الأمم المتحدة: لا يجوز استخدام النساء والفتيات كأدوات حرب في السودان

في تصريحات حملت تحذيراً واضحاً من تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان، أكدت ليلى بكر، المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية، أن الصندوق وشركاءه يعملون بأقصى طاقتهم لتقديم خدمات منقذة للحياة للنساء والفتيات، لا سيما الناجيات من العنف الجـ ـنسي، في ظل ظروف أمنية ومعيشية بالغة الصعوبة. ودعت بكر المجتمع الدولي والأطراف المتحاربة إلى الامتناع عن استخدام النساء والفتيات كأدوات في النزاع، مشددة على أن سلامتهن يجب أن تكون أولوية غير قابلة للتفاوض.

وفي مقابلة أجرتها معها ناتالي مينارد من أخبار الأمم المتحدة في جنيف، تحدثت بكر عن التحديات المتزايدة التي تواجه النساء في السودان، مشيرة إلى أن نحو ۸۴ ألف امرأة حامل يُتوقع أن يلدن خلال الأشهر الثلاثة المقبلة في بيئة تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الرعاية الصحية، وتنتشر فيها مظاهر العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك العنف الجـ ـنسي. وأوضحت أن النساء في السودان يواجهن لحظات الولادة بقلق بالغ، في ظل ندرة الغذاء، وانهيار الخدمات الطبية، وغياب الحماية من الانتهاكات.

وأكدت بكر أن الصندوق يبذل جهوداً حثيثة لضمان وصول المساعدات الإنسانية وتوفير ظروف آمنة للولادة، مشيرة إلى أن الفرق التابعة له تقدم خدمات حيوية لا تحظى بالاهتمام الكافي من جهات أخرى، لكنها تُعد منقذة للحياة بالنسبة للنساء اللواتي تعرضن لصدمات نفسية وجسدية. وشددت على أن الصندوق لا يتعامل مع الحالات من منطلق التحقيق أو المساءلة، بل يركز على تقديم الدعم الفوري دون تمييز، موضحة أن النساء والفتيات اللواتي يلجأن إلى مراكز الدعم لا يُسألن عن تفاصيل الاعتداء أو هوية الجاني، بل يُمنحن الرعاية الجسدية والاستشارات النفسية اللازمة لتجاوز آثار الصدمة.

وفي سياق حديثها، روت بكر قصة مؤثرة لشابة تبلغ من العمر ۲۳ عاماً التقتها في أحد الملاجئ خلال زيارتها إلى السودان في سبتمبر من العام الماضي، ووصفتها بأنها من أكثر القصص إيلاماً التي واجهتها خلال مسيرتها الإنسانية التي تجاوزت ثلاثة عقود. وأشارت إلى أن الفتاة كانت في حالة من الصدمة جعلتها غير قادرة على الكلام، لكنها تمكنت أخيراً من الهمس بكلمة “اغتُصــبت”، في لحظة وصفتها بكر بأنها نقطة تحول في حياة الضحية، حيث استطاعت أن تبدأ رحلة التعافي بفضل الخدمات التي يقدمها المركز المدعوم من الصندوق، بعد أن كانت مجبرة على مواجهة المعتدي يومياً في مكان عملها.

وأعربت بكر عن قلقها من ما وصفته بالتراخي الدولي تجاه الوضع في السودان، وانتقدت ما اعتبرته صمتاً غير مبرر حيال الانتهاكات التي تتعرض لها النساء، مؤكدة أن حق المرأة في الولادة الآمنة، والرعاية الصحية، والعيش بكرامة، هو حق عالمي لا يجوز التهاون فيه. وشددت على ضرورة رفع مستوى الوعي الدولي حول أهمية إعادة السلام والأمن إلى السودان، بما يسمح باستئناف جهود التنمية التي كانت قد بدأت قبل اندلاع النزاع.

وعند سؤالها عن أكثر ما يثير مخاوفها بشأن الوضع الراهن، وما يمنحها الأمل، قالت بكر إن أكثر ما يقلقها هو أن السودان، الذي وصفته بأنه من أجمل البلدان التي زارتها، يواجه الآن خطر المجاعة رغم ما يمتلكه من موارد طبيعية وبشرية هائلة، مشيرة إلى أن البلاد كانت في وقت من الأوقات قادرة على إطعام القارة الأفريقية بالقمح. وأضافت أن أكثر ما يزعجها هو بطء وتيرة إنهاء الصراع، وعدم القدرة على ضمان تعافٍ سريع ومستقر، يحول دون تكرار دورات العنف التي أنهكت الشعب السوداني.

شفقنا