الملاكمة النسائية في الجزائر.. إيمان خليف تلهم العديد من الفتيات

تشهد رياضة الملاكمة النسائية رواجا غير مسبوق في الجزائر. بدأت هذه الرياضة في الإنتشار حتى في المناطق المحافظة جدا، ويعود هذا الانتشار لما يسمى بـ"ظاهرة إيمان خليف". فمباشرة بعد نيلها الذهبية الأولمبية، بدأت النوادي في مختلف مناطق الجزائر تستقبل طلبات لتسجيل فتيات في الملاكمة، الرياضة التي يسيطر عليها الرجال عادة.

تتدرب الملاكمة الشابة سيرين كسال مع زميلاتها في نادي شبيبة عزازقة في منطقة القبائل شرق العاصمة الجزائر في قاعة كانت في الأصل مسلخا بلديا. وتحلم سيرين بالفوز بذهبية في الألعاب الأولمبية، تماما كما فعلت إيمان خليف، التي أصبحت “قاطرة الملاكمة النسائية” في الجزائر.

وصرحت سيرين كسال البالغة ۱۵ سنة لوكالة الأنباء الفرنسية بعد نهاية ساعتين من التدريب “أريد أن أشارك في الألعاب الأفريقية وبطولة العالم. أريد أن أكون مثل إيمان خليف وأفوز في الألعاب الأولمبية“.

ويذكر أن خليف أحرزت الميدالية الذهبية لوزن ۶۶ كلغ في أولمبياد باريس صيف ۲۰۲۴٫

وكان مشوارها الباريسي قد خلف جدلا عالميا حول هويتها الجنسية ألقى بالظلال على انتصارها الكبير، لكنها وجدت دعما كاملا من الجزائريين، حتى أنه استقبلها الألوف لدى عودتها إلى مسقط رأسها غرب البلاد في آب/أغسطس.

ويشارأنه منذ نيل خليف للذهبية، بدأت النوادي في مختلف مناطق الجزائر تستقبل طلبات لتسجيل فتيات في الملاكمة، الرياضة التي يسيطر عليها الرجال.

قوة الإرادة والعزيمة

تسعى كسال، بطلة الجزائر مرتين في وزن ۵۴ كلغ في فئة الأشبال، إلى أن تسير على خطى خليف.

بدأت الملاكمة منذ سن السابعة، بفضل خالها الذي سجلها في القاعة مع ابنته وتكفل بكل مصاريفها، وهي اليوم تلقى الدعم الكامل من والديها وكل أسرتها، كما اوضحت متحدثة بمزيج من اللغة العربية والفرنسية والأمازيغية.

وبالنسبة لمدربها جعفر أورهون، فإن سيرين أصبحت “قدوة لكل الملاكمين في القاعة”، فهي صاحبة الميدالية الوحيدة لنادي عزازقة في البطولة الأخيرة.

وأكد بطل الجزائر السابق (۲۰۰۴) “من بين ۱۷۰ رياضيا لدينا ۲۰ ملاكمة، وما لاحظته عند الفتيات هو ارتفاع المستوى وتحسن الأسلوب والبحث عن النتائج لديهن”.

و أضاف مبتهجا “بدأنا نشاهد فن الملاكمة الحقيقية عند الفتيات. أصبحنا نشعر ببعض التنافس وحتى الغيرة من بعض الشباب”.

بعد كل ما صاحب تتويج خليف من تشكيك في أنوثتها، أصبح هناك “اهتمام أكبر” بالملاكمة عند الفتيات، كما أكد الحكم الدولي نسيم توامي “مسار إيمان خليف منذ البطولة الأفريقية ونجاحها في باريس أحدث نوعا من الهوس بالملاكمة النسوية”.

أضاف “في السابق كان هناك بعض التحفظ لدى الأولياء، فهم يفضلون الكرة الطائرة أو السباحة لبناتهم”.

كانت قاعة نادي عزازقة، المنطقة الجبلية الواقعة بولاية تيزي وزو (نحو ۱۳۰ كلم شرق الجزائر)، في السابق مسلخا بلديا، تمت إعادة تهيئتها بمساعدة السكان وأولياء الرياضيين.

وازداد اهتمام الأولياء “وخاصة الأمهات منذ النتائج الجيدة للملاكمة النسوية وذهبية إيمان خليف”، كما أكدت منال بركاش واحدة من المشرفين على فرع الملاكمة في نادي الشبيبة الرياضية لعزازقة.

فازت خليف بالميدالية الذهبية في وزن ۶۶ كلغ وأعلنت “أنا امرأة مثل أي امرأة أخرى”. وحذت لين حذو الجزائرية بفوزها بذهبية وزن ۵۷ كلغ.

ومثل سيرين، تريد زميلتها حياة بروالي (۱۴ سنة) التي بدأت ممارسة الملاكمة منذ أقل من شهر، أن تصبح بطلة بتشجيع من والديها، لكنها حاليا تتدرب فقط للقفز الجيد بالحبل والضرب على كيس الرمل.

وقالت “أحببت الملاكمة من خلال مشاهدة المباريات في الألعاب الأولمبية وخاصة إيمان خليف”.

“ظاهرة إيمان خليف”

وبدأت الملاكمة النسائية في الانتشار حتى في المناطق المحافظة جدا، مثل الجلفة في الأطلس الصحراوي (۳۰۰ كلم جنوب الجزائر) وعين الدفلى (۱۴۰ كلم جنوب غرب الجزائر).

وقال المدير الفني لنادي النصر بالجلفة محمد بن يعقوب إن “التجربة الأولى مع الملاكمة النسوية كانت في ۲۰۰۶، لكنها لم تنجح بالنظر إلى أن المنطقة محافظة”، مشيرا إلى أنه “منذ ميدالية إيمان خليف، بدأت الحركة الرياضية النسوية تنتعش وكسرت طابو (محرم) أن المرأة لا تمارس الملاكمة”.

في عين الدفلى “هناك تشجيع من الأهل للبنات ومنهن من ترتدين الحجاب لأن الملاكمة مثل العائلة”، حسب ما أوضح طارق لعوب من النادي الملكي للملاكمة.

وكذلك بجاية (۲۵۰ كلم شرق الجزائر) التي تملك ناديين على الأقل للملاكمة النسوية (دريم تيم ونادي سيدي عياد) ازداد الاهتمام بهذه الرياضة لدى الفتيات.

فحسب المستشارة الرياضية والملاكمة السابقة لينا دبو فإن “إيمان خليف أضافت الكثير للملاكمة النسوية وبفضل نجاحها، انضم الكثير من البنات” لهذه الرياضة.

“ظاهرة إيمان خليف” كما وصفها نائب رئيس اتحاد الملاكمة حسين أوشريف، كانت في مخيلة كل الملاكمات المشاركات في البطولة الجزائرية للأشبال التي جرت بين ۱۶ و۲۲ شباط/فبراير.

وصرح “إيمان خليف هي قاطرة الملاكمة النسوية في الجزائر، ولقد أعطتنا دفعا قويا بدليل مشاركة ۱۰۷ ملاكمات في هذه البطولة” من بين نحو ۴۰۰ ملاكم.

المصدر: فرانس۲۴/ أ ف ب