اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
ومن الشارع اتخذت أمينة مكانا لبسطتها، وتحدت بذلك ظروفا اجتماعية واقتصادية صعبة، وكأنها تبعث برسائل عن الحال السيئ الذي وصلت إليه وغيرها من الفلسطينيين.
عبر ۳ كيلوغرامات من معمول التمر شقت أمينة شبارو (۴۸ عاما) طريق مشروعها الجديد، وخاضت غمار تجربة العمل للمرأة لتتحدى واقعا صعبا تعيشه هي وفلسطينيون كثر، لا سيما في هذه الأوقات العصيبة، حيث الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والضفة الغربية، ووسط تضييق وخنق اقتصادي حوَّل حياة الفلسطينيين لبؤس شديد، لا سيما مع تسريح الاحتلال لآكثر من ۲۰۰ ألف عامل فلسطيني لديها مع بداية الحرب، وعدم انتظام وانقطاع رواتب أكثر من ۱۵۰ ألف موظف عمومي.
وكان ذلك دافعا قويا لإطلاق مشروعها منذ عدة أشهر، ووجدت بنفسها القدرة على ذلك، وبينما كانت في زيارة اعتيادية لجمعية “بصمة حياة” التي تعنى بمرضى السرطان في نابلس أن تطلق مشروعها بعدما سألتها مديرة الجمعية، ما الذي بإمكانها فعله؟ فردت أمينة قائلة إنها أعدت لعائلتها ۳ كيلوغرامات من المعمول المحشي بالتمر (كعك بعجوة).
ولم تكذب مديرة الجمعية خبرا، فسألتها إذا ما كان بإمكانها شراء تلك الكمية منها، فردت بالموافقة، لتصعد بذلك الدرجة الأولى في سلم مشروعها الذي أطلقت عليه “بسطة أمينة.. حلويات ومعمول”.
ويوميا وعند السابعة والنصف صباحا تصل أمينة إلى “باب الساحة” معلم نابلس القديمة الأبرز والمكان الأكثر تجمعا للمواطنين والزائرين، وتمكث حتى قرابة الخامسة مساء، وعند عودتها مساء لمنزلها تبدأ وزوجها الذي وعدها منذ البداية وكان أول الداعمين لها في مشروعها بإعداد تلك المصنوعات، وتمكث حتى نحو الثانية فجرا في ذلك.
وهناك وجدنا أمينة وقد طرحت أنواعا مختلفة من الحلويات لا سيما المعمول بأشكاله وأنواعه، والهريسة، والشوكولاتة التي تعدها بيدها، إضافة للمخبوزات (المعجنات) من الزعتر والجبنة وغيرها.
ولدى أمينة قسم آخر تزين به بسطتها المتواضعة، وهو زاوية من حلوى الأطفال المختلفة، وتقول إن ذلك قد يسهل بيع باقي منتجاتها، لا سيما بظل وجود منافسة كبيرة لها في السوق، لكنها تتميز بتنوع بسطتها ورخص منتوجها ولذته كطعام طازج.
وهذا السوق تحديدا ثبتت أمينة أوتاد بسطتها فيه، وحظيت بإقبال وتشجيع كثير من المقربين والأصدقاء وحتى من المارة الذين يقدمون لشراء منتجاتها باستمرار، مما شجعها لعمل زاوية المعجنات بأطعمها المختلفة التي تقدم للزبائن طازجة يوميا.
وكما تضرر العمال والموظفون تأثرت المشاريع النسوية حسب إحصاءات لوزارة الاقتصاد الوطني صدرت مطلع ديسمبر/كانون الأول بشكل كبير بتداعيات الحرب على غزة واعتداءات المستوطنين والإغلاقات والاقتحامات التي تنفذها قوات الاحتلال على المدن والبلدات في الضفة الغربية، مما تسبب بإغلاق ۲۹% من المنشآت الاقتصادية بين جزئي وكلي.
وفي عملها وموقعها أيضا تواجه أمينة تحديات جمة كونها السيدة الوحيدة بين عشرات الباعة الرجال وأصحاب البسطات المنافسة وغيرها، إضافة لمرضها بالسرطان ومرض ابنها واحتياجهم الكبير للعلاج، فضلا عن توقف زوجها عن العمل.
لكن بسطة أمينة جعلت منها امرأة أكثر صلابة وقدرة على تحدي الواقع، وانتشلت لجانبها زوجها الذي هبَّ لمساعدتها وتوفير دخل يعينهم على شظف الحياة.
وخلال شهر رمضان سعت أمينة وبجهد كبير لتوفير كافة منتجاتها وعرضها، متأملة خيرا، خاصة وأن منطقة باب الساحة تعم بالمتسوقين نهار رمضان وليله.
المصدر : الجزيرة