اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
ومع ذلك، فإن هذا القرار المهم لا يشمل النساء الفلسطينيات، رغم أنه يعزو أسباب النزاعات في مختلف أنحاء العالم إلى صراعات عنصرية ودينية وعرقية، فإنه لا يذكر النساء تحت الاحتلال الاستعماري العسكري كما هو الحال في الأرض الفلسطينية المحتلة. والسؤال الذي يدور في أذهاننا -كدول أعضاء في الحوار السنوي المفتوح في مجلس الأمن للنهوض بأجندة المرأة والسلام والأمن في أكتوبر/تشرين الأول الحالي- هو ما إذا كان المجتمع الدولي سوف يستمع إلى أصوات النساء الفلسطينيات، ويأخذ معاناتهن بعين الاعتبار.
لم يجلب قرار مجلس الأمن رقم ۱۳۲۵ -الذي تم تبنيه قبل ۲۳ سنة- الأمل للمرأة الفلسطينية وذلك لافتقاره أي آلية للتنفيذ والمساءلة. لقد فشل المجتمع الدولي في محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على الانتهاكات الفعلية للقانون الإنساني الدولي وانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين، ومنهم النساء، وفشل في تحقيق العدالة وتأمين الحماية واحترام حقوق الإنسان.
منذ عام ۲۰۲۱، تحقق المحكمة الجنائية الدولية، بالرغم من عدم اعتراف إسرائيل بها، في الاتهامات الخاصة بارتكاب جرائم حرب وغيرها من الانتهاكات الأخرى في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ يونيو/حزيران ۲۰۱۴٫
ونتيجة لهذا الفشل في التحرك، فإن العنف وانتهاكات القانون الإنساني الدولي لا تزال تهدد ليس فقط المرأة الفلسطينية، بل الشرق الأوسط والعالم. تشعر النساء الفلسطينيات بالقلق إزاء ما يعتبرنه معايير مزدوجة، أي تطبيق القرار في بلدان أخرى وعدم تطبيقه في فلسطين. وفي الفترة بين عامي ۱۹۶۷ و۲۰۲۰، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد ۴۴ قرارا لمجلس الأمن تتعلق بإسرائيل.
من الصعب رؤية الأمل للنساء الفلسطينيات مع استمرار انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي واتفاقيات جنيف، والدعم المالي والعسكري الأمريكي لإسرائيل، بالإضافة إلى استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) المنتظم ضد قرارات مجلس الأمن بشأن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
لقد فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الاثنين الماضي في اعتماد قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة لأسباب إنسانية في أعقاب التصعيد الأخير. يجب على إسرائيل أن تفي بالتزاماتها القانونية، ويجب أن تخضع للمساءلة عن الانتهاكات الحالية والسابقة باعتبارها قوة محتلة بدلاً من أن يُعرض عليها شيك على بياض للإفلات من العقاب.
إذ تدعو المادة ۱۱ من قرار مجلس الأمن رقم ۱۳۲۵ إلى عدم منح الحصانة لمرتكبي جرائم الحرب، علما أن نسبة ۶۰% من القتلى هم من تشكل النساء والأطفال. بالإضافة إلى أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء في حادثة مقتل الصحفية الفلسطينية-الأمريكية شيرين أبو عاقلة، بالرغم من وجود أدلة على قتلها خارج نطاق القانون.
بينما تلتزم معظم الدول الأوروبية والولايات المتحدة الصمت، تواصل إسرائيل انتهاك قرار مجلس الأمن رقم ۱۳۲۵ في فلسطين من خلال اعتقال النساء والشباب والقتل ومداهمة المدن ومخيمات اللاجئين وهدم المنازل للاستيلاء عليها من قبل إسرائيل ومصادرة الأراضي وجدار الفصل العنصري وسحب الإقامة الدائمة من سكان القدس وفرض حصار غير قانوني على قطاع غزة مدة ۱۷ عاما. ولهذه الإجراءات تأثير مباشر على المرأة الفلسطينية، إذ تسهم في تفكك النسيج الاجتماعي وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وغالبا ما تسبب التوتر والصدمات.
إن النساء في فلسطين غير قادرات على الاستجابة للأزمات مع وجود القيود على الحركة وانعدام الأدوات والموارد، ومن ذلك قدرتهن على الاستجابة لأزمة تغير المناخ. تخسر النساء مصدر رزقهن بسبب إخراجهن من أراضيهن، إضافة إلى تقييد حق المرأة في المشاركة في المجتمع المدني، وذلك لتصنيف بعض المؤسسات الفلسطينية لحقوق الإنسان والمؤسسات النسوية، مثل اتحاد لجان المرأة الفلسطينية، على أنها مؤسسات “إرهابية”.
وعلى الرغم من هذا القرار الذي يدعو الدولة إلى ضمان حماية نسائها من العنف المبني على النوع الاجتماعي، فإن النساء الفلسطينيات المعرضات للعنف القائم على النوع الاجتماعي يدفعن ثمنا باهظا بسبب عدم فعالية النظام القانوني في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث هنالك عوامل تسهم في فشل النظام القانوني منها تعطيل إجراء الانتخابات البرلمانية الفلسطينية وغياب المجلس التشريعي الفلسطيني والانقسام السياسي الداخلي بين الحزبين الرئيسيين، ومن ثم يتم تطبيق القانون القبلي والتشريعات القديمة في غياب نظام قانوني فعال.
على الرغم من ذلك، يجب على الناشطين الفلسطينيين الاعتراف بأهمية هذا القرار، لأنه يسمح للمرأة الفلسطينية ببناء تحالفات، وتصميم خطط عمل وطنية، وتوثيق الانتهاكات، ورفع مستوى الوعي لدى المجتمع المحلي والدولي بشأن العنف ضد المرأة. تم الاحتفال بقيادة ومشاركة المرأة الفلسطينية في النضال الوطني من أجل العدالة والتحرير والحرية في جميع أنحاء العالم عبر التاريخ الفلسطيني. لكن هذا التاريخ الغني لنشاط المرأة لا ينعكس في النشاط السياسي بسبب نقص تمثيل المرأة.
لا بد من دعم المرأة الفلسطينية للمشاركة بنشاط في العمليات السياسية، منها اللجان الفنية والتقنية، والمشاركة في لجان المصالحة على المستوى الوطني. وهذه المشاركة ضرورية لتعزيز الوحدة الفلسطينية وتعزيز الأمل في سعي الشعب الفلسطيني لنيل الاستقلال وبهذه الطريقة سنضمن حماية واحترام حقوق الشعب الفلسطيني، وتعزز السلام والأمن للمرأة الفلسطينية.
تطالب النساء الفلسطينيات بشكل عاجل الأمم المتحدة والدول الأعضاء في مجلس الأمن بإصدار قرار خاص يعالج وضعهن تحت الاحتلال العسكري والأسباب الجذرية لمعاناتهن، والعقبات الرئيسية التي تعيق مشاركتهن والنهوض بأجندة المرأة والسلام الأمن، ومن ثم استمرار القيادات النسوية في لعب دور عظيم في إقامة دولة تتسم بالعدل والصمود والديمقراطية.
المصدر : الجزيرة