اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
المرأة التي، كما وصفها قائد الثورة الإسلامية، لا تؤثر إنسانيتها بجنسها ولا تُستغل كأداة جنسية في خدمة الرأسمالية الغربية، ولا تكون، كما في بعض النماذج الشرقية، عنصراً هامشياً لا دور لها في صنع التاريخ. إن نموذج المرأة في الثورة الإسلامية “لا شرقي ولا غربي”.
ولتحقيق هذا النموذج، يجب دراسة جميع المجالات المتعلقة بدور المرأة. ومن أهم هذه المجالات، سوق العمل وقضاياه المرتبطة، والتي يجب أن تُدرس وفق مؤشرات “النموذج الثالث للمرأة المسلمة”.
في هذا السياق، تبرز مسألة كيفية تهيئة ظروف العمل للنساء في بيئات عمل يغلب عليها الطابع الذكوري، بما ينسجم مع أهداف هذا النموذج.
ضرورة إعادة تصميم هيكل التوظيف للمرأة المسلمة
ترى سمية غلبور، رئيسة الاتحاد الأعلى للنقابات العمالية في إيران، أن إدراك دور المرأة في العمل وفق نموذج المرأة المسلمة الثالث يتطلب إعادة النظر في الهياكل الوظيفية الحالية وتغييراً جوهرياً في النظرة والسياسات والبرامج. فالعديد من المهن صُمّمت أساساً للرجال، دون مراعاة خصوصية وجود المرأة، بينما توجد وظائف أخرى كالمعلمة أو الممرضة أو الطبيبة في بعض التخصصات، تتلاءم أكثر مع حضور النساء.
ومع ذلك، ما زال الطابع الذكوري يطغى على أغلب الوظائف. لذا، يجب على صانعي السياسات في مجال الأسرة والعمل الوصول إلى فهم مشترك لدور المرأة في نظام العمل الوطني، كي يتم تصميم وظائف تراعي كرامة المرأة المسلمة وتتيح لها المشاركة بفعالية في تنمية البلاد.
تؤكد غلبور تشير الدراسات إلى أنه في بعض الوظائف التي تُشكّل فيها النساء نسبةً أكبر من القوى العاملة النشطة، لا تزال مسؤولية الإدارة تقع على عاتق الرجال؛ إذ يجب أن يكون لدى الرجال فهمٌ عميقٌ للخصائص والظروف والاحتياجات الخاصة بعمل المرأة. فمن نوع الملابس والعمل، إلى الظروف الخاصة بالشباب والزواج والحمل وتربية الأطفال، تتطلب جميع هذه العوامل سياساتٍ وفهمًا مختلفين، وهو ما غالبًا ما يتجاهله المديرون الرجال.
و اضافت: في الوقت الذي تُعَدّ فيه الفئة العمرية من ۱۸ إلى ۳۰ سنة من أكثر المراحل حساسية في حياة النساء العاملات، فإنّ غياب الإدارة ذات النظرة النسوية والتيسيرية في هذا المجال قد يؤدي إلى أضرار مهنية واجتماعية وأسرية بحق النساء. ومن الضروري أن يعيد أصحاب العمل وصانعو السياسات تعريف شروط عمل النساء بنهج واقعي، وتوفير بيئة تتيح تعاوناً متوازناً ومشاركة فاعلة تستند إلى فهم حقيقي لمكانة المرأة في بيئة العمل.
جهاد صامت للنساء في ميدان العمل وريادة الأعمال
تشير غلبور إنّ عدداً كبيراً من النساء العاملات لم يدخلن سوق العمل بدافع الشغف، بل من أجل الحفاظ على كيان الأسرة، وأضافت: في ظل غياب السياسات الداعمة وعدم التنفيذ الصحيح لدفع الأجور الحقيقية من قبل الجهات المعنية، واتّساع الفجوة بين سلة المعيشة والدخل المُحددة من قبل وزارة العمل، تلعب العديد من النساء دوراً جهادياً في الحفاظ على معيشة الأسر من خلال العمل في المصانع، ژورش العمل، الحرف اليدوية، المشاريع المنزلية. هؤلاء النساء يُجسّدن بشكل واقعي النموذج الثالث للمرأة المسلمة. تبذل النساء قصارى جهدهن لتوفير السكن والغذاء والرعاية الصحية والتعليم لأطفالهن، حتى لو تطلبت هذه الجهود منهن العمل في وظائف لا يرغبن بأجورها، ويعملن، رغم مؤهلاتهن التعليمية العالية، في وظائف تشغيلية وفي ظل ظروف لا تغطي فيها أجور أزواجهن سوى جزء من الإيجار في أحسن الأحوال، تبذل هؤلاء النساء جهداً كبيراً للحفاظ على كرامة أسرهن، دون أن يكشفن عن معاناتهن الخفية.
