الإهمال وقلة الخبرة الطبية يهددان حياة النساء الحوامل في العراق

تمتزج مشاعر الخوف والرهبة والفرح والألم لدى النساء الحوامل في بغداد وهنّ ينجبن الطفل البكر.

ولادة طفل سليم مطمح الأمهات

وقد تبقى مجموعة منهن يومين كاملين يعانين أوجاع المخاض دون أي تدخل من الأطباء لفحصهن وتخفيف ألمهن حتى تخفت حركة أجنتهن، لضعف نبضهم ومعاناتهم من نقص حاد في الأوكسجين، فيتم إجراء عملية ولادة قيصرية، ثم ينقل أطفالهن إلى ردهة إنعاش الخدج فيستغرق إيواؤهم أسبوعين، ويعانون بعد ذلك من تأخر في النمو الحركي خلال سنواتهم الأولى.

وتتكرر هذه المعاناة في المستشفيات العامة بسبب عدم وجود ضوابط وقوانين تحدد الفترة الزمنية التي يجب أن تخضع خلالها المريضة لعملية ولادة قيصرية، وترك الأمر لخبرة الطبيبة وتجربتها فحسب.

ورغم عدم وجود إحصائيات رسمية بعدد النساء اللواتي فارقن الحياة خلال الولادة أو فقدن أطفالهن أو تعرضن بعد الولادة لمشاكل صحية، إلا أن نساء وفتيات كثيرات ممن شهدن التجربة تحدثن عما لحق بهن من ضرر جراء تأخير العمليات القيصرية.

المعاناة تتكرر في المستشفيات بسبب عدم وجود قوانين تحدد الفترة الزمنية لخضوع المريضة لولادة قيصرية

وقالت ياسمين جواد لوكالة أنباء خاصة: “ما كنت أعلم أنني سأعاني من ألم حاد وأعرض طفلي للاختناق في المستشفى الحكومي.”

وبدأت قصة ياسمين جواد في منتصف الليل بإحدى ليالي الشتاء، إذ جاءها المخاض على حين غرة، فذهبت إلى المستشفى وقالوا إن عليها الانتظار في صالة الولادة.

وتابعت: “مرت ۸ ساعات وأنا أصرخ من الألم ويتناهى إلى سمعي صياح الممرضات وهن يقلن لي اصبري، ستحتاجين إلى ۱۸ ساعة أخرى من الطلق من أجل الإنجاب الطبيعي.”

وأضافت، أن ملامح وجه الطبيبة تغيرت فجأة بعد قياس النبض، وقررت إجراء عملية قيصرية طارئة، ولكن ذلك تم بعد فوات الأوان. لقد فقدت طفلها بسبب تأخر الولادة إذ لم يلبث سوى يومين في إنعاش الخدج حتى توقف قلبه وفارق الحياة.

وأشارت إلى أنه “لا يمكن إدراك حجم المعاناة في صالات الولادة داخل المستشفيات الحكومية، إذ بالإضافة إلى ما تعانيه النساء من آلام المخاض ثمة خوف شديد من فقدان الطفل أو تعرضه للاختناق، خاصة وأن طبيبة التوليد واحدة فقط في صالة تضم عشرات الحوامل، وهذه الحالة تتكرر يومياً.”

ويؤكد الأخصائيون على أنه يجب منح المرأة الحامل فرصة للإنجاب الطبيعي شريطة أن تخضع هي وجنينها للمتابعة الطبية ولا تُترك مسجاة على السرير، مشيرين إلى أن الأخطاء الطبية شائعة في المستشفيات.

وقالت الطبية الأخصائية في التوليد نضال الهيتي: “ليست لوزارة الصحة أي مسؤولية على الطبيبة المشرفة على الولادات، كما أنه ليس بوسع الوزارة محاسبة الطبيبة المشرفة إذا تعرضت المرأة أو طفلها أو كلاهما للخطر أو الموت لأن الطبيبة ستجد شتى الأعذار للتخلص من مسؤولية موت الجنين.”

وأضافت أن الولادة الطبيعية أمر جيد وصحي بالنسبة إلى الحامل والجنين معاً، لما للولادة القيصرية من أعراض جانبية مستقبلية، لكن يجب ألا يتجاوز معدل العمليات القيصرية من ۳ إلى ۵ حالات من بين كل ۱۰۰ ولادة طبيعية.

وأشارت إلى وجود تداخلات طبية غير صحية تعسر الولادة الطبيعية وتتم أحيانا من خلال إعطاء مغذ بطريقة غير صحيحة، مؤكدة أن الولادة الطبيعية هي حالة مثالية لصحة الأم والطفل بشرط طبيعي وهو وجود متابعة مستمرة لنبض الطفل وكمية الأوكسجين لأن نقصه عند الجنين يتسبب بمشاكل عديدة مستقبلا ومنها الإصابة بالقصور الذهني ويتضح ذلك في سن الرابعة.

الأمومة في أبهى حلة
ولفتت الهيتي إلى عدم توفر جهاز تخطيط لقلب الجنين وهو في رحم أمه لتتمكن الطبيبة من خلاله من معرفة وضع الجنين وتقلصات قلبه، منوهة إلى أن جهاز التخطيط هذا يبقى مربوطا على الأم أثناء الولادة لتتسنى متابعة الجنين بشكل دقيق.

وأشارت إلى أن “العملية القيصرية ليست هي الحل الصواب دائما، فالعملية تحتاج إلى مواد مخدرة وقد تتعرض المريضة لمضاعفات خلال العملية، ومن الصواب وضع المريضة في صالة الانتظار لفترة تتراوح بين ۶ إلى ۸ ساعات مع متابعة دقيقة ومستمرة للمريضة وللجنين بغية أن تنجب بشكل طبيعي ودون خطر.”

ويؤكد مصدر مطلع في وزارة الصحة، للوكالة، وجود “إهمال وتقصير من الكوادر الطبية في صالات الولادة.”

ويشير المصدر إلى أن بعض الأجنة يتعرضون للاختناق نتيجة تصرف خاطئ من الكوادر الطبية، أو لا يتم حقن إبر التوسيع التي تحتاجها المرأة الحامل أحيانا، مؤكدا أنه “لا تتم محاسبة أي طبيبة جراء اختناق الجنين بسبب الأعذار والتبريرات التي يقدمنها.”

ومثلما تسبب الولادة القيصرية بأعراض جانبية، فهناك مخاض طويل من المشاكل.

وتؤكد أخصائية التوليد، الطبيبة هناء شاكر أن “المخاض الطويل يؤدي إلى نزول ماء الجنين، وهناك احتمال ازدياد العدوى الرحمية أو المجاري البولية التي تنتقل إلى الجنين إضافة إلى حدوث نزيف شديد.”

العرب