اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
وتردد: “مستحيل هي تكون أنا.. هاد مش وجهي”.. رجح من حول ريما أن سبب انتشار الحبوب في وجهها الحالة النفسية السيئة التي تمر بها ككل الفتيات الغزيات، حاولت البحث عن طبيب بشرة في منطقتها، لكن أن تبحث عن هكذا تخصص رفاهية في ظل المحرقة.
قررت التوجه نحو الصيدلية لاقتناء مراهم للبشرة تفيدها في حالتها، وشراء غسول ومرطب وواقي شمس كعادتها ما قبل الحرب فهي من المهوسين بالعناية بالبشرة، لكنها لم تجد أي مما تريد، بفعل منع دخول الأدوية وكل المستحضرات الخاصة بالبشرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، فعادت أدراجها خاوية قائلة: “خلص بدي أموت بالحبوب يلي بوجهي بلاش يتعالجوا مهل”.
لم يقف الحد عند البشرة فحسب، بل امتد إلى الشعر، وهذا هم آخر، فلجأت الكثيرات إلى قص شعرهن لأنه لا متسع للعناية به، ولا شامبو للشعر متوافر في الأسواق، وخاصة في جنوب غزة على عكس الشمال الذي كان يتوافر فيه منتجات الشامبوهات الخاصة بالشعر بكل أنواعها نظرًا لقلة العدد السكاني به، بقي الجنوب لأشهر لا تدخل له عبوة شامبو واحدة.
لجأت الكثيرات إلى قص شعرهن لأنه لا متسع للعناية به، ولا شامبو للشعر متوافر في الأسواق…
وإن وجد بالأسواق عدد من العبوات يكون سعرها باهظ الثمن فقد وصل سعر العبوة الواحدة من الشامبو الرديء ۵۰$ والنوع الأفضل جودة ۱۰۰$، فكانت تلك الفترة بالنسبة لنساء جنوب غزة سيئة للغاية، حتى أدخلت بعض المنظمات الإنسانية وعدد من التجار المنظفات والشامبوهات والصابون، لكن انتشرت في الأسواق بسعر غير منطقي، وحتى اللحظة يعاني كل من الشمال والجنوب من ارتفاع سعر تلك المنتجات.
هناك حد أدنى للعناية الشخصية لزامًا على المرأة الغزية أن تهتم به، كتفريش الأسنان مثلًا، والاستحمام بشكل دوري، لكن حتى هذا تواجه فيه النساء صعوبة، وخصوصًا من يعشن بالخيام، فهن مضطرات أن ينهين حمامهن بشكل سريع لأن ثمة من سيدخل ورائهن. أما عن المياه ففي أغلب الأحيان يمكن أن تكون مياه الاستحمام مالحة، ويوجد كثيرات تسببت لهن المياه الملوثة والمالحة التهابات جلدية بالجسد، وفي فروة الرأس، ونشفان في الشعر.
هذا ما واجهته الفتاة أمل، إذ اضطرت إلى قص شعرها بعد انتشار القشرة فيه إثر المياه المالحة، كما رجحت سبب انتشار القشرة به هو استمرار ارتدائها لثوب الصلاة طوال النهار، فلا تهوية للشعر وفروة الرأس، ولا استحمام بشكل دوري بسبب جلبهم للمياه من مكان بعيد، فتحاول التقنين هي وعائلتها في استخدامها وهذا أثر على استحمامها والعناية بشعرها.
كما أن المهمات اليومية للنساء الغزيات أرهقتهن بدءا من الغسيل على اليد والذي تسبب أكزيما وجفاف باليد للكثيرات، وإشعال الحطب تحت أشعة الشمس الحارقة مما أدى إلى اسمرار لون بشرتهن، فلا واقي شمس متوفر في الأسواق يمكنهن أن يضعنه قبل التعرض لتلك المهمة، وإن وجدته أحدهم فإنه يتوفر بسعر غال جدًا وليس الجميع لديه القدرة على شرائه.
وبعدما كن نساء غزة مواكبات لكل منتجات التجميل والبشرة يقتنين أفضل الأنواع، مطلعات على مميزات كل نوع، أضحين الآن لا يطقن رؤية وجوههن في المرآة، بعدما أهلكتهن الحرب، فظهرت على وجوههن التجاعيد، والهالات، والكلف، والاسمرار الشديد، والبثور، وأضحى الوجه باهتًا تنقصه نضارة ما قبل السابع من أكتوبر.
تنتظر نساء غزة أن تنتهي الحرب في أقرب وقت، ليستطعن أن يعالجن أنفسهن من جميع النواحي، النفسية والجسدية، أن يعدن يغسلن وجوههن في صباح يوم مشرق بغسولهن المميز، ثم يضعن مرطبهن الخاص، وقبل أن يخرجن يتناولن عبوة واقي الشمس ليحافظن على بشرتهن من أشعة الشمس
ولا ننسى أن عدم دخول الخضروات والفواكه واللحوم وكل الطعام الصحي له دور على الصحة الجسدية وصحة البشرة والشعر، فلا فيتامينات تدخل على الجسم منذ أكثر من عام، وكل ما يأكلونه غير صحي بالمطلق، وقد أثرت بالفعل المعلبات على الصحة بشكل عام.
تنتظر نساء غزة أن تنتهي الحرب في أقرب وقت، ليستطعن أن يعالجن أنفسهن من جميع النواحي، النفسية والجسدية، أن يعدن يغسلن وجوههن في صباح يوم مشرق بغسولهن المميز، ثم يضعن مرطبهن الخاص، وقبل أن يخرجن يتناولن عبوة واقي الشمس ليحافظن على بشرتهن من أشعة الشمس.
أن يتوقفن عن الطبخ على النار التي أحرقتهن، أن تعود الغسالة لتمارس مهامها بدلًا من أيديهن التي تجعدت وأصابها الجفاف ولا رفاهية لترطيبها على الدوام، والمحظوظة من لديها عبوة مرطب، أن يعدن ليشتمن رائحة العطور على ملابسهن بدلًا من رائحة النار.
المصدر: بنفسج