اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
منذ نهاية عام ۲۰۲۱ لم تستطع ربيعة ج. نيل النفقة من طليقها، ليس بسبب رفضه دفعها، بل لأنه عاطل عن العمل كونه من ذوي الإعاقات، ما منع السلطات القضائية من تحصيل النفقة منه بطريقة قانونية، في حين كانت الحكومة أوقفت نشاط صندوق النفقة في العام ذاته.
تقول ربيعة لـ”العربي الجديد”: “وجدت صعوبات كبيرة في توفير مصاريف تدريس طفلي في السنوات الأخيرة حين تلقيت مساعدات من جمعية خيرية وشقيقي. وقد أفرحني قرار الحكومة إعادة تفعيل صندوق النفقة، وأتمنى صرف المخصصات التي يقرّها القانون لمصلحة الأطفال”.وتذكر سجلات جمعية محلية تنشط في مجال الدفاع عن حقوق المرأة في محافظة تيبازة قرب العاصمة الجزائرية أن حالات كثيرة تشهد صعوبة حصول المطلقات على النفقة لأسباب عدة. وفي إحدى الحالات تفاقم الخلاف بين امرأة وطليقها وصولاً إلى اعتدائه عليها جسدياً مع ابنتها، ودخولها مستشفى للأمراض العصبية تحت تأثير الضغط الذي عاشته بعد حرمانها من النفقة. وفي حالة ثانية أثر تأخر حصول امرأة مطلقة لديها ۴ أولاد على النفقة في المسار التعليمي لأطفالها الذين حُرموا من الدخول المدرسي، كما لم يستطع أحد أولادها الحصول على متابعة نفسية خاصة بحالته، باعتباره مصابا بمرض التوحد.تقول رئيسة جمعية “أمل الحياة” المعنية بقضايا المرأة والأسرة والطفولة بمحافظة تيبازة قرب العاصمة الجزائرية، نعيمة لحرش لـ”العربي الجديد”: “تعتبر التدابير الجديدة الخاصة بإعادة تفعيل صندوق النفقة خطوات متقدمة، وتصب في مصلحة الحفاظ على كرامة المرأة المطلقة وأطفالها. ويضمن تكفّل الدولة بصرف النفقة في حال وجود تعطيل أو أعذار تعيق ذلك العيش الكريم للأبناء الذين يعتبر غالبيتهم الضحايا الأول للتفكك الأسري، ويعيشون في حرمان وشعور بالنقص مقارنة بأولئك الذين في أسر عادية”.تضيف: “تبسّط التدابير الجديدة حصول المطلقات على النفقة باعتبارهن فئة هشّة في المجتمع، وتساهم في حمايتهن من التعسّف والتهميش، وتحفظ كراماتهن خاصة في ظل تسجيل عدة حالات لتخلي الأزواج عن نفقة الأولاد بعد الطلاق، وتعمّد بعضهم الانتقام من زوجاتهم السابقات. ومن خلال العمل الميداني مع نساء مطلقات توصلنا الى قناعة بأنه من بين أسباب ارتفاع الطلاق في بعض الحالات سهولة تهرّب وتنصّل الأزواج من مسؤولياتهم في دفع النفقة بأعذار مختلفة”.
وكان تقرير وجهه نواب إلى الحكومة قبل فترة قصيرة أورد أن “أكثر من ۴ آلاف امرأة حاضنة وأكثر من ۸ آلاف طفل لم يستفيدوا منذ عام ۲۰۲۰ من مبالغ النفقة التي تشكل المصدر الوحيد لعيشهم، خاصة بعدما جمّدت الحكومة صندوق النفقة منذ عام ۲۰۲۱٫ وفاقم ذلك معاناة النساء الحاضنات في رعاية أطفالهم وتربيتهم وتفادي انحرافهم وتسربهم المدرسي، وتأمين الرعاية المناسبة لهم”. وأشار التقرير أيضاً إلى أنه “رغم أن تعمّد الامتناع عن دفع النفقة يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، ارتبطت حالات بأسباب موضوعية تعيق دفع المطلق للمنحة مثل وقف العمل أو مغادرة البلاد أو السجن وغيرها”.ويقول المحامي المتخصص في شؤون وقضايا الأسرة، عيساني سيد أحمد، لـ”العربي الجديد”: “إعادة تفعيل صندوق النفقة عبر إجراءات يتضمنها قانون معروض على مجلس الأمة سيحل إشكالات عدة تتعلق بتحصيل مبالغ النفقة التي أقرّها القضاء، ويقلص عدد القضايا المعروضة على العدالة، والتي تتعلق بجنح عدم دفع النفقة باعتبار أن صندوق الدولة سيحل بدلاً من الممتنعين عن دفع النفقة في حال عجزوا عن ذلك”.يتابع: “ما يميّز التدابير الحكومية الجديدة نقل مسؤوليات تسييرها من وزارة التضامن إلى وزارة العدل، واستحداث مكاتب في المحاكم لتسهيل الإجراءات الجديدة المتخذة التي ترفع الغبن عن شريحة كبيرة من المجتمع، سواء طالبات النفقة وأيضاً من يعجزون عن دفعها لأسباب موضوعية”.ويؤكد المحامي جمال خذيري، في حديثه لـ”العربي الجديد”، أن “النفقة واحدة من أبرز المشكلات التي تواجه المطلقات بعد الطلاق بسبب تزايد أعباء ومتطلبات تربية الأطفال والتكفل باحتياجاتهم المالية. وفعلياً يتخلى أزواج كثيرون عن مسؤولياتهم الاجتماعية تجاه أبنائهم بعد الطلاق، ويرفضون أو يماطلون في دفع النفقة سواء لأسباب موضوعية ترتبط بالعجز المادي أو لأسباب ذاتية. وهكذا يصبح الأطفال الضحايا الأول لهذا الوضع الذي يفرض أن تتدبر المرأة الحاضنة أمورها المادية بنفسها للتكفل بهم، من هنا يعتبر خيار الحكومة إعادة تفعيل صندوق النفقة وتأسيسه على قاعدة قانون خاص خطوة مهمة تساهم في تعزيز الحماية الاجتماعية للأطفال ضمن إطار المسؤولية الاجتماعية للدولة”.
وتشير بيانات حكومية رسمية إلى أن ۷۹۴۵ امرأة و۱۴۷۴۵ طفلاً سيستفيدون حالياً من صندوق النفقة لمصلحة النساء اللواتي تؤول إليهن حضانة الأطفال بعد الطلاق الذي ارتفعت حالاته في شكل كبير، ووصل إلى أعلى مستوى عام ۲۰۱۸ حين جرى تسجيل ۶۸ ألف حالة مقابل ۶۵ ألف حالة عام ۲۰۱۷٫ وتكشف بيانات وزارة العدل حصول ۲۴۰ حالة طلاق يومياً، أي ۱۰ كلّ ساعة.
المصدر : العربي الجدید