المثابرة والعزيمة وراء نجاح تونسيات في مجال العلوم

النساء والفتيات التونسيات اقتحمن اليوم جميع المجالات المهنية بما في ذلك العلوم وتمكنّ من تحقيق نجاحات كبيرة.

 احتلت تونس المرتبة الثانية عالميا في مشاركة الفتاة والمرأة في مجال العلوم، متفوقة في ذلك على نساء فرنسا وإيطاليا، فيما أحرزت هولاندا المرتبة الأولى، وذلك وفق دراسة عالمية.

وتناهز نسبة طالبات العلوم في تونس الـ۶۷ في المئة، كما تمثّل النساء اللّواتي يدرسن بالجامعات التونسية نسبة هامّة، وهي نجاحات توارثتها أجيال وجعلت المرأة تحتلّ مكانة هامة في مواقع القرار، وفق تصريحات مديرة العلوم بمدينة العلوم في تونس نجوى باي.

وأكدت نساء تونسيات رائدات في مجال العلوم أنّ المثابرة والعزيمة والشغف وراء نجاحهن في مجال عملهن.

وقالت النساء المختصات في مجالات الهندسة والرقمنة والتكنولوجيا، خلال تدخلاتهن لدى مشاركتهن في تظاهرة علمية نظمتها مدينة العلوم بتونس بمناسبة اليوم العالمي للمرأة والفتاة في مجال العلوم، الموافق لـ۱۱ فيفري من كل سنة، إن مسارهن المهني لم يكن سهلا إلا أنهن نجحن في تحدي كل الصعوبات والعقبات التي اعترضتهنّ بفضل شغفهن بالمجال الذي يعملن فيه.

۶۰في المئة من الطلبة في الجامعات التونسية هم من الإناث وثلثي المتخرجين نساء

ولفتت المهندسة المختصّة في الهندسة المدنية والرئيسة المديرة العامة لوكالة التجديد والتهذيب العمراني بوزارة التجهيز والإسكان، سندس الباجي كريّم، إلى أنّ ما يميّز مسارها المهني هو تعدد مجالاته فقد تولت عديد المرات ترؤس مشاريع عمل يختلف كل مشروع منها عن الآخر في الاختصاص والأهداف، الأمر الذي مكّنها من التزوّد بخبرة واسعة ومن اكتساب كفاءات متنوّعة ساعدتها كثيرا على التدرّج نحو مناصب أرفع في عملها.

ونصحت المتحدّثة الفتيات والنساء النشاطات في مجال العلوم بالخصوص بعدم الاكتفاء بما تعلّمنه في الجامعة أو من تجربة عمل وحيدة والحرص على النّهل من مختلف الاختصاصات العلمية ومواكبة المستجدات خاصة وأنّ مجال العلوم يشهد تطورات سريعة عبر العالم.

من جهتها، أوصت مديرة الموارد البشريّة بأحد أكبر المجامع الصناعيّة بتونس عفاف خضير بضرورة عدم التردد في العمل في مجال مختلف تماما عن اختصاص الدراسة، مشددة على أنه عندما يتوفر الشغف بمجال ما يتحقق التميّز والتألّق.

وبينت خضير أنها تحصلت على شهادة علميّة جامعية في مجال الهندسة، إلا أنها تنشط حاليا في مجال مختلف تماما عن اختصاصها وهو مجال إدارة الموارد البشرية، مستدركة أن العمل في مجال مغاير للاختصاص يتطلّب في المقابل الحرص على التكوين المستمرّ وإثراء التجارب وتعميقها.

وأفادت مديرة العلوم بمدينة العلوم في تونس نجوى باي بأنّ مدينة العلوم تنظم النسخة السابعة من هذه التظاهرة الهادفة إلى الاحتفال باليوم العالمي للمرأة والفتاة في مجال العلوم، وهي فرصة لتثمين الحضور القويّ للمرأة التونسيّة في اختصاصات متعددة في مجال العلوم وتميّزها فيه.

