اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
ولم تستسلم هيفاء لصعوبات الغربة ومسؤولية طفليها بشكل كلي في مجتمعها الغريب الجديد، بل وجدته تحديا لتثبت أن الأمومة والزواج لا يتعارضان مع تحقيق المرأة لذاتها وإتقانها لعملها.
وخلال السنوات الأولى من الغربة -التي أمضت جزءا منها في رعاية طفلها الأول- أدركت الشابة اللبنانية أن دخول سوق العمل في بريطانيا يتطلب تحضيرا جيدا، فعادت لمقاعد الدراسة وحصلت على درجة الماجستير في علوم وتكنولوجيا الأغذية.
ومستفيدة من خبرتها العلمية السابقة، سجلت هيفاء اسمها في العديد من الدورات التدريبية، وكان وقت فراغها مخصصا لاستكشاف مواطن تجهلها في عالم صناعة الأغذية، وفي شخصيتها، من خلال قراءة السير الذاتية لأشهر صناع الطعام والحلويات الفاخرة في العالم، وعلى رأسها الشوكولاتة المصنوعة يدويا.
وتؤكد رائدة الأعمال للجزيرة نت أن طموحها هو محركها الأساسي، والدافع الذي جعلها تجذب أنظار الشركات العالمية الكبرى في بريطانيا لتنضم إلى فريق عملها.
وتقول “بعد زواجي ووصولي إلى بريطانيا، وبفضل تخصصي في الغذاء والصناعات الغذائية عملت مع شركات كبرى، منها نستله وسلسلة متاجر هارودز الشهيرة، تعلمت منهم خبايا الصناعة وكيفية إدارة سلاسل العمل والتوريد، حتى أدركت في لحظة ما أنني مستعدة لبدء مشروعي الخاص الذي طالما حلمت به”.
وعمل هيفاء لدى هذه الشركات جعلها تكتسب خبرة عملية وإنسانية، تقول للجزيرة نت “تعلمت كيفية التعامل مع تفاصيل الإنتاج: طرق التبريد، المواد المستخدمة في الكثير من المنتجات. وانضمامي لهارودز عرفني على معنى العمل مع الزبائن، إدارة المواقف المختلفة، أساليب بيع السلع المصنفة (رفاهيات) وبفضل هذه الخبرات وجدت نفسي قادرة على إطلاق علامتي التجارية الخاصة”.
وقد استمرت هيفاء في العمل موظفة لمدة نحو ۷ سنوات، حظيت خلالها بتقدير واحترام زملائها ومديريها لتفوقها في مجالها، وكانت المحجبة الوحيدة التي تعمل في قطاع بيع القهوة والشوكولاتة لدى هارودز.
وعام ۲۰۱۷، أدركت هيفاء أن الوقت والظروف باتت مواتية لتنطلق في مسيرة ريادة الأعمال وبدء مشروع إنتاج أنواع مختلفة من الشوكولاتة الفاخرة، بعضها يمكن وصفه بالشوكولاتة الصحية في إطار علامتها التجارية “بلوم ديلايت”.
ويبلغ عمر مشروع هيفاء الآن نحو ۶ سنوات، تمكنت خلالها من ترك بصمة في مجال صناعة الشوكولاتة الفاخرة في بريطانيا والعالم، بفضل الطلبيات التي تصلها من كافة الدول، وكان أهمها إشادة فندق شهير في لندن بمنتجاتها، والعمل معها بداية مسيرتها، مما وفر لها دعما إضافيا.
وتكشف رائدة الأعمال اللبنانية عن سر نجاحها، قائلة “أقدم للناس ما أحبه وأصنعه بحب، أتفنن في تقديمه وتصويره فيشعرون بالانجذاب إليه، ومع خبرتي في مجال الصناعات الغذائية تمكنت من تغيير الصورة النمطية للشوكولاتة الصحية، وقدمتها بطريقة تجمع بين العناصر المفيدة وجمال الطعم والشكل”.
وتستخدم في منتجاتها مكونات طبيعية ومتنوعة من الفواكه والمواد الصحية مثل بدائل السكر، كما أنها تحرص على استغلال موهبتها في التصوير الفوتوغرافي لإضفاء مزيد من السحر على منتجاتها.
تؤكد هيفاء أهمية التحلي بالصبر للوصول إلى النجاح المنشود، وضرورة عدم سيطرة الرغبة الملحة لجني الأموال في المراحل الأولى لإطلاق أي مشروع خاص.
وتوضح للجزيرة نت “كنت أتبع شغفي وموهبتي، لذا بجانب دراسة السوق وتخصيص جزء من الأموال الخاصة لإطلاق المشروع، تحليت بالصبر الذي لولاه ما استمر مشروعي”.
وتشير هيفاء إلى أن التخصص جزء هام في رحلة النجاح، مشيرة إلى أنها تعرف زبائنها وتدرك أن السلعة التي تقدمها تمثل رفاهية، لكنها في المقابل تعلم كيف تدر الأموال، بعد سنوات من العمل.
وهي تتلقى الآن طلبيات لصناعة الشوكولاتة الفاخرة يدوية الصنع من عدد من خطوط شركات الطيران، والمتاجر الفاخرة بالولايات المتحدة وبريطانيا، إضافة إلى بعض الفنادق والطلبيات الأخرى الخاصة بالأعراس والمناسبات لا سيما من دول الخليج.
وتتابع “الصناعة اليدوية مرهقة ومكلفة، ومعرفتي بطبيعة منتجي جعلتني أُحسن تقييمه، فأنا لا أطمح لجعله متاحا في المتاجر وتحويله إلى سلعة استهلاكية، بل هو عمل مصنوع بدقة وله جمهوره”.
وتطمح رائدة الأعمال اللبنانية في المستقبل إلى افتتاح صالة عرض لمنتجها، وليس متجرا وفق معايير السوق، مؤكدة أن ما تريده هو أن تسطر اسمها في هذا المجال، وتصبح واحدة من أهم صانعي الشوكولاتة في العالم.
وتختم بقولها “نادرا ما أجد من لا يحبون الشوكولاتة في حد ذاتها، قد تختلف الأذواق بين من يحب المر أو الحلو، من يفضل الفواكه على المكسرات، لكنه منتج يمنح السعادة سواء لي كصانعته أو للزبائن كمتذوقين له”.
المصدر : الجزيرة