اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
والمنطقة عبارة عن كثبان رملية وزراعية، وفيها تكالبت على أمهات غزة مرارة فقد الأقارب وآلام النزوح ومآسي الحرب الإسرائيلية المدمرة المتواصلة على غزة منذ أكثر من سبعة أشهر. والاثنين، أصدرت إسرائيل أوامر لنحو ۱۰۰ ألف فلسطيني بإخلاء مناطق شرق رفح قسريا، والتوجه إلى منطقة المواصي.
وبالفعل جرى تهجير نحو ۱۱۰ آلاف منهم، وفق وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الجمعة، والتي أكدت أنه لا يوجد مكان آمن في غزة، وشددت على ضرورة وقف الحرب فورا.
وتتمنى أمهات غزّة أن يَعُدْنَ إلى منازلهن حتى ولو كانت أنقاض، وأن تنتهي معاناتهن جراء الحرب الإسرائيلية التي خلفت أكثر من ۱۱۳ ألفا بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وسط مجاعة ودمار هائل. ويوميا خلال الحرب، يقتل القصف الإسرائيلي في المعدل ۶۳ فلسطينية، بينهم ۳۷ أمَّا، وفق وكالة “الأونروا” في وقت سابق.
في داخل إحدى الخيام البدائية، تشعر هناء أبو جبل (۵۵ عاما)، وهي أم لثمانية أبناء، بالحزن الشديد جراء فقد أحد أبنائها في قصف إسرائيلي. لم تكن الأم الفلسطينية معتادة على المعاناة الراهنة، ففي مكان النزوح القسري لا مياه ولا كهرباء ولا غاز للطهي، وحتى لا يتوفر فراش أو غذاء صحي أو دواء.
تقول هناء لـ”الأناضول”: “نعيش في ظروف قاسية للغاية، حيث نجد أنفسنا مهجرين ومحرومين من الطعام والمياه والملابس، ونواجه خطر الإبادة الجماعية”. وتضيف: “نزحنا عدة مرات من حي الشجاعية (شرق مدينة غزة) حتى وصلنا إلى مدينة رفح، وكانت الظروف صعبة للغاية ولا يمكن وصفها بالكلمات”. وتتابع: “نعيش في معاناة لم نشهدها من قبل بسبب هذه الحرب على قطاع غزة، حيث فقدت ابني، وفَقد الابن يعني فقد الروح”.وحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، قُتل أكثر من ۱۴ ألف طفل فلسطيني جراء الحرب الإسرائيلية على غزة. وتناشد الأم المكلومة نساء العالم دعم الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لمعاناة الحرب لأكثر من سبعة شهور.
تضع دينا محمد (۵۵ عاما)، وهي أم، يدها على وجهها الملتصق بالحزن، وتلقي نظرة حزينة نحو خيمة متهالكة نصبتها على شاطئ رفح. وتقول لوكالة الأناضول: “نزحنا من حي الشجاعية منذ بداية الحرب، وتنقلنا بين عدة أماكن قبل أن نستقر جنوبا في وادي غزة”.
وتوضح: “نعيش في ظروف قاسية، حيث يزيد الحر في الصيف ويشتد البرد في الشتاء، ونتعرض باستمرار للخطر من غارات إسرائيلية وهجمات من الزوارق الحربية”، كما “نعاني من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب، ونعيش في فقر مدقع، حيث هناك شح بالطعام والمواد الأساسية”، كما تضيف.
وجراء الحرب وقيود إسرائيلية تنتهك القوانين الدولية، بات قطاع غزة بين براثن مجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال والمسنين؛ بسبب شح شديد بإمدادات الغذاء والماء والدواء.
وتعبّر الأم الفلسطينية عن أملها في أن تقف نساء العالم بجانبهن، فهن يواجهن “ظروفا إنسانية قاسية مليئة بالخوف والجوع”. وتتمنى أيضا أن تتوقف الحرب على قطاع غزة، ويعيش الجميع بسلام وأمان، “تماما كما تعيش نساء العالم في بقاع أخرى”.
وبين النازحين في غزة، وهم مليونا فلسطيني من أصل ۲٫۳ مليون، يوجد أكثر من مليون امرأة وفتاة في القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ ۱۸ عاما، وفق مؤسسات فلسطينية معنية.
وتتفاقم صعوبات نساء كثيرات فقدن أزواجهن ومعيلي أسرهن، ويواصلن رحلة البحث عن الطعام وإعالة الأسر وحماية الأبناء. بقلب مكسور ودموع على وجنتيها، تقول نجاح العقاد (۷۰ عاما): “كنا نتنقل من بيت إلى بيت ومن منطقة إلى أخرى، والآن نجد أنفسنا في خيمة مصنوعة من النايلون لا توفر لنا الحماية”. وتتابع: “فقدت ابني خلال الحرب جراء القصف، وترك وراءه ثلاثة أطفال، ونعيش في ظروف قاسية، حيث لا يوجد لدينا طعام أو ماء أو دواء”.
الأم النازحة مها خشان هي الأخرى فقدت طفلا (۹ سنوات)؛ إثر قصف مدفعي استهدف منزلهم، فيما أصيبت شقيقته بجراح بالغة. وتقول مها: “فقدت طفلي، وعشت معاناة النزوح، ونعاني أيضا من نقص الطعام والماء، ونفتقد غاز الطهي لإعداد الطعام”. و”نضطر لاستخدام الحطب لإعداد الطعام، وهذا يسبب لنا آثارًا سلبية كبيرة على الجهاز التنفسي، ونجلب المياه من مسافات بعيدة للشرب، وهذا كله في ظل الحرب التي نتعرض لها”، كما تزيد: “نحن بأمسّ الحاجة لوقف الحرب على قطاع غزة، ونطلب من الدول إدخال المساعدات الإنسانية الضرورية لنا”.
وشهريا، تلد آلاف أمهات غزة وبعضهن دون تخدير، وتتعرض كثيرات لمضاعفات صحية؛ بسبب انهيار القطاع الطبي جراء تدمير جيش الاحتلال الإسرائيلي للمستشفيات ومنع دخول الوقود وانقطاع الكهرباء، حسب بيانات فلسطينية.
وتتواصل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لليوم الـ۲۱۷ على التوالي، وسط قصف عنيف يخلّف مئات الشهداء والجرحى يومياً، رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار فورا، ورغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها باتخاذ تدابير فورية لمنع وقع أعمال “إبادة جماعية” وتحسين الوضع الإنساني في غزة.
المصدر: العربي الجدید