اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
تقول فاطمة السليمان لـ”العربي الجديد”: “كانت حياة الريف بسيطة جداً، بخاصة بالنسبة إلى المرأة التي تعتبر مهماتها شبه منظمة وتتكرر يومياً، وفي مقدمها رعاية الأبناء والاهتمام بواجبات البيت، وبعدها أمور تتعلق بالعمل في الزراعة أو تربية المواشي. وهذه المهمات كانت تميّز المرأة الريفية عن المرأة في المدن، إلى جانب الحياة الاجتماعية الخاصة التي تربطها بجاراتها أو شقيقاتها وصديقاتها، إذ كان يتوفر لتبادل الزيارات من دون تعقيدات”. لكنها تلفت أيضاً إلى أن “الحياة الريفية البسيطة لم تكن سهلة بالنسبة إلى المرأة لأنها كانت تتضمن مهمات صعبة ومتعبة، ومشاركة الزوج في مشقات الحياة، علماً أن المرأة الريفية متعددة المواهب، فهي قادرة على إدارة المنزل بوجود الزوج في العمل وتعليم الأبناء وتنفيذ مهمات الحياة اليومية. ومنذ بداية الثورة تحمّلت المرأة الكثير من الصعوبات، وشخصياً فقدت المساحة الواسعة الخاصة بي بعدما تهجرّت عائلتي من ريف إدلب، وبتنا نمكث في خيمة صغيرة”.وتتحدث حلا الإبراهيم، وهي محامية وناشطة حقوقية في مجال المرأة، لـ”العربي الجديد”، عن واقع المرأة الريفية في سورية قبل الثورة وبعدها، وتقول: “تفاقمت معاناة المرأة وهمومها بعد الثورة، وبدأت تتحمل مسؤوليات كبيرة، في حين ظلت حياتها مهمشة وسط الحرمان من الفرص والحقوق، وتعرضت لمعاملة سيئة واستغلال لتنفيذ أعمال شاقة مقابل أجور زهيدة مقارنة بما تقوم به، وبينها العمل في الأراضي حيث تواجه الاضطهاد والاستغلال الجائر والممنهج من المالكين، في حين تتقاعس الجهات المسؤولة والمنظمات عن تحسين معيشتها. وعموماً تعيش النساء في الريف في واقع مزرٍ وسيئ بسبب تراجع النشاط الزراعي وفقدان مساحات واسعة والتهجير القسري والنزوح، والقوانين الدولية الخاصة بهذا الأمر على صعيد الأجور والحقوق المكتسبة واضحة”.
تضيف: “لا نصوص تشريعية خاصة بعمل المرأة رغم أنّ سورية وقعت اتفاقية سيداو (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة)، ما يحتم إعادة سن هذه القوانين والتشريعات. وحالياً يجب تعزيز نشر الوعي عبر تعليم الفتيات، وزيادة عدد المدارس في الريف، ورفدها بكوادر نسوية، وتغيير الأنماط السائدة لمعاملة المرأة في المجتمع، وأيضاً تسهيل تنفيذ النساء مشاريع صغيرة والحصول على قروض ومعالجة عمل النساء بلا أجر، وأيضاً الاهتمام بتوفير ضمان اجتماعي ملائم للعاملات، ودعم مشاريع تنموية، وتسهيل وصول النساء الريفيات إلى الخدمات الصحية وتلك للصحة الإنجابية”. وتتمنى المرأة الريفية الاعتراف بما تقدمه للنظم الغذائية، ليس فقط على مستوى سورية بل أيضاً على مستوى العالم، وتطبيق مبدأ التكافؤ في الفرص في المعاملة والخدمات.
وتقول ياسمين عرموش، وهي ناشطة إعلامية متحدرة من سراقب وتقيم في مخيمات باريشا، لـ”العربي الجديد”: “كان عيش المرأة الريفية متعباً في الأصل في سورية، وكانت تعمل في الزراعة وجني المحاصيل وغيرها. وبعد النزوح اضطرت إلى العيش في خيام ضيقة بأماكن تخلو من أي فرص عمل، فأصبحت تتمنى العودة إلى الحياة البسيطة في الريف حيث يتوفر لها الخضار والمياه وغير ذلك”.وترى المدرّسة خديجة عفش، في حديثها لـ”العربي الجديد”، أن “المرأة الريفية مظلومة من كل النواحي، إذ تتعرض كزوجة وأم وأخت لكل محاولات التهميش رغم أنها مكافحة تعمل في الحقل والمنزل، وتربي الأطفال، وتنفذ كل واجباتها على أكمل وجه، وتكون مع زوجها وأهلها يداً بيد”. تضيف: “عاشت المرأة الريفية ظروف الحرب صعبة، منها فقدان الزوج والأخ لكنها تغلبت على الصعوبات، ونجحت البعض في الدراسة وأثبتت جدارة في المجتمع”.
وفي شأن مستقبل المرأة الريفية بعد سنوات طويلة من الحرب والتهجير والتعرض للقتل والتعذيب وغياب الجهات الداعمة، تؤكد عفش أنّ “المرأة الريفية تتحلى بقوة كبيرة تأخذها من طبيعة الريف الذي ربت فيها رفض الاستسلام للصعوبات، والتعلق بفكرة أن تدعم نفسها بنفسها لإنجاز الأعمال وتحقيق النجاح، لكنها تواجه أيضاً واقعاً مريراً يحتم الحاجة إلى منظمات داعمة تهيئ لها فرص عمل تقيها شر العوز، وأيضاً لمن يقف معها ويدعمها مادياً ومعنوياً كي تستمر في العطاء، لأن فشلها يعني فشل كل المجتمع. وهي تتعرض المرأة للاستغلال بكل أنواعه لكنها تصمد وتحافظ على كرامتها، لذا يجب أن يقف المجتمع بالتعاون مع المنظمات معها ويرشدها، ونقدم لها يد العون كي تتخطى هذه الظروف القاسية”.واحتفلت الأمم المتحدة الشهر الماضي باليوم الدولي للمرأة الريفية (۱۵ أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام). وتشيد المنظمة باضطلاع النساء الريفيات، وبينهن نساء الشعوب الأصلية، بدور مهم يساهم في تعزيز التنمية الزراعية والريفية، وتحسين مستوى الأمن الغذائي، والقضاء على الفقر في الأرياف.
العربي الجدید