اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
الدراسة، التي نُشرت في مجلة “جاما نيتورك أوبن”، شملت ۲۸,۲۰۰ امرأة أيسلندية تتراوح أعمارهن بين ۱۸ و۶۹ عامًا. طُلب منهن الإفصاح عن تعرضهن لـ۲۳ تجربة حياتية مجهدة، مثل الطلاق أو وفاة مفاجئة، لتأتي الاعتداءات الجنسية في الصدارة.
وأظهرت النتائج أن ۱۵٫۹% من النساء يعانين من اضطراب ما بعد الصدمة، وكانت احتمالية إصابة النساء اللاتي تعرضن للعنف الجنسي أعلى بكثير من ضحايا الصدمات الأخرى.
توضح رانفيغ سيغورفينسدوتير، أستاذة علم النفس بجامعة ريكيافيك، لـ”يورونييوز هيلث” أن المفارقة في بلدان الشمال الأوروبي تكمن في التوقع بأن الدول التي تحقق مساواة عالية بين الجنسين ستكون أقل عرضة للعنف ضد النساء، إلا أن الواقع مغاير.
وتشير إلى أن تعرض النساء للعنف الجنسي أو الاحتجاز القسري يزيد بشكل كبير من احتمالية الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة مقارنة بتجارب حياتية أخرى مثل وفاة مفاجئة أو كارثة طبيعية.
الدراسة وجدت أن النساء اللاتي تعرضن للاعتداء الجنسي في سن مبكرة (قبل ۱۲ عامًا) أو من قبل أحد أفراد العائلة، مثل أحد الوالدين، هن الأكثر عرضة للإصابة بالصدمة النفسية المزمنة. وتشير البيانات إلى أن آثار الاعتداء قد تستمر لعقود، اذ كشفت الدراسة أن العديد من النساء استمررن في المعاناة من اضطراب ما بعد الصدمة لفترة طويلة بعد الحادثة الأخيرة.
وأظهرت النتائج أن النساء كنّ أكثر عرضة بأربعة أضعاف مقارنة بالرجال ليكنّ ضحايا للعنف الجنسي. في أماكن العمل، كان للعنف الجنسي تأثير أعمق، حيث واجهت الضحايا مشكلات في الصحة النفسية، مثل الاكتئاب، والقلق، واضطرابات النوم، والإفراط في شرب الكحول.
المفارقة لا تقتصر على أيسلندا وحدها، فقد أبلغت كل من فنلندا، السويد، والدنمارك عن مستويات أعلى من الاعتداء الجنسي مقارنة ببقية دول أوروبا. تشير سيغورفينسدوتير إلى أن ارتفاع هذه النسب قد يكون مرتبطًا بالشفافية الاجتماعية في هذه الدول، حيث يشعر الأفراد بحرية أكبر في الإبلاغ عن حوادث العنف مقارنة بالدول الأخرى.
دراسات أخرى ربطت هذا الاتجاه بتعدد العلاقات العاطفية في بلدان الشمال الأوروبي، مما يزيد من فرص وقوع حوادث العنف، وليس بالضرورة لأن الرجال هناك أكثر عنفًا بطبيعتهم. وترى سيغورفينسدوتير أن “المساواة بين الجنسين لا تتعلق بغياب العنف، بل بكيفية استجابة المجتمع له”.
لمواجهة الظاهرة، كثفت الحكومة الأيسلندية تمويل ملاجئ النساء وأطلقت حملات توعية عامة. كما أجرت تعديلات على القانون الجنائي في عام ۲۰۱۸، ليشمل تعريفًا أوضح للاغتصاب، مع التأكيد على “الموافقة الصريحة” في العلاقات الجنسية.
سيغورفينسدوتير شددت أيضاً على ضرورة تحسين نظام العدالة الجنائية وتقديم خدمات أسرع وأكثر كفاءة للناجيات من العنف الجنسي، إلى جانب تعزيز الدعم الاجتماعي. وأكدت أن الضحايا اللواتي يحصلن على استجابات داعمة من أفراد العائلة أو الأصدقاء يصبحن أقل عرضة للإصابة بمشكلات نفسية مقارنة بمن يواجهن ردود فعل سلبية بعد الإفصاح عن تجاربهن.
تخلص سيغورفينسدوتير إلى أن العنف الجنسي ليس مرتبطًا فقط بالفجوة بين الجنسين، بل هو تحدٍ ثقافي يتطلب استجابة مجتمعية شاملة للتخفيف من آثاره.