اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
وتواجه الكثير من الحوامل مضاعفات صحية خطيرة قد تفضي في كثير من الأحيان إلى ولادات مبكرة، ما يهدد حياة الأم والجنين، ولا سيما في ظل النقص الحاد في الحاضنات المخصصة لرعاية الأطفال الخدج، التي تقلصت أعدادها جراء الإبادة الجماعية المتواصلة للشهر العشرين.
معاناة الحوامل والأجنة في غزة
تقول الطبيبة المدهون، إنها ترصد خلال عملها اليومي “شكاوى نساء حوامل يعجزن عن توفير الأغذية والمكملات الغذائية” ما يسبب انخفاضاً في أوزان أجنتهن. وتضيف أن الحوامل يجب أن يتناولن العناصر الغذائية المتكاملة والموجودة في الخضروات والفاكهة من أجل نمو الجنين وتطوره من الناحية البدنية والعقلية. لكن في ظل المجاعة، يبدو هذا الأمر صعب المنال بالنسبة إلى السيدات الحوامل، ما يتسبب بانخفاض أوزان الأجنة إلى أقل من المعدل الطبيعي، وفق المدهون.
يضاف إلى ذلك تلوث المياه الذي بدوره يتسبب بالتهابات متكررة للحوامل، تفضي إلى مضاعفات صحية تنتهي بدخول بعضهن في ولادة مبكرة، بحسب الطبيبة المدهون. وتوضح أنّ الولادة المبكرة تضاعف الخطر المحدق بالأجنة، خصوصاً ذوي الأوزان القليلة، حيث يواجهن أزمة نقص الإمكانات وتوفر الحاضنات، الأمر الذي من شأنه رفع معدل الوفيات بين حديثي الولادة.
ولأكثر من مرة، حذرت تقارير حقوقية ودولية من نقص أعداد الحاضنات في قطاع غزة، الأمر الذي يهدد حياة الرضع من حديثي الولادة. والأحد، قالت مديرة برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، سيندي ماكين، إن هناك حالياً ۵۰۰ ألف فلسطيني يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد في قطاع غزة، وإنهم على شفا مجاعة.
وتقول الطبيبة المدهون إنه في الأوقات الطبيعية، يُتفادى خطر قلة التغذية عبر توفير الفيتامينات والمكملات الغذائية، لكن في هذه الفترة يندر وجودها. وبيّنت أن جميع النصائح الطبية لزيادة وزن الأجنة أصبحت غير مواتية في ظل هذه الظروف الصعبة من المجاعة والإغلاق. وتوضح أنّ بعض الفيتامينات والمكمّلات الغذائية ضرورية للحوامل من أجل نمو سليم للأجنة وتفادي تشوهاتهم، فيما يتسبب عدم توفرها في زيادة عدد الأجنة الذين يعانون من تشوهات بعد الولادة. إلى جانب ذلك، قد يؤدي نقص التغذية والمكملات إلى عدم اكتمال الحمل أو وفاة الجنين في رحم والدته، وفق قولها.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإنه رصد ۳۰۰ حالة إجهاض بين الحوامل جراء نقص العناصر الغذائية الضرورية لاستمرار الحمل، وذلك على مدار ۸۰ يوماً من الحصار الإسرائيلي. وتحذر المدهون من أنّ استمرار المجاعة سيؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، مضيفة: “كلما طالت مدة المجاعة، زادت حاجة الأجنة -بعد الولادة- للحاضنات”. وجراء سوء التغذية ونقص المكملات، تشير الطبيبة إلى أن فحوصات تحليل الدم لغالبية الحوامل تُظهر نقصاً كبيراً في الدم عن الحد الأدنى الذي يجب أن يكون لديهن، ما يؤثر في عملية الولادة، ويضع النساء في خطر فيما لو تعرضن لنزف.
وتلفت إلى أن الوضع الصحي في قطاع غزة، الذي تسببت ۲۰ شهراً من الإبادة في انهياره، لا يتيح توفير كميات دائمة من وحدات الدم الخارجية. ولفتت إلى أن عدم توفر وحدات الدم يضع الحامل في خطر شديد إن تعرضت لنزف. فيما تعاني الحوامل من مضاعفات صحية جراء إصابتهن بفقر الدم، أبرزها “الهزال والصداع وضيق النفس”.
