السهم ذو الثلاث شعب ما زال يستقر في قلوب الأطفال الأبرياء

جاء صوت السهم من وراء الفرات، لكن في سهل كربلاء كان هناك صوت أضعف وأشد إيلاماً يمزّق القلوب؛ بكاء رضيع في الشهر السادس من عمره، لا يملك سيفاً ولا درعاً، وإنما شفتان يابستان من العطش.

حمله الحسين عليه السلام بين ذراعيه، ووقف أمام الجيش قائلاً: “إن لم ترحموني فارحموا هذا الطفل وأعطوه جرعة ماء”. فجاءه الجواب سهماً ذا ثلاث شعب اخترق حلق علي الأصغر، لتتلطخ يدا الأب بدماء طفله.

مرّت أربعة عشر قرناً وما زالت الأرض شاهدة على كيف يظلّ الأطفال العزّل ضحايا للعطش والحصار والقسوة واليوم، في غزّة، أطفال بعيون جافّة من قلّة الماء وقلوب مرتجفة من دويّ الانفجارات، يكرّرون السؤال الصامت لعلي الأصغر عليه السلام: «ما ذنبي؟».

كربلاء لم تنحصر في عاشوراء… فحيثما يموت طفل محاصَر عن الخبز والماء أو تحت ركام القصف أو في ظلّ الحصار، يُطلق السهم ذو الثلاث شعب من جديد. والتاريخ شاهد: دماء الأبرياء ستصرخ يوماً مطالبةً بالعدالة.