صرّحت أستاذةٌ مساعدة في جامعة الزهراء (س) بأن “النموذج الثالث للمرأة المسلمة” ليس مجرد شعار ثقافي، بل هو منهج شامل في النظام الإسلامي، والذي يقتضي أن تحظى النساء في المجتمع بفرص عمل آمنة، قائمة على الكرامة وعادلة. وأكدت أن هذا النموذج يتطلب تحديداً دقيقاً للحقوق وساعات العملوالتنفيذ السليم للقوانين المصوّت عليها في مجال العمل، بالإضافة إلى توفير بيئة عمل مناسبة. القوانين التي، استنادًا إلى قانون العمل المُصادق عليه عام ۱۹۸۹ (۱۳۶۸هـ.ش)، تُلزم جميع المؤسسات وأصحاب العمل، دون اعتبار للجنس، باحترام الحقوق الأساسية للقوى العاملة.
ورغم ذلك، تشير الإحصاءات الرسمية الصادرة عن مؤسسات مثل مركز أبحاث مجلس الشورى الإسلامي ومركز الإحصاء الإيراني إلى أن أكثر من ۶۰٪ من القوى العاملة في البلاد يعملون بشكل غير رسمي وتشكل النساء أكثر من نصف هذا العدد. و يعني العمل غير الرسمي غياب التأمين الاجتماعي، انعدام الأمان الصحي، التقاعد، بالإضافة إلى عدم وجود عقد قانوني. وتؤدي هذه الحالة إلى غياب أي ضمان قانوني وساعات عمل غير محددة.
بناءً على تصريحاتها، عندما نتحدث عن المرأة المسلمة ذات الكرامة، يجب أن نعلم أن الكرامة لا تكون في القول فقط. فالحكومات التي تتولى السلطة في نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية مُلزَمة بالاعتراف بكرامة المرأة في إطار ساعات العمل الرسمية ووفقًا لقانون العمل.
و اکدت: إن التنفيذ الكامل لقانون العمل ليس مجرد مطلب قانوني، بل هو خطوة هامة في سبيل الحفاظ على كيان الأسرة في المجتمع الإسلامي وتحقيق النموذج الثالث للمرأة المسلمة. وقد تم تعريف النموذج الثالث للمرأة المسلمة على أساس الكرامة الإنسانية؛ وهي كرامة إن لم تُحترم في نظام التوظيف، وخاصة بالنسبة للنساء العاملات في المجتمع العمّالي، فإن تحقيق هذا النموذج سيواجه تحديات ومشاكل جدية.
كما يوضح رئيس الاتحاد الأعلى لجمعيات نقابات العمال: وفقًا للإحصاءات الرسمية، فإن نحو ۱۵٪ من النساء في البلاد يعملن؛ ومع ذلك، يعتقد الخبراء الاجتماعيون والنشطاء في مجال العمال أن هذا الرقم لا يعكس الواقع الفعلي لتوظيف النساءوهو أقل بكثير من المعدل الحقيقي. والسبب الرئيسي لهذا الفارق الإحصائي هو عدم وجود نظام دقيق لتسجيل معلومات التوظيف للنساء في الوظائف غير الرسمية. تعمل العديد من النساء في مجالات علمية، أكاديمية، زراعية، صناعات غذائية، صناعات يدوية وظائف منزلية، ومع ذلكوبسبب عدم تسجيل أسمائهن في أي منصة إحصائية، لا يُعترف بهن كمشتغلات في المؤسسات المحلية والدولية. هذا القصور الإحصائي يضر بمكانة الدولة الدولية في مؤشر توظيف النساء، كما يؤدي إلى تجاهل جهود النساء اللواتي يعملن في ظروف صعبة من أجل الحفاظ على كيان الأسرة، وفي إطار النموذج الثالث للمرأة المسلمة؛ وهنّ نساء يعملن بكل طاقتهن دون أدنى مقومات الدعم مثل العقد الرسمي، والأمان الوظيفي، والدخل الكافي، والتأمين.
