اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
وبحسب الدراسات والمشاهدات، فإن ما تواجهه النساء في أفغانستان هو جريمة ضد الإنسانية، كما يقول الناشطون الذين يطالبون بالاعتراف من قبل الأمم المتحدة.
عندما توصلت سيما سمر وغيرها من النساء الأفغانيات إلى مصطلح “الفصل العنصري بين الجنسين” في تسعينيات القرن العشرين لوصف القمع المنهجي الذي تواجهه النساء والفتيات تحت حكم طالبان، لم تتخيل أبدًا أن هذا المصطلح سيصبح سلاحًا رئيسيًا في الكفاح من أجل محاسبة نظام طالبان الثاني على جرائمه بعد عقدين من الزمن.
وتقول سمر، التي شغلت منصب وزيرة شؤون المرأة بعد الإطاحة بطالبان في عام ۲۰۰۱ وتعيش الآن في المنفى: “عندما سقط نظام طالبان الأول، بدا من المستحيل أن نرى مرة أخرى الاضطهاد والعزلة والقمع العنصري والمنهجي لنصف السكان الأفغان على أساس جنسهم. لكن الآن، في عام ۲۰۲۴، يحدث هذا مرة أخرى وهذه المرة يجب أن نجد طريقة للنضال من أجل العدالة”.
في نهاية عام ۲۰۲۳، انطلقت حملة للمطالبة بالاعتراف بالفصل العنصري بين الجنسين في أفغانستان وتدوينه من قبل الأمم المتحدة باعتباره جريمة ضد الإنسانية، كجزء من محاولة يائسة من جانب النساء الأفغانيات المقيمات خارج البلاد لحمل المجتمع الدولي على وقف هجوم النظام الجديد على النساء والفتيات.
وكما تقول سمر فإن “الفصل العنصري جريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي منذ عام ۱۹۷۳٫ استبدل كلمة “عنصري” بكلمة “جنساني” وهذا ما يحدث للنساء والفتيات الأفغانيات”.
منذ توليها السلطة في أغسطس/آب ۲۰۲۱، أصدر طالبان أكثر من ۸۰ مرسومًا يقيد حياة النساء والفتيات، فقد منعوا الفتيات من الذهاب إلى المدارس الثانوية، ومنعوا النساء من جميع أشكال العمل المدفوع الأجر تقريبًا، ومن الوصول إلى نظام العدالة أو المشي في الحدائق العامة.
وقد نصوا على أن المرأة يجب أن تغطي نفسها بالكامل في جميع الأوقات خارج المنزل وألا تسمع أصواتها في الأماكن العامة، والآن يمكن رجم النساء حتى الموت في جرائم مثل الزنا.
وتقول سمر: “لم ينجح أي إجراء أو إدانة من جانب المجتمع الدولي في وقف الاعتداء على حقوق المرأة. لذا فقد أصبح لزاماً على النساء الأفغانيات أن يتحركن”.
ومع ذلك، مع إسكات أصوات النساء والفتيات داخل أفغانستان إلى حد كبير، تقول الناشطات الإناث اللاتي يعشن في المنفى، واللاتي كن يطالبن باتخاذ إجراءات لإنهاء إفلات نظام طالبان من العقاب، إنهن وجدن أنفسهن يتعرضن للرفض بشكل متزايد في دوائر صنع السياسات والدبلوماسية الدولية لأنهن لا يمثلن بدقة واقع حياة المرأة الأفغانية.
وتقول مريم صافي، مؤسسة ومديرة منظمة أبحاث السياسات ودراسات التنمية (دروبس): “لقد وجدنا أنه أصبح من السهل على صناع السياسات وصناع القرار الدولي تجاهل النساء الأفغانيات في المنفى اللاتي يقولن أشياء تتعارض مع ما يرغبن في سماعه” .
وتضيف: “إن ما يصعب تجاهله هو البيانات والأدلة المتعلقة بتأثير حكم طالبان على النساء داخل أفغانستان، لذا فإن هذا هو ما نركز على محاولة الحصول عليه”.
وينضم مشروع صافي “بشناو”، وهو عبارة عن منصة رقمية تجمع البيانات من آلاف النساء الأفغانيات من جميع أنحاء البلاد من خلال الاستطلاعات الهاتفية والمقابلات وجهاً لوجه، إلى مبادرات أخرى أطلقها الأفغان الذين يعيشون في المنفى، والذين يحاولون تقديم أدلة رئيسية لدعم محاولاتهم للحصول على الاعتراف بسياسات طالبان على أنها جرائم ضد الإنسانية.
وتقول صافي إن بياناتها، بالإضافة إلى الحملة الرامية إلى تدوين الفصل العنصري بين الجنسين بموجب القانون الدولي، تساعد في إعلام محاولات أخرى لمحاسبة طالبان من خلال المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية.
في يناير/كانون الثاني، سأل مشروع بشناو أكثر من ۳۶۰۰ امرأة من ۱۹ مقاطعة في مختلف أنحاء أفغانستان عما إذا كن يعتقدن أنهن يعشن في ظل نظام الفصل العنصري على أساس الجنس.
ومن بين النساء المشاركات في الاستطلاع، وجد أن 67% منهن اتفقن على أن القيود التي يعشن تحت وطأتها تشكل “قمعًا منهجيًا” للنساء والفتيات.
وعندما سُئِلن عما إذا كن يرغبن في أن تستخدم الأمم المتحدة مصطلح “الفصل العنصري بين الجنسين” لوصف وضعهن، وافقت ۶۰% منهن على ذلك.
ووجد استطلاع آخر أن ۸۳% من ۲۱۰۰ امرأة أفغانية قلن إنهن تأثرن سلباً بحظر طالبان السماح للنساء بتوزيع المساعدات الإنسانية، فيما وجد استطلاع آخر حول زواج الأطفال أن ۶۹% من النساء قلن إنهن يعرفن فتاة تزوجت في “سن غير مناسب” منذ استيلاء طالبان على السلطة.
يشعر الناشطون بتفاؤل متزايد بشأن إمكانية اعتراف الأمم المتحدة بنظام الفصل العنصري في أفغانستان خلال الأسابيع المقبلة، مع استمرار أعمال الجمعية العامة.
ورغم وجود شكوك حول ما قد تحققه هذه الخطوة في نهاية المطاف ــ وما إذا كانت قد يكون لها تأثير سلبي في مجالات مثل مستويات المساعدات لأفغانستان ــ فإن سامر ترى أنها بمثابة اعتراف حاسم وخطوة أولى نحو اتخاذ إجراءات ملموسة.
المصدر: شفقنا