعراف المتجذرة في الحفاظ على هذا النوع من الزيجات.ورغم ما لزواج الشغار من إيجابيات، إلا أن له آثاراً سلبية كبيرة على المجتمع، من أبرزها قطع الصلات بين الأسر في حال الخلاف، وخلق نزاعات قبلية قد تستمر لعقود، وتؤدي في بعض الحالات إلى سقوط قتلى، إضافة إلى التداعيات على حياة كثير من الفتيات اللواتي يتزوجن من دون رغبتهن.ويعقّد الأوضاع عدم وجود محاولات جادة من قبل الحكومات المتعاقبة للحد من تلك الظاهرة التي باتت فعلاً معتاداً وغير معيب في بعض الشرائح الأفغانية، بينما لا تهتم بها منظمات المجتمع المدني والمؤسسات التي تعنى بشؤون النساء، والتي تحصل على تمويل دولي للعمل على تحسين أوضاع المرأة.تزوجت الأفغانية سبوزمي (۳۵ سنة) قبل ۱۵ عاماً من ابن خالتها مقابل زواج ابنة خالتها بشقيقها، مع تعيين المهور لكل منهما، وجرت حينها مراسم الزواج التقليدي. في بداية الأمر، كانت الأمور تسير بشكل جيد، لكن مع مرور السنوات، بدأت المشاكل تتكاثر بينهما تبعاً للمشاكل بين شقيقها وزوجته، وهي أخت زوجها، فكلما مارس أخوها أي نوع من العنف على زوجته، كان زوجها يمارس العنف عليها، كما كانت تُتهم بأنها السبب في ذلك.تقول سبوزمي لـ”العربي الجديد”: “كانت حياتنا سعيدة، وأنا أحب زوجي وهو يحبني، ولا نريد المشاكل، وكان أولادنا يعيشون بشكل مطمئن، لكن خالتي كلما تسمع عن مشاكل بين ابنتها وشقيقي، تنادي زوجي، وتتحدث معه لساعات، فتملأ أذنيه بالكلام، ثم يأتي زوجي إلى غرفتي غاضباً، ولا يتحدث معي، وأحيانا يمارس العنف ضدي من دون سبب، أو يطلب مني أن أقنع أخي بأن لا يتشاجر مع أخته، وعندما أتحدث مع أخي يقول لي إن هذا شأنه، ولا يجوز لأحد التدخل فيه، وبالتالي فإنني وأولادي ضحايا ذلك”.
وتطلب السيدة الأفغانية من الآباء أن يختاروا لبناتهم أزواجاً محترمين كزوجها، لكنها تستطرد أن عليهم أن يحذروا من زواج الشغار كونه يولد مشاكل كثيرة، خاصة في المجتمعات التي تعرف بمستوى التعليم المتدني، وتضيف: “الوضع تحسّن قليلاً فيما يخص زواج الشغار، فالكثير من الشبان والفتيات يرفضونه، لكن الفتيات لا يستمع إلى رأيهن أحد بعكس الشباب الذين لهم رأي، وهم في معظم الأحيان يرفضون”.ويقول الناشط الأفغاني قريب الله خان لـ”العربي الجديد”، إن “زواج الشغار كان عادة متفشية في الماضي، لكن خلال السنوات الماضية، وبسبب انتشار التعليم والتثقيف تغيرت الأحوال، وتراجعت وتيرتها، لكنها لا تزال موجودة في بعض المناطق، لا سيما في الجنوب ومناطق القبائل، كما أنها تنتشر بين الفقراء بسبب المهور، إذ يرى المواطنون أنها حل يمكنهم من إتمام الزواج، وفي أقاليم مثل بكتيا وخوست ونيمروز، إذا عجز الأب أو الأخ عن دفع مهر زوجة جديدة، فإنه يزوجهم ابنته أو أخته بدلاً من المهر، وفي بعض الأحيان يتم تزويج قاصرات لكبار السن؛ فالشاب إذا أحب ابنة رجل أو أخته، يعرض عليه أن يزوجه أخته الصغيرة بدلاً من دفع المهر، والفتاة لا تملك منع ذلك أو رفضه”.
من جانبه، يقول الزعيم القبلي خان آغا لـ”العربي الجديد”، إن “زواج الشغار من بين العادات القديمة المتوارثة في أفغانستان، ولايزال منتشراً في بعض المناطق مع الأسف، وهو أحد أنواع الظلم التي تمارس بحق النساء اللواتي لا يملكن في الغالب رأياً في حياتهن، لكن بفضل انتشار التعليم بين كثير من الشباب والفتيات تغيرت الأحوال إلى حد كبير، غير أن حرمان البنات من التعليم حالياً قد يفاقم تلك الظاهرة مجدداً، كما أن له تأثيرات سلبية على حياة المرأة بشكل عام”.ويوضح خان أن “تعاليم الدين الإسلامي لا تحض على زواج الشغار لأن له تبعات ثقيلة على حياة المرأة بشكل خاص، وعلى النظام الأسري بشكل عام. فوفق الشريعة لا يحق لأحد أن يزوج ابنته أو أخته من دون إرادتها، أو مقابل الحصول على زوجة لأحد رجال أسرته”.
المصدر: العربي الجدید