النساء في طليعة رواية المقاومة
قالت غلبور: في الوقت الراهن، إذا أردنا التخطيط لتحقيق النموذج الثالث للمرأة المسلمة، يجب علينا أن نفهم جيدًا دور النساء في ميادين الجهاد الحقيقية، وأن نظهر هذا الدور؛ نساء لم يكنّ مجرد متفرجات في الحرب الأخيرة التي استمرت ۱۲ يومًا، بل وقفن في الصفوف الأمامية للجهاد الإعلامي. في هذا الصراع، الذي وصفه قائد الثورة الإسلامية بأنه رد حاسم على عصابة النظام الصهيوني الإجرامي، شكّل حضور بعض النساء الناشطات في الإعلام نموذجًا بارزًا من البصيرة، الشجاعة، والالتزام بقيم الثورة.
ومن بين هؤلاء، السيدة سحر إمامي، مراسلة الإعلام الوطني، التي وقفت بشجاعة أمام كاميرات الإعلام الدولي وقالت بصراحة للنظام المحتل: “أنت المعتدي!” هذه الجملة لم تكن مجرد موقف سياسي، بل كانت تعبيرًا عن الحقيقة بصوت امرأة مسلمة، وتجسيدًا لكرامة وشجاعة المرأة الإيرانية في ميدان الحرب الناعمة.”
واشارت إلى الجملة التاريخية والعميقة للإمام الخميني (قدس سره) التي قال فيها: «نهضتنا بدأت من النساء»، ويؤكد أن هذا التعبير ليس مجرد شعار، بل هو حقيقة تاريخية تجلّت مرة أخرى بوضوح في الحرب التي استمرت ۱۲ يومًا. فقد توحّدت النساء الإيرانيات في هذا الموقف، على اختلاف أفكارهن وتوجهاتهن، حول مبدأ مشترك واحد، وهو الالتزام بالهوية المقاومة، المناهضة للظلم، والمستقلة لبلدنا؛ هوية لا شرقية ولا غربية، بل نابعة من فهم عميق للكرامة الإنسانيةوالغيرة الوطنية والدينية والعدالة.
نساء وقفن في الأسرة وفي الفضاء الافتراضيوفي الإعلام، للدفاع عن المظلومين والتنديد بالعدوان، وأعلنّ مواقفهن. هذا الحضور لم يكن قائمًا على أساس الجنس، بل على أساس الهوية والوعي. ما أظهرته النساء الإيرانيات في هذه الحرب هو امتداد لتلك النهضة التي تحدّث عنها الإمام؛ نهضة كانت النساء فيها ليس فقط رفيقات الطريق، بل المبادرات إليها، المخلصات لها والرائدات فيها.
المرأة الإيرانية.. وارثة هوية عريقة لا تحتاج إلى هوية غربية أو شرقية
و اضافت: في مجال التوظيف أيضًا، تمكنت النساء الإيرانيات، سواء كنّ ناشطات في الصناعات الصغيرة، أو طبيبات أو أستاذات أو موظفات أو معلمات أو عاملات، بالاعتماد على هذه الهوية «لا شرقية ولا غربية»، من مقاومة الضغوط المفروضة عليهن ولعب أكبر دور ممكن بأقل الإمكانيات. وهذا هو النموذج الذي يُعرف بـ«النموذج الثالث للمرأة المسلمة»؛ المرأة التي تجمع بين الالتزام بالكرامة الإنسانية، العقلانية، التدين والأسرة، وتلعب دورًا فاعلًا في نسيج المجتمع. ومع ذلك، تواجه النساء، إلى جانب هذه المقاومة، مشكلات ثقافية واقتصادية جادة أيضًا؛ مثل مجال الحجاب الإسلامي. هناك اليوم حقيقة مُرّة، وهي أن تكلفة الحجاب الكامل تفوق تكلفة عدم الالتزام بالحجاب. بدءًا من أسعار العباءات البسيطة التي وصلت إلى مليوني تومان، مرورًا بالأوشحة التي تحتاج إلى جودة عالية وبرودة وقياس مناسب للحفاظ على الحجاب، وصولاً إلى المعاطف الطويلة والمحتشمة التي يجب أن تتوافق مع الأعراف المحلية وحتى الضغط النفسي الناجم عن الحفاظ على الحجاب في الأماكن العامة. وكل هذا في حين أن أقل تكلفة للمظهر الغير مقيد لا یتجاوز ثلث هذه المبالغ وهذا يطرح سؤالًا جديًا: كيف لامرأة مسلمة في نظام يمتلك قدرات ثقافية عالية وموارد طبيعية غنية وقدرات نووية وتكنولوجيا متقدمة، أن تتحمل مثل هذه التكاليف للحفاظ على أبسط مظاهر هويتها؟ إذا كان من المقرر تحقيق «النموذج الثالث للمرأة المسلمة»، يجب تسهيل شروط تحقيقه وجعله بسيط، متاح ومحترم.
