اليوم الدولي للعمل الخيري: غزة في قلب الإغاثة الإنسانية

في الخامس من سبتمبر من كل عام، يحتفل العالم باليوم الدولي للعمل الخيري، وهو مناسبة تهدف إلى تسليط الضوء على أهمية العمل الخيري في تعزيز التضامن الاجتماعي ودعم الفئات الضعيفة والمحتاجة. في هذا السياق، تأتي أهمية تسليط الضوء على الوضع الإنساني في قطاع غزة، الذي يواجه تحديات غير مسبوقة نتيجة الحرب المدمرة والتهجير القسري للسكان.

العمل الخيري: أداة لتخفيف المعاناة عن أهالي غزة

مع استمرار الحرب وما نتج عنها من مجاعة وتدمير للمنازل والحياة  في غزة، نشطت العديد من الجمعيات الخيرية واطلقت المبادرات لتوفير المأكل والمشرب والملبس والسكن من مختلف مناطق العالم.

ومع ذلك، لا يزال حجم التحديات التي تواجه العمل الخيري في قطاع غزة، يفوق الموارد المتاحة ، ويستدعي المزيد من المبادرات.

غزة في ظل الحرب: معاناة مستمرة

تواجه غزة، ظروفًا إنسانية قاسية تفاقمت بشكل كبير بفعل الحرب المستمرة منذ ۷ أكتوبر الماضي المستمر والتي تشهد دمارًا واسعًا في البنية التحتية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والمنازل، خلفت وراءها مئات الآلاف من العائلات بلا مأوى أو سبل عيش، حيث تم  تدمير  من ۷۰% من المنازل والبنية التحتية، وتدمير  مئات المدارس، والمستشفيات أصبحت غير صالحة للاستخدام، وزيادة عدد النازحين الداخليين بشكل كبير بسبب القصف المستمر.

دور العمل الخيري في غزة

تشهد غزة تدفقًا للمساعدات الإنسانية من مختلف المنظمات المحلية والدولية. هذه المنظمات تعمل على توزيع المواد الغذائية، وتقديم الرعاية الصحية الطارئة، وتوفير المأوى للنازحين. كما أطلقت العديد من الحملات لجمع التبرعات بهدف إعادة إعمار القطاع المدمر وتقديم المساعدة للأسر المتضررة في القطاع .

إحدى المبادرات البارزة التي انطلقت مؤخرا حملة واسعة في مناطق فلسطيني الداخل (۴۸) حيث جمعت مئات الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والأدوية والملابس. التي ساهمت في توزيع آلاف السلال الغذائية والمواد الطبية الأساسية على العائلات التي تعاني من نقص الموارد الأساسية في القطاع.

“التكية” ملاذ النازحين للحصول على الطعام في غزة

تزامنا مع الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة ونزوح أكثر من مليون شخص من الشمال للجنوب، ظهرت أزمة تتعلق بتوفير الطعام اللازم للأسر النازحة، فأصبحت “تكيات” الإطعام هي الملاذ للنازحين.

وانتشرت في جنوب غزة مبادرات خيرية تعمل على تدشين مبادرات وتكيات لإطعام النازحين، ومن أشهر تلك التكيات هي “تكية رفح الخيرية”.

والتكية وصف يطلق على مطبخ يعمل في الأساس على إطعام الفقراء وهو أمر تكافلي قديم وينتشر في عدة بلدان عربية خصوصا، والوجبة الأساسية المشهورة بها التكية هي العدس.

مسؤول تكية رفح الخيرية، هاني أبو القاسم، قال ” إن “هذه التكية تم تدشينها بجهود خيرية منذ سنوات في مخيم الشابورة وهي عبارة عن مطبخ خيري يتم تجهيز الطعام والوجبات الغذائية فيه وتوزيعها على الأسر الفقيرة، ولكن هذا الوضع كان في السابق”.

وتابع أن “الوضع بعد الحرب تغير حيث نزحت آلاف الأسر من الشمال إلى الجنوب وخاصة إلى رفح، وهؤلاء النازحون تركوا كل شيء وراءهم وأصبحوا يعيشون في مراكز الإيواء ولا يملكون من حطام الدنيا شيئا هم وأطفالهم”.

واستطرد: “كان واجبنا أن نستضيفهم ونساندهم ونكرمهم ونغيثهم، من ثم أصبحت تكية رفح تعد آلاف الوجبات يوميا وتوزعها على النازحين بجانب دورها المستمر في التوزيع على الأسر الفقيرة.”

وأوضح أنه “في اليوم الواحد يتم إعداد أكثر من ۳ آلاف وجبة مكونة من الأرز واللحم، حيث يتم ذبح أكثر من ۵ عجول وتجهيز لحومها للنازحين والفقراء”.

أبو القاسم قال إن: “التكية تعتمد على التبرعات من أهل الخير والقادرين في رفح وخان يونس، وقبل الحرب كانت تردها تبرعات من الخارج.”

وشرح أن” التبرعات قد تكون أموالا ولكن في الوضع الحالي فالأوقع أن المتبرعين يقدمون المواد اللازمة لإعداد الوجبات، فهناك من يتبرع بعجول للذبح وهناك من يتبرع بالأرز والزيت والعدس، ويتم الطهي على مواقد تقليدية بالحطب لعدم وجود وقود بسبب الحصار الإسرائيلي على غزة”.

واستطرد أن “الوجبة الأساسية التي تقوم عليها التكية هي العدس ولذلك تسمى تكية العدس، وذلك في حال عدم وجود لحوم وأرز”.

وقال أبو القاسم إن “الأساس حضور الناس للحصول على الوجبات من التكية ولكن أيضا يقوم الشباب العاملون في التكية بتوزيع الوجبات على من لا يستطيع الحضور من النازحين”.

وختم بأنه “رغم الحرب والمآسي التي حدثت بسببها فإنها أظهرت الخير الكثير والكرم والتعاون لدى أهل غزة وخاصة أهالي رفح، حيث أصبحت هناك عدة تكيات ومبادرات شبابية تقوم على توفير الطعام اللازم للنازحين وإكرام ضيافتهم.”

التحديات التي تواجه العمل الخيري

رغم الجهود الكبيرة، يواجه العمل الخيري في غزة العديد من التحديات. القيود المفروضة على دخول المساعدات، بالإضافة إلى الحصار الإسرائيلي، جعلت من الصعب إيصال المساعدات إلى المحتاجين في الوقت المناسب. كما أن القصف المستمر يمثل خطرًا على حياة العاملين في المجال الخيري، مما يحد من قدرتهم على الوصول إلى المناطق الأكثر تضررًا الذي ادى الى مقتل اكثر من ۱۵۰ شخصا يعملون في مجال الاغاثة الانسانية من بينهم متطوعين اجانب في المطبخ العالمي.

نداء للمجتمع الدولي

في اليوم الدولي للعمل الخيري، ما زالت توجه العديد من المنظمات الإنسانية نداءً للمجتمع الدولي لزيادة الدعم لسكان قطاع غزة. وفي ظل استمرار الحرب والحصار، تظل احتياجات سكان القطاع أكبر بكثير من الموارد المتاحة.

 الدعوة إلى تعزيز العمل الخيري في غزة لا تقتصر على تقديم الدعم الفوري، بل تمتد إلى إعادة بناء الحياة والبنية التحتية المدمرة، لضمان مستقبل أفضل لسكان القطاع.

المصدر: نساء FM