تقول الفلسطينية أسمهان محيسن (۳۸ عاماً)، الحامل في شهرها السادس، إنها تعاني من فقر دم جراء عدم توفر الأغذية اللازمة. وتضيف أن الطعام المتوفر في الأسواق يعرض بأسعار مرتفعة جداً، فيما تعجز عن شرائها في ظل انعدام مقدرتهم الشرائية حين يعانون من ظروف اقتصادية سيئة في ظل عدم توفر أي فرص عمل بفعل الإبادة. وتوضح أنه نظراً لسوء التغذية وإصابتها بفقر الدم، فإن وزن جنينها أقل من الوزن الطبيعي.
وتشير إلى أنّ الوجبات الغذائية التي يحصلون عليها من تكايا توزيع الطعام شهدت تقلصاً كبيراً بعدما اضطر العشرات منها إلى الإغلاق، في أثر مباشر للحصار الإسرائيلي المشدد على المعابر، ومنع دخول المساعدات، باستثناء كميات شحيحة منها. وإلى جانب نقص الأغذية، تقول محيسن إنها لا تملك المكملات الغذائية والفيتامينات اللازمة للحفاظ على صحتها ولسلامة نمو جنينها. وأعربت عن تخوفاتها من عدم التئام جرحها بعد ولادتها القيصرية بعد ۳ أشهر، وذلك بسبب فقر الدم وسوء التغذية.
بدورها، تقول الفلسطينية سعاد الغندور (۶۳ عاماً)، وهي والدة إحدى الحوامل اللواتي ينتظرن دورهن في مستشفى الحلو، إنّ سياسة التجويع الإسرائيلية والنزوح المتكرر الذي يفرضه الجيش، يفاقمان من معاناة الحوامل. وتضيف أن الحوامل كافة يعانين جراء قلة الغذاء، ما يصيبهن بحالة من الهزال العام. وتوضح أنه مع تكرار موجات النزوح التي تفرضها أوامر الإخلاء الإسرائيلي، تواجه الحوامل مشاكل صحية تزامناً مع حالة الهزال، وذلك حيث تقضي ساعات النزوح الطويلة مشياً على الأقدام دون توفر ما يسدّ رمقها.
وعن وضع ابنتها عقب النزوح، تقول الغندور، إنه من أصعب الأوقات التي تمر عليها، إذ إنها تقضي “أكثر من أسبوع عقب النزوح دون قدرتها على التحرك”. وتذكر أن الحوامل يعشن أيضاً ظروفاً معيشية صعبة بلا مقومات أو مستلزمات نظافة، ما يفاقم من خطورة إصابتهن بالأمراض المختلفة. وتستكمل قائلة: “حمل ومجاعة وقلة غذاء وقلة اهتمام، هذا أمر فظيع، لا أحد (حول العالم) يعيش ما نعيشه في غزة”. وتعرب عن تخوفاتها من عدم توفر الغذاء، خصوصاً الحليب ووسائل النظافة وحفاظات الأطفال بعد ولادة ابنتها، ما يفاقم من صعوبة هذه الظروف.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي، منذ ۲ مارس/ آذار الماضي، سياسة تجويع ممنهج لنحو ۲٫۴ مليون فلسطيني في غزة، عبر إغلاق المعابر بوجه المساعدات المتكدسة على الحدود، ما أدخل القطاع مرحلة المجاعة وأودى بحياة كثيرين. وسمحت إسرائيل في ۲۱ مايو/ أيار الماضي، بدخول كميات محدودة من المساعدات قدّرها المكتب الإعلامي الحكومي بنحو ۸۷ شاحنة فقط خصصت لمؤسسات دولية وأهلية، في ظل احتياج عام للقطاع قدّره المكتب بنحو ۵۰۰ شاحنة مساعدات و۵۰ شاحنة وقود في حد أدنى منقذ للحياة. وبشكل شبه يومي، تدعي وسائل إعلام إسرائيلية دخول مساعدات إلى قطاع غزة، الأمر الذي اعتبره المدير العام للمكتب الحكومي في غزة، إسماعيل الثوابتة، في تصريح سابق لوكالة الأناضول، حملة “تضليل كاذبة”.
شفقنا