العنف ضد النساء تحت راية حقوق الإنسان

جريمة قتل الأم الحامل الرومانية البالغة من العمر 23 عامًا على يد زوجها السابق في فبراير 2024، وأمام أعين ابنتها البالغة من العمر ثلاث سنوات، أصبحت رمزًا لأزمة العنف الأسري المتفشية في أوروبا.

وقعت هذه المأساة في ظل تدهور النظام القضائي في رومانيا،الدولة الأكثر فساداً في الاتحاد الأوروبي . ففي حين تُمرر قوانين تعفي السياسيين الفاسدين من المحاسبة، تآكلت الثقة العامة، ووصفت لورا كودروتا، المدعية العامة لمكافحة الفساد، ذلك بأنه ضربة قاتلة لسيادة القانون.

وفي الوقت نفسه، تكشف الإحصاءات الصادمة من أنحاء أوروبا عن عمق الأزمة: ففي ألمانيا، ارتفع العنف الأسري في عام ۲۰۲۴ بنسبة ۴% ليصل إلى ۲۶۶ ألف حالة، كانت ۷۰% من ضحاياه من النساء، وسجلت ولاية ساكسونيا السفلى أعلى زيادة بنسبة ۱۲%.

أما في اليونان، فقد أصبحت ۱۵ ألف امرأة ضحية للعنف الأسري خلال الأشهر العشرة الأولى من عام ۲۰۲۴، وهو ارتفاع بنسبة ۵۸% عن العام السابق، وقفزت حالات اعتقال المعتدين من ۶ آلاف إلى ۱۱ ألفًا. ويرى المسؤولون اليونانيون أن هذا الارتفاع يعكس جرأة النساء في الإبلاغ، لكن النشطاء الاجتماعيين يحذرون من أن أنظمة الدعم غير قادرة على الاستجابة. فالتبعية الاقتصادية والنفسية للضحايا تجاه المعتدين، حتى بعد الوصول إلى ملاجئ آمنة، تبقى العائق الرئيسي في مواجهة هذه الظاهرة، وهو نمط واضح في اليونان.

في خضم هذا الوضع، ظهرت بعض الابتكارات التي تمنح بصيص أمل، مثل أزرار الطوارئ في اليونان، التي تسمح باستدعاء مساعدة الشرطة دون جذب انتباه المتحرش، والأساور الإلكترونية في ألمانيا المزودة بنظام تتبع GPS مستوحى من النموذج الإسباني الناجح

أما النساء المهاجرات، فهن الضحايا الصامتات لهذه الأزمة: ففي كندا، تقع ۷۳% من جرائم القتل المرتبطة بـ”الشرف” داخل العائلات المهاجرة، وفي ألمانيا، سجلت المناطق التي يقطنها المهاجرون، مثل ميناء بيرايوس، معدلات عنف أعلى. وتصعّب عوائق، كالخوف من الترحيل وتزوير المعتدين لوثائق الهجرة، على الإبلاغ عن هذه الجرائم.

وبحسب الأطباء النفسيين، فإن العنف المنهجي يولد صدمة جماعية تغير مفاهيم المجتمع عن الأمان والعدالة، وتقود إلى فقدان الثقة والتفكك الاجتماعي. وتطالب الحركات الاجتماعية الأوروبية الآن بتحولات جذرية تشمل تمويل ملاجئ مجهزة بخدمات الصحة النفسية، وإصلاح قوانين الهجرة لحماية الضحايا غير الحاصلين على الإقامة، و التدريب المتخصص للشرطة والقضاة. وكما يؤكد النشطاء الرومانيون: لم تكن جريمة قتل تلك الأم الحامل مجرد خبر؛ بل كانت جرس إنذار لمجتمع غارق في سباته.

تعریب خاص لـجهان بانو من وكالة أنباء يورونيوز