اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
تسببت الحروب المتكررة في نزوح آلاف العائلات من منازلها، مما أدى إلى تكدسهم في مخيمات النزوح في ظل ظروف معيشية قاسية. هذا الوضع فرض تحديات نفسية واجتماعية كبيرة على الأسر، حيث تزايدت التوترات داخل البيوت بسبب انعدام الاستقرار، والقلق الدائم من المستقبل. مع استمرار هذه الأوضاع، ارتفعت حدة الخلافات الزوجية، مما ساهم في زيادة حالات الطلاق بشكل غير مسبوق.
أكدت المحامية رندة الزقزوق من جمعية وفاق لرعاية المرأة والطفل خلال حديثها لإذاعة “نساء إف إم”، أن ارتفاع معدلات الطلاق في غزة مرتبط ارتباطًا وثيقًا بتصاعد العنف الأسري وبفعل تبعات العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ ۷ اكتوبر الماضي. حيث تتعرض النساء لمختلف أشكال العنف داخل الأسرة، سواء كان جسديًا، نفسيًا، أو اقتصاديًا، وهو ما يزيد من هشاشة العلاقة بين الأزواج ويدفع النساء إلى طلب الطلاق كوسيلة للخلاص من بيئة غير آمنة. وأضافت أن تصاعد العنف المنزلي وتزايد الضغوط الاقتصادية ساهما في تفكك الروابط الأسرية وارتفاع حالات الانفصال.
وتشهد معدلات الطلاق بين النازحين في مختلف مناطق قطاع غزة تصاعداً ملحوظاً، بسبب الضغوط النفسية والاجتماعية التي تفرضها الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، حيث صعوبة الحياة وتكدس النازحين داخل مخيمات النزوح، وعدم توفر حياة كريمة في ظل توقف أعداد كبيرة من الأزواج عن العمل، وهذا ما أدى إلى تصاعد المشاكل بين الأزواج، والتي كثيراً ما تؤدي إلى الانفصال.
وتتعمد إسرائيل زيادة الضغط على السكان، من خلال مطالبتهم بالنزوح المتكرر من المدن والأحياء السكنية، بالإضافة إلى فرض سياسة التجويع وحرمان النازحين من الحصول على الطعام والمستلزمات الأساسية، إلى ضرب النسيج الاجتماعي، وهذا ما يؤدي إلى التفكك الأسري وزيادة المشاكل بين الأزواج، بالتزامن مع غياب برامج التوعية النفسية التي من شأنها تخفيف المشاكل بين الأزواج، والحد من أن تصبح ظاهرة اجتماعية خطيرة.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إن ما يقارب من ۷۰ في المئة من ضحايا الحرب هم من النساء والأطفال، وإن هناك ۱۷ ألف طفل يعيش قسم منهم مع الآباء والبعض مع الأمهات نتيجة التفكك الأسري، إلى جانب تعرض الكثير من الأمهات. وأشار المكتب في تصريحات صحافية إلى أن الواقع الاجتماعي داخل قطاع غزة سيئ للغاية، في ظل حالة الضغط النفسي التي يتعمد الاحتلال إسقاطها على المدنيين، وفقدان الأطفال حقهم في التعليم والعيش بحرية وسلام.
ويذكر ان قطاع غزة كان يعيش قبل الحرب تحت حصار خانق أدى إلى انهيار الاقتصاد المحلي، وارتفاع معدلات البطالة، وفقدان مصادر الدخل، مما جعل العديد من الأسر غير قادرة على تأمين احتياجاتها الأساسية. ووفقًا للمحامية الزقزوق، فإن العجز عن توفير ضروريات الحياة يدفع الأزواج إلى التوتر والقلق، ما يزيد من حدة النزاعات الزوجية ويؤدي إلى ارتفاع حالات الطلاق. وأوضحت أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة لا تؤثر فقط على العلاقات الزوجية، بل تجعل من الصعب أيضًا على النساء المطلقات إعالة أنفسهن وأطفالهن، مما يزيد من الأعباء الاجتماعية على المجتمع ككل.
وقالت الزقزوق ايضا انه من أبرز العوامل التي فاقمت الأزمة الأسرية في غزة هي سياسة التجويع الممنهجة التي تنتهجها إسرائيل، حيث تشمل هذه السياسة قصف المخابز وخزانات المياه، ومنع دخول المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية ونقص شديد في الغذاء. هذا الوضع لم يؤثر فقط على المستوى الصحي للسكان، بل خلق ضغوطًا معيشية هائلة داخل الأسر، أدت إلى تفاقم التوترات الزوجية وزيادة معدلات الطلاق.
وتابعت أنه في ظل هذه الأوضاع الصعبة، تعمل جمعية وفاق لرعاية المرأة والطفل على دعم الأسر المتضررة، من خلال برامج التوعية والاستشارات الأسرية التي تهدف إلى معالجة الخلافات الزوجية قبل أن تصل إلى الطلاق.
وأشارت المحامية رندة الزقزوق إلى أن الجمعية تلعب دورًا حيويًا في تقديم الإرشاد الأسري، حيث يتم تقديم جلسات توعية للمتزوجين حول كيفية التعامل مع الضغوط الحياتية وتجنب العنف الأسري. كما توفر الجمعية برامج خاصة لمساعدة الأزواج على تجاوز الأزمات الاقتصادية من خلال تدريبهم على مهارات تضمن لهم فرص عمل جديدة، مما يساهم في تخفيف التوترات داخل الأسر ويحد من تفاقم حالات الطلاق.
مع استمرار الحرب والحصار، وتفاقم الأوضاع الاقتصادية، بات من الضروري اتخاذ خطوات فعلية لدعم الأسر في غزة. تحتاج النساء المطلقات إلى برامج دعم اقتصادي واجتماعي حقيقية، كما تحتاج الأسر إلى سياسات تساعدها على الصمود في وجه هذه الأزمات.
المصدر: نساء FM