اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
وفي العراق، برزت مخاطر متزايدة مرتبطة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، لاسيما في عمليات الابتزاز الإلكتروني التي تعتمد على إنشاء صور أو مقاطع مزيفة وترويجها عبر المنصات الرقمية، حيث لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة للتطوير التكنولوجي وتحسين الحياة اليومية، بل تحول في بعض الأحيان إلى سلاح بيد ضعاف النفوس لاستغلال الآخرين بطرق غير مشروعة.
ويمثل الذكاء الاصطناعي، إحدى تقنيات التكنولوجيا المعاصرة، وهو سلاح ذو حدين، إذ يستخدمه البعض في قضايا بحثية ومعرفية تختزل الجهد والزمن، فيما يستخدمه آخرون في قضايا سلبية تهدد حياة الأسرة والمجتمع.
وقال المختص التقني عثمان أحمد أكرم إن “الذكاء الاصطناعي ليس شرا في جوهره، بل هو أداة كالكهرباء التي قد تؤدي إلى موت من لا يحسن استخدامها”، مشيرا إلى أن مشكلة الذكاء الاصطناعي تكمن في وعي المستخدمين ومستوياتهم المتباينة.
وأوضح أحمد أكرم أن “الانفتاح الذي يشهده العراق شكل صدمة كبيرة، وأن الانتشار السريع لمواقع التواصل الاجتماعي ومحركات البحث والتكنولوجيا الرقمية كان أكبر من قدرة استيعاب البعض، ومن هنا بدأت المشاكل وتحولت الأدوات النافعة إلى مضرة”.
للابتزاز الحصة الأكبر من الجرائم التي يتم ارتكابها بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي حيث تعج المحاكم بالعديد من هذه القضايا التي تعرض أمام القضاء
وعن الآليات التي يستخدمها المبتزون عبر الذكاء الاصطناعي، قال أكرم إن هذه الخطوات تتضمن الصور والفيديوهات المزيّفة عبر تركيب وجه أو جسم على محتوى فاضح بهدف ابتزاز الضحية، واستنساخ الصوت لمدّة دقائق أو ثوانٍ أحياناً، ومن خلال الصوت يمكن صنع مكالمة مزيفة تطلب مالاً أو تعترف بشيء لم يحدث.
ويتابع قائلا إن “العمل السلبي في مجال الذكاء الاصطناعي تمثله هندسة اجتماعية ذكية وروبوتات محادثة تبني ثقة على مدى أيام أو أسابيع، تجمع أسرار الضحايا بهدوء ثم تضغطهم، ويتم ذلك عبر اصطياد الروابط التي تحتوي رسائل مُصاغة بإقناع لسحب البيانات”.
ووفقا لأكرم، فإن تجميع بيانات منفتحة وخلط حسابات وصور قديمة ومعلومات عائلية يتم عادة لصناعة قصة مُقنعة بغية الابتزاز، مؤكدا أن الاستخدام السلبي للذكاء الاصطناعي ينجم عنه تزوير محادثات وسجلات وتوليد دردشات مزيفة لكنها تبدو حقيقية.
وثمة العديد من العوامل التي تدفع بعض الشباب إلى ممارسة الابتزاز عبر التكنولوجيا الرقمية، أبرزها قصور الوعي والبطالة والفراغ والكبت. ويوفر الابتزاز الإلكتروني سرعة كبيرة في انتشار الملفات بمختلف المنصات، مقابل بطء نفي الملف المزيف وإثبات عدم صحته.
وما يساعد على انتشار ظاهرة الابتزاز بواسطة الذكاء الاصطناعي، التي تشكل حالة متقدمة على أنواع الابتزاز الإلكتروني الأخرى، عدم وجود بروتوكولات تخص السلامة الرقمية، وعدم توفر نصوص ومواد قانونية صريحة في قانون العقوبات العراقي لردع المبتزين.
