ازدهار عيادات الخصوبة في كوريا الجنوبية، رغم أدنى معدل ولادة في العالم

تسجّل كوريا الجنوبية أدنى معدل للولادة في العالم، بسبب انخفاض غير مسبوق في معدلات الخصوبة، ومع ذلك تشهد عيادات الخصوبة في البلاد ازدهارًا ملحوظًا و تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن عدد علاجات العقم في كوريا الجنوبية ازداد بنسبة تقارب 50% بين عامي 2018 و2022. هذا التناقض الظاهري يعكس في الحقيقة تحولًا عميقًا في نظرة الشباب الكوري إلى الإنجاب.

تغيّر نمط الإنجاب  في  الجيل الجديد
الجيل الشاب في كوريا الجنوبية لا يتخلى بالكامل عن فكرة الإنجاب، بل يسعى للسيطرة على توقيته وظروفه. إذ تفضّل العديد من النساء الكوريات المتعلمات تحقيق الاستقرار المهني والمالي أولًا، ثم الإنجاب عبر وسائل المساعدة على الخصوبة مثل التلقيح الصناعي (IVF) هذا التحول في التفكير، إلى جانب ارتفاع متوسط سن الزواج إلى ۳۲ عامًا، يفسر تزايد الطلب على خدمات الخصوبة.

السياسات التحفيزية الحكومية
تواجه الحكومة الكورية أزمة سكانية حادة وقد خصصت دعمًا ماليًا كبيرًا لعلاجات العقم. ساهمت هذه الإجراءات في تخفيف الأعباء المالية لعمليات مثل التلقيح الاصناعي (IVF) على العديد من الأزواج.  ويعتقد بعض المحللين أن هذه المساعدات الحكومية لعبت دورًا كبيرًا في ارتفاع عدد علاجات الخصوبة بنسبة ۵۰%.

التحديات البنيوية المستمرة
رغم هذه التطورات الإيجابية، لا تزال هناك عقبات بنيوية تعيق ارتفاع معدل الولادة، مثل تكاليف السكن والتعليم الباهظة، ثقافة العمل المرهقة، التوزيع الغير عادل لمسؤوليات تربية الأطفال بين الرجل والمرأة، هي عوامل لا تزال تدفع الكثير من الشباب إلى العزوف عن الإنجاب. ويؤكد الخبراء أن ازدهار عيادات الخصوبة وحده لا يكفي لحل الأزمة السكانية ما لم تُعالَج هذه المشكلات البنيوية.

مستقبل ديموغرافي غامض
قد يمثل هذا التحول في كوريا الجنوبية مؤشرًا على تغير أوسع في المجتمعات المتقدمة، حيث تختار النساء توقيت وطريقة الإنجاب عن وعي، لا نتيجة ضغوط أو تقاليد. لكن السؤال الأهم هو: هل يمكن لهذا التغير في التفكير، إلى جانب التقدم الطبي، أن يعيد التوازن الديموغرافي إلى هذه البلدان؟ الجواب على هذا السؤال سيؤثر ليس فقط على مستقبل كوريا الجنوبية، بل أيضًا على مصير العديد من الدول المتقدمة ذات معدلات الخصوبة المنخفضة.

تعریب خاص لـجهان بانو من وكالة أنباء بی بی سی