اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
القابلة ريسة هي نفسها من نازحي مديرية صرواح جنوب مأرب، حيث اضطرتها الحرب إلى التنقل بين أربعة مخيمات نزوح حتى استقرت في مخيم السميا، الذي تعمل فيه حاليا كمتطوعة لمساعدة النساء على الولادة ورعايتهن بعدها وقبلها.
وبحسب بيان للأمم المتحدة، فإن حوالي ۴۵ ألف شخص في مأرب يعيشون معاناة النزوح المتكررة، حيث يشير إلى تكرر نزوح هؤلاء لأكثر من مرة بفعل تنقل جبهات الحرب المشتعلة، مما ترك آثارا كبيرة على القطاع الصحي وحالة النساء والأطفال الصحية.
تقول ريسة “أنا نازحة منذ تسع سنوات، ورأيت الكثير من المعاناة التي تواجهها النساء النازحات وأحاول قدر استطاعتي تخفيف معاناتهن، وأقدم لهن المساعدة الطبية التي يحتاجونها”.
وتتلقى ريسه طلبات إنقاذ ومساعدة من النساء أثناء مخاض الولادة في مخيم السميا في صحراء شرق مأرب عبر الهاتف، في الوقت الذي تعرف فيه الكثير من النساء الحوامل وتحسب بإتقان موعد إنقاذ ولادتهن من خلال تنقلها المستمر داخل المخيم لمساعدة النساء الحوامل اللاتي يحتجن مساعدة طبية مستمرة.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن واحدة من بين كل ۶۰ امرأة يمنية تموت لأسباب ذات صلة بالحمل بفعل الأوضاع الصحية المتدهورة جراء الحرب. وتشير تقديرات المنظمة إلى أن ثلث مرافق الصحة الإنجابية فقط تعمل، في الوقت الذي لا تملك فيه عائلات كثيرة الموارد الكافية للحصول على الرعاية الصحية في أقرب مستشفى لها.
* جهود رغم التحديات
وتواجه ريسة العديد من التحديات في عملها في مخيم السميا، الذي لا توجد فيه أي مراكز أو عيادات صحية على الرغم من اتساعه.
وتعاني مخيمات النازحين بشكل عام من نقص في عدد الأطباء والممرضين؛ كما أن الظروف الصحية في المخيمات غير مناسبة للولادة والحمل، بسبب غياب الخدمات الصحية وشدة الحرارة صيفا والبرودة شتاء، حيث تقع معظم مخيمات النزوح في مناطق صحراوية متقلبة الطقس.
لكن على الرغم من التحديات التي تواجهها ريسة في عملها، الذي تتقاضى نظيره أجرا زهيدا، فإنها مستمرة في تلبية دعوات النازحات لمساعدتهن. وتقول “أحب عملي؛ وأريد أن أساعد النساء النازحات على أن يكنّ بصحة جيدة”.
وأكدت ريسة لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) أنها ساعدت عددا لا يُحصى من النساء النازحات على الولادة في المخيمات التي عاشت فيها طوال تسع سنوات، فضلا عمّن ساعدتهن قبل اندلاع الحرب في منطقة سكنها الأصلي في صرواح، سواء قبل الولادة وأثناءها أو بعد الوضع.
وكانت ريسة تعلمت هذه المهنة من والدتها ومارستها في مناطق سكنها قبل اندلاع الحرب في البلاد وموجة النزوح التي شهدتها محافظة مأرب للأسر القادمة من مختلف المحافظات اليمنية بحثا عن الأمان.
وقبل أن تلتحق بدورات تدريبية متخصصة، كانت ريسة تؤدي دورها في هذه المهنة بقدراتها البسيطة. وقد أدرج اسمها في سجل موظفي مكتب الصحة بمأرب بعد تلقيها الدورات اللازمة.
وتعمل اليوم ريسه بقدرات محدودة، حيث لا تملك سوى مجموعة بسيطة من الأدوات الطبية؛ لكنها تتنقل بين مربعات مخيم النازحين سيرا على الأقدام وفي أوقات مختلفة من الليل والنهار لمساعدة أكبر عدد من السيدات.
كما تعمل على إعالة أطفالها الأربعة في خيمتها المهترئة التي نصبتها على الطرف الآخر من المخيم.
* ۱۰ آلاف قابلة في اليمن
وتلعب القابلات دورا مهما في تحسين صحة النساء والولادات في اليمن، بحسب ما صرحت به مديرة مكتب الصحة الإنجابية نبيلة العيال في لقاء خاص مع وكالة أنباء العالم العربي، حيث هناك حوالي ۱۰ آلاف قابلة في البلاد.
وقالت العيال إن القابلات يمكنهن تقديم الرعاية الصحية الأولية للنساء الحوامل واللاتي وضعن، بما في ذلك الفحص الطبي ومتابعة الحمل والولادة ورعاية ما بعد الولادة، موضحة أن اليمن يعاني من معدل مرتفع في وفيات الأمهات.
وبحسب مديرة مكتب الصحة الإنجابية، فإن عدد القابلات في محافظة مأرب وحدها تجاوز ۲۴۰ قابلة، وما زالت المحافظة في حاجة ماسة للكثير من القابلات.
وذكرت أن القابلات في المحافظة ساعدن ۱۱ ألفا و۹۰۰ سيدة على الوضع خلال عام ۲۰۲۲، فيما ساعدت القابلات ۶۳۸۵ سيدة على الولادة خلال النصف الأول من العام الجاري.
أضافت أن هذه الأعداد الكبيرة تشير إلى أهمية وجهد القابلات في مخيمات النازحين والقرى والمناطق النائية البعيدة عن الخدمات الصحية وعن مركز المدينة، في وقت يعاني فيه الجهاز الصحي في مأرب من الانهيار وضعف البنية التحتية مقارنة مع حجم الطلب وحجم الاحتياج.
وأوضحت أن القابلات يقدمن أيضا خدماتهن للنساء الحبالى، بما في ذلك العناية بالأم منذ الحمل حتى الولادة وما بعدها، والعناية بالمواليد، والتثقيف الصحي والتوعوي، وتقديم خدمات الرعاية المنزلية، وتنظيم الأسرة، واكتشاف الحالات المتعسرة وتحويلها، إضافة إلى التسجيل ورفع التقارير لمكتب الصحة الإنجابية.
وأشارت العيال إلى أن القابلات يواجهن العديد من الصعوبات، منها ضعف توفير وتنفيذ برامج التأهيل والتدريب، وقلة الدرجات الوظيفية الرسمية، وضعف الدعم المادي للقابلات مقارنة مع دورهن وجهودهن الكبيرة.
من جانبه، قال مدير مكتب وزارة الصحة بمأرب أحمد العبادي لوكالة أنباء العالم العربي إن القابلات يقدمن دورا مهما ويعملن على تخفيف الكثير من الحمل الثقيل الملقى على عاتق مكتب الصحة بمأرب في ظل الصعوبات التي تواجه المكتب وضعف بنيته وقلة الخدمات الصحية المخصصة للأمومة والطفولة.
وأضاف العبادي أن القابلات يغطين اليوم الكثير من الفراغ الذي تركته المنظمات الداعمة، والتي أوقفت خدماتها بمأرب بسبب نقص التمويل الدولي، حيث تغطي القابلات وحدهن احتياج الأمهات في مخيمات النازحين التي لم يستطع مكتب الصحة توفير مراكز صحية أو عيادات متنقلة فيها.
المصدر : الشروق