اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
اليومية كالكبة النيئة والحساء وخبز الصاج وغيرها. تضيف أنها تحضر أكثر من عشرة كيلوغرامات من الفليفلة الجافة كل عام، وهي الكمية المناسبة لعائلتها المؤلفة من زوجها وخمسة أبناء. ويستهلك تحضيرها العمل يومين متتالين بمساعدة نساء من العائلة والجيران. وتوضح أن “كل ۱۰۰ كيلوغرام من الفليفلة الحمراء ينتج منها ۱۰ كيلوغرامات مجففة”.وعن مراحل إعداد الفليفلة التي تفضلها حارّة، توضح العلوش أنها تبدأ بغسلها وتقطيعها لنصفين وتنظيفها من البذور والشوائب وتجفيفها على مصطبة نظيفة أمام الخيمة التي تقيم فيها شمال بلدة قاح تحت أشعة الشمس لأيام عدة. وبعد عملية التجفيف بشكل جيد، ترسل إلى السوق لطحنها بواسطة المطحنة الكهربائية وتعبئتها في أوانٍ زجاجية محكمة الإغلاق للشتاء.أما رانيا البرهان (۴۲ عاماً)، فتقول إن عائلتها مؤلفة من تسعة أشخاص، وتفضل عادة دبس الفليفلة في الشتاء على بقية أنواع المؤونة لكونها سريعة التحضير ولذيذة. لذلك، تحاول تحضير أكبر قدر منها في كل موسم بعد شرائها وتقطيعها وتنظيفها من البذور ووضعها تحت أشعة الشمس لساعات إلى حين ذبولها فقط. ثم تبدأ بطحنها بماكينة الكبة اليدوية المتوافرة لديها وتمليحها ووضعها في أوعية زجاجية أو بلاستيكية محكمة الإغلاق تمنع دخول الهواء إليها.وتشير إلى أن دبس الفليفلة يشكل مع الخبز الطازج الوجبة الرئيسية لعائلتها في الشتاء، ولا سيما في ظل الفقر والنزوح، لكونها متوافرة وغير مكلفة مقارنةً بالمأكولات الأخرى. هذا الموسم يذكرها بأيام قطافه من أرضها وتحضيرها المؤونة بمساعدة جيرانها الذين فرّق النزوح في ما بينهم.
وتتنوع صناعة المؤونة في هذا الوقت من العام. بالإضافة إلى تحضير الفليفلة الحمراء الأكثر طلباً، هناك الباذنجان المكدوس بالجوز وزيت الزيتون، والمخللات بأنواعها، والنعناع والخضار المجففة والعصائر الطبيعية.واتخذت نازحات معيلات من صناعة المؤونة المنزلية مصدر دخل لهن في ظل النزوح والفقر وارتفاع تكاليف المعيشة، ووجدن فيها فرصاً موسمية جيدة. هؤلاء يعملن في بيوتهن أو في ورش قريبة من مخيماتهن، ما يخفف عنهن أعباء التنقل والسفر.
تبدو الأربعينية حياة الشيبان، وهي من قرية بعربو بريف إدلب الجنوبي وتقيم في مخيمات إدلب الشمالية، منهمكة في إعداد المؤونة الشتوية المتنوعة ضمن ورشة صغيرة تضم العديد من العاملات الأخريات بغية الحصول على مبلغ من المال يساعدها في إعالة أسرتها المؤلفة من عشرة أشخاص. تقول إن الوضع داخل المخيمات “مأساوي. فمن لا يعمل لا يأكل”، وهي مضطرة إلى العمل في إعداد المؤونة، على الرغم من الأجر القليل وساعات العمل الطويلة، تجنباً للحاجة والسؤال. وتحصل على مبلغ ۸ ليرات تركية في مقابل تجهيز كرتونة من الفليفلة الحارة التي يراوح وزنها ما بين ۱۷ و۱۸ كيلوغراماً. ويستغرق العمل في إعداد الكرتونة الواحدة ساعة، لتجني في اليوم الواحد ما يعادل ۶۰ إلى ۷۰ ليرة تركية بمساعدة ابنتها.تضيف في حديثها لـ”العربي الجديد” أنها لم تكن تضطر إلى مثل هذا العمل في السابق قبل نزوحها من قريتها حيث الأراضي والأرزاق. لكنها اليوم باتت تبحث عمّا يسد رمق عائلتها. ويشمل عملها، بالإضافة إلى تحضير الفليفلة الحمراء، غيرها من مواد المؤونة، بالإضافة إلى العمل ضمن ورشات زراعية حين تُتاح لها الفرصة، كجني الخضار وزراعة المشاتل.
وتشكو حياة من آلام في أسفل عمودها الفقري، مؤكدة أن الطبيب حذرها من تلك الأعمال التي لا تناسب حالتها المرضية، ولكنها تجد نفسها مضطرة إلى العمل، في ظل قلة فرص العمل والغلاء الذي طاول المواد الأساسية، كالخبز والخُضَر والغاز والوقود.ويقبل أصحاب بعض المحال التجارية في إدلب على شراء المؤونة المنزلية من النساء العاملات، لتفضيل الزبائن لها في كثير من الأحيان لكونها لا تحتوي على أية مواد حافظة وأسعارها مناسبة.سارة البرهوم، وهي موظفة في إحدى منظمات المجتمع المدني، لا تجد الوقت الكافي لإعداد المؤونة الشتوية، ما يدفعها إلى الاستعانة بالنازحات اللواتي يقمن بصنعها وبيعها، فهي تجدها أفضل من المنتجات التجارية التي تُباع في الأسواق، نظراً لطعمها المحبب وموادها الأولية الصحية. وتقول لـ”العربي الجديد”: “لدي ثقة بمثل هذه المنتجات أكثر من تلك التي نشتريها من المحالّ التجارية”.
وعن فوائد الفليفلة الحمراء، تقول خبيرة التغذية سارة الجرعتلي (۳۴ عاماً) إن إدلب تشتهر بزراعة شتى أنواع الخضار، ولا سيما الفليفلة الحمراء التي تستخدم كتوابل في تحضير العديد من الأكلات، ويمكن استخدامها طازجة أو مطحونة أو مجففة”. وتشير إلى أنها تحتوي على مكونات مضادة للالتهابات تساهم في علاج التهاب المفاصل، والآلام والكدمات، وتساهم في تحسين صحة الجهاز الهضمي لكونها تحتوي على مادة الكابسيسين التي تعزز صحة الأمعاء وتحتوي مضادات الأكسدة والمركبات الأخرى التي يمكن أن تهدئ مشكلات الجهاز الهضمي الأخرى.وتؤكد أهمية الفليفلة الحمراء في تقوية المناعة والتخفيف من الصداع وتعزيز صحة القلب وتحسين الدورة الدموية والحد من نقص الحديد، وتساهم في خفض نسبة الكولسترول في الدم وتقليل رواسب الدهون، عدا عن كونها غنية بالفيتامينات والمعادن.
المصدر : العربي الجدید