تقول السيدة غلبور أن النساء الإيرانيات اليوم يتنفسن في إطار النموذج الثالث للمرأة المسلمة ولديهن القدرة والاستعداد للقيام بدور فعال في المجتمع: هذا الحضور، بدون دعم فعّال وتوفير الظروف المناسبة من قبل الحكومات، سيكون من الصعب الحفاظ عليه.
في مجال توظيف النساء، من الضروري إجراء تفتيشات دقيقة ومستمرّة لضمان عدم وجود أي عاملة بدون حقوق قانونية. هذه القضية ذات أهمية مضاعفة في صناعات الملابس والصناعات الغذائية، والمجالات الأخرى ذات الصلة التي تعتمد على النموذج الإيراني-الإسلامي.
الإمكانات الكامنة والفعّالة للنساء لتحقيق النموذج الثالث للمرأة المسلمة تتطلب دعماً مستهدفاً وعملياً من الوزارات والمؤسسات المختلفة. من وزارة التعليم ووزارة العلوم إلى وزارة التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي، ومنظمة التدريب المهني، يجب على الجميع أداء أدوارهم الحقيقية بشكل صحيح لدعم وتطوير النساء العاملات. ورغم وجود التزامات قانونية واضحة، للأسف، فإن أداء العديد من هذه الجهات إما ناقص أو في بعض الحالات يتعارض مع مصالح النساء. هذا الوضع يعكس مظلومية وقلة اهتمام بالنساء في مسار تحقيق النموذج الثالث.
خلق ثقافة التقدير المتساوي لأدوار المرأة في المجتمع
يقول السيد سيد مجتبي حورائي، مدرس التنمية الفردیة والاتصالات، إن زيادة فرص العمل للنساء ضمن أطر تقليدية مهيمنة من الرجال يمكن أن تعزز الأسرة، بشرط أن تُراعى الأولويات. وأضاف في حديثه مع مراسلنا: “الأولوية الأولى يجب أن تكون لبيئة المنزل والأسرة؛ بمعنى أن عمل المرأة لا يجب أن يضر بمهمتها الأساسية في الحياة المشتركة والحفاظ على أمن المنزل.”
وأضاف أنه إذا لم يؤثر عمل المرأة على دورها الأساسي في إدارة بيئة المنزل الآمنة، والتواصل مع الزوج وتربية الأطفال، فلن يكون هناك مشكلة. ولكن عندما يصبح العمل هو الأولوية الأعلى ويتسبب في اضطراب هذه العلاقات وبيئة الأمان، فسيكون ذلك مشكلة.
وأكد أن دور الرجل في توفير معيشة الأسرة حيوي، وعادةً ما تكون مسؤولية الرجال الرئيسية هي كسب الدخل. وقال: “إذا كانت المرأة العاملة لديها فرصة عمل في حين أن زوجها يعمل، فلا توجد مشكلة. لكن إذا كان الرجل، الذي يتحمل مسؤولية توفير الدخل للأسرة، عاطلاً عن العمل والمرأة تحتل موقعاً كان من المفترض أن يشغله الرجل، فهذه الحالة خطيرة ومشكلة.”
وختم بالتأكيد على أن الحفاظ على التوازن والأدوار داخل الأسرة أمر مهم جداً، وأن تغيير هذه الأدوار يمكن أن يسبب ضرراً للأسرة.
وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت المساواة في ساعات عمل الأمهات مع الآخرين تؤثر إيجاباً أم سلباً على أدائهن التربوي، يقول: “بلا شك، التأثير سلبي. فالنساء يختلفن عن الرجال من حيث القدرات الجسدية والنفسية، وإذا طُلب منهن العمل بنفس الكمية والشدة مثل الرجال، فهناك احتمال لحدوث أضرار جسدية ونفسية لهن، بالإضافة إلى اختلال توازن الأسرة.”
و اضاف: “لذلك، من الأفضل أن تكون وظائف النساء متناسبة مع طبيعتهن النفسية وظروفهن الخاصة، وأن تكون ساعات عملهن أقل من الرجال، حتى لا يُحدث ذلك خللاً في أجواء الأسرة.”
ويؤكد هذا الخبير التربوي أن استخدام النساء كأدوات في الأعمال التجارية، بحيث يُستفاد من قدراتهن فقط لزيادة المبيعات أو لأغراض دعائية، هو أمر خاطئ وغير عادل ولا يمكن قبوله بأي حال.