وذكرت أن النساء والفتيات التونسيات اقتحمن اليوم جميع المجالات المهنية بما في ذلك العلوم وتمكنّ من تحقيق نجاحات كبيرة وصلت حدّ التفوّق على الرجل في العديد من الأحيان، الأمر الذي أثبتته العديد من الدراسات والإحصائيات الرسمية، وفق قولها.

وفي عام ۲۰۲۰، منح تصنيف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) المرأة التونسية، المرتبة الأولى ضمن قائمة الأفريقيات والعربيات الرائدات في مجال البحث العلمي، حيث أن ۵۵٫۱ في المئة من الباحثين التونسيين من الإناث، وهي أكبر نسبة في أفريقيا والعالم العربي.

واستند التصنيف إلى بيانات يونيو ۲۰۲۰ لمعهد الإحصاء التابع للأمم المتحدة، ومنح الدولة الواقعة شمال أفريقيا أفضل ترتيب، متقدمة في ذلك على الجزائر بنسبة ۴۷٫۱ في المئة ومصر ۴۵٫۶ في المئة وجنوب أفريقيا ۴۴٫۹ في المئة وكذلك على المغرب ۳۳٫۸ في المئة.

۶۷في المئة نسبة طالبات العلوم في تونس كما تمثّل النساء اللّواتي يدرسن بالجامعات التونسية عموما نسبة هامّة

وتتصدر تونس للمرة الثانية على التوالي العالم العربي وأفريقيا في ترتيب اليونسكو، حيث حققت في عام ۲۰۲۱ درجة مماثلة تقريبا. وأشارت اليونسكو في تقرير منفصل في عام ۲۰۲۱، إلى أن ۶۵ في المئة من التونسيين الحاصلين على درجة البكالوريوس و۶۹ في المئة من حملة الدكتوراه كانوا من الإناث.

كما كشف تقرير صادر عن نفس المنظمة في العام ۲۰۱۹، عن تفوق الباحثات التونسيات دوليا في مجال البحث العلمي والابتكار. وأكد التقرير أن المرأة التونسية تصدرت قائمة الدول العربية بنسبة ۵۵ في المئة مقابل متوسط ۳۹ في المئة للمنطقة العربية، وذلك في إطار مقاربة جندرية حول حصة المرأة في مجال البحوث العلمية مقارنة مع الرجل.

وقالت سامية الشرفي قدور، مدير عام البحث العلمي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي التونسية، إن البحث العلمي هو مصعد اجتماعي للمرأة يمكنها من كسب استقلاليتها عن طريق البحث والمثابرة والحصول على شهادات عليا، مشيرة إلى أنه يشمل الرياضيات والفيزياء والعلوم الصحيحة بصفة عامة وأيضا علوم الحياة والأرض والعلوم الطبية والإنسانية والاجتماعية.

وأضافت أنه في الجامعات وفي مؤسسات البحث العلمي التونسية يوجد ۶۰۰ مخبر ووحدة بحث و۲۴ ألف أستاذ جامعي ۵۰ في المئة منهم يقومون بالبحث والتأطير، وهو ما ساعد المرأة الباحثة على التميّز.

وأكدت الشرفي قدور أن تطور البحث العلمي في تونس يأتي كنتيجة لاستثمار الدولة في التعليم العالي والبحث العلمي، مشيرة إلى أن تونس وحسب أرقام للمنظمة الدولية للملكية الفكرية في عام ۲۰۱۸ احتلت المرتبة ۶۶ في البحث والتجديد، والمرتبة ۱۴ في ما يخص المنشورات العلمية، والمرتبة ۴۳ عالميا في ما يخص مؤشرات الإنتاج العلمي.

وأشارت إلى أن ۶۰ في المئة من الطلبة في الجامعات التونسية هم من الإناث وثلثي المتخرجين نساء.

وقالت قدور إن نسبة ۷۰ في المئة من المتخرجين في الطب هم من الإناث لكن ليس لدى النساء والرجال نفس الحظوظ في سوق الشغل بعد التخرج، مشيرة إلى أنه لدينا شوط كبير في مجال المساواة بين الجنسين.

المصدر: العرب