اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
يشهد العراق تزايدا في استخدام الشباب لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وفي مقدمتها “شات جي.بي.تي”، وهو ما أثار تحذيرات من انتشار ما يُعرف بظاهرة “الحب الافتراضي”.
ويستعين الشباب بـ”شات جي.بي.تي”، في مختلف تفاصيل حياتهم اليومية، سواء في الحديث عن المشاعر الشخصية، أو في روتينهم اليومي، فيسألونه عما يأكلون ويشربون، ويستشيرونه في تنسيق ثيابهم عند الخروج، ويتحدثون معه لساعات طويلة، ويطلقون عليه أسماء تناسبهم.
وما يدفع الشباب للتعلق بالشات هو فشل تجاربهم العاطفية السابقة، حيث عانوا من الفشل والخيانة، لذا يعتقدون أن علاقتهم بـ”شات جي.بي.تي”، علاقة مثالية من ناحية الاهتمام والرومانسية.
أحمد الذهبي: التحكم الكامل في العلاقة مع الشات يمنح الفرد شعورا بالسيطرة المفقودة في العلاقات الحقيقية
كما يلجأ الشباب إلى التحدث مع “شات جي.بي.تي”، ويطرحون عليه العديد من القضايا والأسئلة، وهو دائما يشجعهم على التواصل مع الحياة بشكل إيجابي.
ويرتبط العديد حول العالم بعلاقات عاطفية مع الشات، ضمن ظاهرة تنم عن أزمة وجودية حادة وتكشف عن الفراغ العاطفي والروحي.
ويخوض بعض المستخدمين محادثات غرامية مع البرنامج الذي يتجاوب معهم بأسلوب إنساني، ما قد يؤدي بحسب خبراء عراقيين، إلى إدمان مشاعر وهمية وزائفة، وانعكاسات نفسية واجتماعية على المدى البعيد، خصوصا بين فئة المراهقين والشباب.
وقال الباحث في علم النفس والاجتماع أحمد الذهبي إن “لجوء الفتيات والشباب إلى العلاقات الوهمية مع ‘شات جي.بي.تي’ أو غيره من تقنيات الذكاء الاصطناعي يعود إلى أسباب مختلفة، منها الهروب من الوحدة أو العزلة، فالكثير من الشباب يعانون عزلة اجتماعية أو ضعفا في شبكة العلاقات، لذلك يجدون في المحادثات مع الذكاء الاصطناعي بديلا سريعا لملء الفراغ والوحدة”.
كما أن غياب الحكمة والرصانة والنقد الموضوعي، وغياب الصدق أحيانا في العلاقات الواقعية، يجعل الشباب يتجهون إلى الذكاء الاصطناعي الذي يتفاعل معهم ويثني عليهم، إضافة إلى سهولة بناء علاقة مع الشات لأنها لا تحتاج إلى أي جهد، فهي متاحة دائما.
وأشار الذهبي إلى أن “التحكم الكامل في العلاقة مع الشات يمنح الفرد شعورا بالسيطرة المفقودة في العلاقات الحقيقية، إضافة إلى الإشباع العاطفي الرمزي، حتى وإن كان الفرد يدرك أن العلاقة غير حقيقية، لكن الدماغ يستجيب لها”، مبينا أن “هذا النوع من العلاقات له تأثيرات سلبية على المدى البعيد، منها الإدمان العاطفي الذي يضعف دافع الفرد إلى بناء علاقات حقيقية”.
وتابع “يتشكل لدى الأفراد المرتبطين بعلاقات عاطفية افتراضية مع ‘شات جي.بي.تي’ تصور مثالي عن العلاقات على أنها دون مشكلات أو مواقف متباينة، وهذا يضعف القدرة على تحمل صعوبات العلاقات الواقعية، كما تؤدي العزلة الاجتماعية الناجمة عن الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي إلى تعميق الفجوة بين الفرد ومحيطه، وإلى حالة من الاغتراب”.
وعلى المدى البعيد، تؤدي هذه التأثيرات إلى إنتاج إنسان متقوقع ومنعزل، وهذا بدوره يؤدي إلى اضطرابات ومشاكل نفسية صعبة، وقد يفضي الانفصال عن الواقع إلى تشوهات معرفية في فهم العلاقات، ما يمكن تصنيفه كحالة مرضية يصعب علاجها.
عثمان أحمد أكرم: بعض الشباب والمراهقين ينجذبون عاطفيا إلى ربوتات الدردشة الذكية
كما يرى الباحث العراقي أن الأشخاص المرتبطين بعلاقات عاطفية افتراضية مع الشات يفقدون هويتهم الإنسانية، مضيفا أن اعتماد الفرد على علاقة وهمية لتشكيل صورته الذاتية وإشباع حاجته العاطفية يولّد لديه هوية هشة، تعتمد على الإشباع الاصطناعي أكثر من التجارب الواقعية، ما يزيد احتمالية القلق والاكتئاب عند غياب هذا المصدر، وينتج عنه ضعف الكفاءة الاجتماعية وضعف إدراك العلاقات، إضافة إلى الإدمان السلوكي.
وتشير البيانات الحديثة إلى أن أكثر من ۷۰ ألف شخص في العالم يبحثون شهريا عن شريك ذكي عبر الإنترنت، ويُجرون محادثات غرامية مع “شات جي.بي.تي”، كما يحمّل ملايين آخرين تطبيقات مصمّمة لمحاكاة العلاقات الحقيقية. وقد صمّمت منصات الذكاء الاصطناعي المدعومة بتقنيات التعلم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعية والتعلم العميق لمحاكاة التفاعلات البشرية، مما يخلق انسجاما فريدا مع الوقت بينهم وبين أجهزتهم.
العرب