وقد أصدرت محكمة جنايات الرصافة الأسبوع الماضي حكماً بالسجن مدة ست سنوات بحق مدان لقيامه بابتزاز فتاة عبر التهديد بنشر صور مفبركة لها من الذكاء الاصطناعي على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبحسب المحكمة، فإن الحكم صدر استناداً لأحكام المادة ۴۳۰/۱ من قانون العقوبات، وبدلالة المواد ۴۷ و۴۸ و۴۹ منه.
وكان قاضي محكمة جنح الكرخ قد أكد في وقت سابق، عدم وجود نص صريح في القانون العراقي يجرّم استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل عام، ولكن يمكن تكييف الأفعال الناتجة عن استخدامه ضمن الجرائم التقليدية كالاحتيال والتزوير والتشهير.
الابتزاز الذي يتضمن توفر أركان الجريمة يمكن تكييفه ضمن المواد القانونية لعدم وجود نص قانوني صريح يتعلق بالذكاء الاصطناعي
ويقول المشاور القانوني فرات العزاوي، إن “الابتزاز الذي يتضمن توفر أركان الجريمة يمكن تكييفه ضمن المواد القانونية لعدم وجود نص قانوني صريح يتعلق بالذكاء الاصطناعي”.
وأشار العزاوي إلى أن “هناك فروقات كبيرة بين الجرائم المعلوماتية وجرائم الذكاء الاصطناعي، فالأولى جرائم ترتكب باستخدام الحاسوب أو الإنترنت أو الشبكات، أما جرائم الذكاء الاصطناعي فهي فئة فرعية تقع ضمن الجرائم المعلوماتية التي يستخدم فيها الذكاء الاصطناعي كأداة لتنفيذ الجريمة”.
ونوه إلى أن “تكييف الجرائم الناتجة عن الذكاء الاصطناعي يتم بحسب معايير استنساخ الصوت أو الصورة وانتحال شخصية وإنشاء محتويات مضللة وإثارة الفتنة وغير ذلك”، مضيفا أن “تكييف العقوبات يتم حسب النتائج التي تفضي لها الجريمة، وتصدر الأحكام حسب قانون العقوبات العراقي رقم ۱۱۱ لسنة ۱۹۶۹، الذي يعاقب بالسجن أو الغرامة المالية عن هذه الجرائم”.
ولفت الخبير القانوني العراقي، إلى ضرورة تشريع قانون خاص بالذكاء الاصطناعي والجرائم الرقمية، لأن القوانين الحالية لا تواكب التطور التكنولوجي. وثمة برامج وتطبيقات سهلة يمكن استخدامها في الذكاء الاصطناعي بهدف الابتزاز أو التشهير والتسقيط، لا يمكن كشفها بسهولة.
وأكدت مسؤولة المتطوعات في مديرية الحوار الفكري التابعة لمجلس الشباب آية الساعدي، أن “عملية الابتزاز أصبحت سهلة وخاصة الابتزاز الموجه ضد النساء”.
ودعت الساعدي النساء إلى “التعامل بحذر باستخدام الروابط والفيديوهات المفبركة، وأن هناك بعض البرامج التي لا يمكن من خلالها تمييز المنشور المزيف إلا بصعوبة بالغة وبعد عرض المحتوى على متخصص تقني”.
وقالت، إنه يتم تسويق هذه البرامج على شكل روابط، وبمجرد فتحها يتم حفظ جميع بيانات المستخدم، ويمكن استغلالها باستخدام الذكاء الاصطناعي في عمليات الابتزاز وغيره.
وللابتزاز الحصة الأكبر من الجرائم التي يتم ارتكابها بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي حيث تعج المحاكم بالعديد من هذه القضايا التي تعرض أمام القضاء.
وتصدر العقوبات وفق المادة ۴۶۵ من قانون العقوبات العراقي التي تتعلق بالنصب والاحتيال في بعض حالات الابتزاز بتقنيات الذكاء الاصطناعي، فيما لم يتم بعد إقرار قانون الجرائم الإلكترونية حتى الآن.
العرب