عندما يصبح المال سلاحاً في العنف الأسري

وفقاً لنتائج دراسة حديثة، تواجه النساء المنتميات للأقليات العرقية في بريطانيا خطر التعرض للإساءة الاقتصادية بمعدل ضعف نظيراتهن البيضاوات. هذا الشكل من العنف الأسري لا يُمارس بالضرب، بل عبر السيطرة المُحكمة على الأموال، والموارد المالية، والفرص الوظيفية.

على الرغم من أن القانون البريطاني يعترف بهذا السلوك كنوع من العنف الأسري، إلا أنه غالباً ما يبقى غير مرئي وغير مُعترف به لغياب مظهره الجسدي الصارخ. وتكشف نتائج البحث أن هذه المشكلة تكون أكثر حدة بالنسبة للنساء المسلمات من جنوب آسيا، بما في ذلك البريطانيات من أصل باكستاني وبنغلاديشي.

لقد مُنعت العديد من هؤلاء النساء عمداً من العمل من قبل أزواجهن، مما جعلهن معتمدات كلياً عليهم. وتمكن البعض من العمل سراً وبمساعدة أسرهن فقط، لأن أزواجهن اعتبروا عمل المرأة “عاراً”. والنتيجة هي أنهن، بعد انتهاء العلاقة، لا يملكن أي مدخرات، ولا يمتلكن سجلاً وظيفياً أو مؤهلات أو مهارات كافية للعودة إلى سوق العمل.

تستمر المشكلة حتى بعد الطلاق. يستخدم العديد من الرجال نفقة الأطفال كأداة للضغط، فإما أنهم لا يدفعون شيئاً، أو يدفعون مبالغ زهيدة لا تكفي لتلبية متطلبات المعيشة. ومن بين ۲۸ امرأة قابلتهن الدراسة، ذكرت اثنتان فقط أنهن يتلقين نفقة عادلة؛ أما الأخريات، فإما أنهن لم يحصلن على أي دعم، أو أن المبلغ الذي يصل يهدف في الغالب إلى استمرار السيطرة أكثر من كونه دعماً للطفل.

غالباً ما تكون المؤسسات الحكومية البريطانية غير فعالة. فقد تجاهلت خدمة صيانة الأطفال (CMS)، على وجه الخصوص، ملفات النساء مراراً وتكراراً في القضايا التي تنطوي على تداعيات مالية دولية، مثل امتلاك الزوج أصولاً في باكستان. وذكرت إحدى النساء: “لقد قدمت أرقام وعناوين الممتلكات في باكستان، لكنهم قالوا فقط: ‘نتفهم انزعاجك، عليكِ فقط أن تتحلي بالصبر'”.

ولكن إلى متى؟ بينما الأطفال جياع والفواتير متأخرة!

يستغل بعض الرجال أيضاً الأنظمة القانونية والدينية للتهرب من مسؤولياتهم المالية. أفادت إحدى النساء أن زوجها تزوج مرة أخرى مستنداً إلى “تصريح شرعي” لتعدد الزوجات دون استكمال إجراءات الطلاق الرسمية، وقام بنقل جميع أصوله إلى الزوجة الجديدة. والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن قاضي محكمة بريطانية عليا اعتبر هذا السلوك “مقبولاً”، وكأن الأمر يتعلق بحق ديني وليس نوعاً معقداً من الاستغلال الاقتصادي.

بالنسبة للنساء اللواتي يتمتعن بوضع هجرة غير مستقر، تكون الظروف أصعب. بعضهن لم يكن يمتلكن رقماً للتأمين الوطني، ولا حساباً بنكياً، ولا أي من المساعدات الحكومية مثل إعانة الطفل حتى لجان إلى مأوى للنساء. لقد استغل أزواجهن وضعهن كمهاجرات لمنع استقلالهن المالي وحتى ثقتهن بأنفسهن.

بشكل عام، لا تواجه هؤلاء النساء مجرد عنف أسري، بل يواجهن نظاماً يساهم، أحياناً عن غير قصد وأحياناً عن قصد، في استمرار هذا العنف. من سوق عمل يتميز بالتمييز، إلى هيئات قضائية تبرر بعض السلوكيات باسم “الثقافة والتقاليد”.

يؤكد الباحثون أن الحل يكمن في سياسات تأخذ تجارب هؤلاء النساء على محمل الجد، وتفهم سياقهن الثقافي، وتدرك أن الإساءة الاقتصادية ليست مجرد مسألة أموال، بل هي تجريد من السلطة، والاستقلال، والكرامة الإنسانية.

تعریب خاص لـجهان بانو من وكالة أنباء phys