ويجب أن يكون توظيف النساء قائماً على احترام مكانتهن الإنسانية والنفسيةژ وأن يُوفر لهن بيئة تمكّنهن من الحفاظ على صحة أجسادهن وأرواحهن، وفي الوقت نفسه أداء أدوارهن المتعددة في الأسرة والمجتمع.
كما يشدد على ضرورة توفير دعم قانوني وثقافي لمنع الضغوط المفرطة في بيئة العمل على النساء، وتهيئة فرص عمل تتناسب مع خصائصهن وقدراتهن. وفي الختام، يؤكد أن تحقيق التوازن بين الحياة المهنية والحياة الأسرية للنساء من شأنه أن يسهم في استقرار الأسر ورفع جودة الحياة الاجتماعية.
ويؤكد قائلًا: من أجل تحقيق هذه الأهداف، لا بدّ أن يتعامل أرباب العمل وواضعو السياسات بحساسية أكبر تجاه احتياجات النساء العاملاتژ وأن يوفّروا بيئة عمل مناسبة ومرنة. ومن بين الإجراءات التي يمكن أن تُسهم في الحفاظ على صحة النساء ورضاهنّ الوظيفي: توفير فرص التدريب، تطوير المهارات وتقديم تسهيلات كافية مثل الإجازات، والرعاية بالأطفال، والدعم النفسي.
كما يُعدّ تعزيز الثقافة المجتمعية التي تُقدّر أدوار النساء في الأسرة والمجتمع بشكل متساوٍ خطوة مهمّة لتقليل الضغوط النفسية والاجتماعية عليهن. وبهذا الشكل، ستكون النساء قادرات على العمل في مختلف المجالات بحماس وطاقة أكبر وفي الوقت ذاته الإسهام في بناء أسرة ومجتمع أكثر توازنًا وصحة.
وقال : النساء العاملات لا خيار لهن سوى التكيّف مع قوالب العمل المصمّمة أصلاً للرجال، وهذا التكيّف يكون أصعب بكثير بالنسبة للأمهات، إذ إن أداء أدوار متعددة كزوجة وأم، إلى جانب أدوار اجتماعية ووظيفية، ضمن الإطار الحالي لسوق العمل، لا يتماشى مع الطبيعة النفسية والعاطفية والجسدية والبنيوية للمرأة.
أما القول الشائع بأن تعليم النساء وعملهن يؤثر سلبًا على الزواج والإنجاب، فهو غير مقبول. فليست الدراسة أو الوظيفة بحد ذاتها هي السبب، بل الظروف والبنى المتاحة لهما هي التي تؤثر في نمط حياة النساء وجودتها. وما نراه من نتائج سلبية هو نتيجة لتلك الظروف، وليس لطلب النساء للعلم والعمل.
غالبًا، تتجه الأمهات نحو الإرهاق والتآكل النفسي تحت عبء كثيف من المهام اليومية الكبيرة والصغيرة، وأحيانًا في ظلّ تضارب أدوار متعددة. من أبرز تبعات ساعات العمل الطويلة والمتساوية مع الرجال، وكذلك المسافات الطويلة التي يقطعنها إلى أماكن العمل، خاصة في المدن الكبرى، هو اتساع الحاجة إلى مؤسسات تُعوّض الغياب اليومي والمطوّل للأم داخل الأسرة. ومن أبرز هذه الحلول، إنشاء مراكز لرعاية الأطفال بعد انتهاء اليوم الدراسي.
لكن هذا النهج، المأخوذ من نماذج أجنبية، لا ينسجم مع المبادئ الإيرانية التي تعتبر الأسرة حجر الأساس في بناء المجتمع. فبعض الأطفال يُحرمون من رؤية آبائهم من الساعة السادسة صباحًا حتى السادسة مساءً ويُربّون ضمن مؤسسات، وليس في أحضان الأسرة.
ومن الأضرار الأخرى، غياب النظرة الشاملة في التعامل مع القضايا. فالاعتماد على برامج وخطط مؤقتة تلعب دور “المسكّن” في المجال الاجتماعي لا يمكن أن يُعتبر علاجًا حقيقيًا. هذه الحلول الوقتية قد تخفف من حدة المشكلة مؤقتًا، لكنها لا تعالج جذورها، وبالتالي لا تُفضي إلى تحولات مستدامة أو إصلاحات حقيقية في البنية الاجتماعية.
تعریب خاص لـجهان بانو من صحيفة القدس