برلمان تونس يدعم حقوق النساء العاملات لحماية الأسر

قدّم أعضاء بالبرلمان في تونس أخيراً اقتراح قانون يهدف إلى ضمان التوازن بين العمل والحياة الأسرية للأمهات العاملات من خلال تدابير للحماية والتحفيز تطبق على العاملات في القطاعَين الحكومي والخاص.

يحاول البرلمان التونسي تعزيز حقوق النساء العاملات من خلال تشريعات جديدة تمنحهنّ إمكانية للارتقاء الوظيفي والاضطلاع بدورهنّ في رعاية أسرهنّ، لا سيّما اللواتي يرعين أطفالاً من ذوي الاحتياجات الخاصة. واقترح نواب مشروع قانون لدعم الأمهات، وتيسير الحياة العائلية بعد نحو ۸ سنوات من مصادقة البرلمان في تونس على قانون حماية المرأة من العنف.

ويقترح مشروع القانون الذي نشر على الموقع الرسمي لمجلس النواب، توفير إمكانية حصول النساء على مساعدة اجتماعية تشمل منحة شهرية للأمومة تُحدد بحسب عدد الأطفال دون سن الـ۱۲، بقيمة لا تقل عن ۱۵۰ ديناراً (۵۲ دولاراً) للطفل الأول، و۱۰۰ دينار (۳۲ دولاراً) لكلّ طفل إضافي. كما يفرض مشروع القانون أن توفر الشركات الكبرى أماكن لرعاية الأطفال، أو التعاقد مع مراكز رعاية، وضمان الحق في العمل بدوام جزئي (نصف يوم أو عن بُعد) مع مراعاة متطلبات الإنتاجية من دون المسّ بحقوق المرأة المهنية أو أجورها. ويوفر المشروع أيضاً الحماية اللازمة للنساء من الفصل أو الاستبعاد من العمل بسبب إجازة الأمومة، ووضع آلية للإبلاغ الإداري من أجل حماية الموظفات من التحرش، كما تنص بنوده على ضرورة السماح للنساء الحوامل أو المرضعات بتأجيل أو إعادة جدولة امتحاناتهنّ المهنية لضمان ظروف تقييم عادلة ومتوازنة.

ويوضح النائب يسري بواب أن مكتب مجلس نواب الشعب أحال القانون على لجنة الصحة وشؤون المرأةوالأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة من أجل توسيع دائرة النقاش في البنود المقترحة، ويؤكد في حديثه لـ”العربي الجديد” أن “اقتراح القانون يندرج في إطار تعزيز التشريعات الاجتماعية التي تعطي للأسرة المكانة اللازمة بوصفها النواة الأولى في المجتمع، ويكرّس واقع أن دعم حقوق النساء العاملات يدعم صلابة الأسر وتماسكها”.

ويشير إلى أنّ “خروج المرأة للعمل وتقلّص حضورها في الفضاء الأسري يحتم توفير وسائل لدعم دورها في تنشئة الأطفال والحفاظ على توازنهم من أجل تفادي الآثار السلبية لغياب الرعاية العائلية للناشئة التي تظهر في زيادة الانقطاع الدراسي وارتفاع مستوى الجريمة”.

يتابع بواب: “مشروع القانون محاولة لتوفير مناخ أفضل للمرأة العاملة في تونس من أجل تجاوز الصعوبات التي تعترضها في التوفيق بين دورها كأم وموظفة، والتوقيت المرن لعمل النساء يمكن أن يكون حلاً جيداً لتعزيز حضانة الأطفال دون الـ۱۲ عاماً. هناك أهمية لانخراط المؤسّسات المشغلة في دعم التشريعات التي ترعى حقوق الأسر، ومن ذلك توفير حضانات للأطفال في محيط المؤسّسات، كونه يدعم التوازن العاطفي للأم وأطفالها، ويجعلها أكثر قرباً منهم، ما يعزز التوازن النفسي للأطفال واليافعين”.

دعم حقوق النساء العاملات مهم لتعزيز تماسك الأسر، 14 مارس 2019 (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
دعم حقوق النساء العاملات مهم لتعزيز تماسك الأسر، ۱۴ مارس ۲۰۱۹ (فتحي بلعيد/ فرانس برس)

وفي نهاية يونيو/ حزيران الماضي، أقرّ البرلمان في تونس نصاً جديداً يمنح الأبوين إجازة لفترة أطول بعد الولادة، في إطار خطة اجتماعية لدعم حقوق النساء، وسمح قانون عطلة الأمومة بمراجعة النص القديم الذي يعود إلى عام ۱۹۶۷٫ ونصّ القانون على استحداث عطلة ما قبل الولادة، وزيادة فترة عطلة الولادة إلى ثلاثة أشهر، واستحداث عطلة ولادة لفائدة الأم التي وضعت طفلاً ميتاً، إضافة إلى رفع مدة عطلة الأبوة إلى عشرة أيام، وتطبيق عطلة ما بعد الولادة على مؤسسات القطاع الخاص، وزيادة فترة راحة الرضاعة.

وترى المديرة التنفيذية لجمعية “أصوات نساء”، سارة بن سعيد، أن اقتراحات البرلمان تكرّس الصورة الاجتماعية النمطية التي تحمّل المرأة كامل مسؤولية رعاية الأطفال والأسرة، في وقت يجب أن تكون هذه المسؤولية مشتركة بين الأبوين. وتقول لـ”العربي الجديد”: “يغيّب البرلمان المجتمع المدني والمنظمات العاملة في مجال حقوق المرأة من نقاشات تداعيات القوانين، وبعض هذه القوانين يمكن أن تؤثر سلباً على قدرة النساء على دخول سوق العمل”.

تتابع بن سعيد: “أثبتت التجربة أن القوانين التي يفترض أن تدعم حقوق الأم والمرأة داخل الفضاء المهني يمكن أن تمنع قبولهنّ في الوظائف، إذ تعطي المؤسسات أفضلية للرجال نظراً إلى قدرتهم على توفير دوام كامل. مشاريع القوانين مطالبة بالحفاظ على حقوق النساء ودعمها مع مراعاة خصوصيات سوق العمل، فعدد النساء الحاصلات على مؤهلات علمية يفوق عدد الرجال، لكنهنّ أقل حظاً في الحصول على وظائف، ويجب أن تنصف التشريعات الجديدة النساء على صعيد فرض تقاسم الأعباء الأسرية بالكامل”.

وتطالب جمعيات نسوية بالمصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية ومراجعة اتفاقية حماية الأمومة عدد ۱۸۳ التي تؤكد حقّ كل أم، سواء في إطار الزواج أو خارجه، في الحصول على عطلة أمومة قبل شهر من الولادة وأربعة أشهر بعد الولادة، كي تكون كلّ الأمّهات على نفس القدر من المساواة، وتجنّب أي تعقيدات صحية قد تصيب الأم أو طفلها.

العربي الجدید