اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
ي تأثير تقريبًا على عدد الأزواج الذين قرروا إضفاء الطابع الرسمي على الانفصال، حيث كانت هناك ۷ حالات طلاق لكل ۱۰ حفلات زفاف.
أما في العام الجاري، الذي أُعلن “عامًا للأسرة” في روسيا، فقد شهد ارتفاعا ملحوظا في حالات الطلاق رغم تعزيز حملة الترويج للقيم الأسرية التقليدية بقوة مضاعفة.
على ضوء ذلك، دعت إيرينا فولينيتس مفوضة حقوق الطفل في تتارستان إلى تقنين حظر الدعاية للطلاق والفردانية الأسرية، مرجعة ذلك إلى وجود ميول اجتماعية لتعزيز الشعور بالوحدة والتخلي عن القيم العائلية التقليدية، ومحذرة من أن ذلك يشكل خطرًا على نظرة الأطفال المستقبلية للعالم والأسرة.
وتختلف نسب الطلاق بين المناطق في روسيا، وتعد منطقة أوبلاست ذات الحكم اليهودي الذاتي رائدة في عدد حالات الطلاق حيث بلغت ۶۷ حالة لكل ۱۰ آلاف نسمة، تليها في المركز الثاني جمهورية أوسيتيا الشمالية بـ۶۶ حالة، وفي المركز الثالث إنغوشيا بـ۶۵ حالة، في حين سجلت جمهورية موردوفا أقل نسبة تفكك أسري بـ۲۹ حالة طلاق لكل ۱۰ آلاف نسمة.
ويأتي هذا الارتفاع في نسب الطلاق ليزيد الأزمة الديمغرافية في روسيا تعقيدًا، مع الحاجة الملحة لزيادة عدد السكان. فللحفاظ على المستوى السكاني نفسه، هناك حاجة إلى معدل خصوبة إجمالي يبلغ نحو ۲٫۱ مولود لكل امرأة، لكن معدل المواليد في البلاد لا يصل إلى هذا المستوى.
فحالات الطلاق تتضمن بدورها مشاكل إضافية كحصولها قبل إنجاب الأطفال بفعل الميل السائد لدى أغلبية المتزوجين الجدد لعدم الاستعجال بذلك إلى حين حل بعض القضايا كالسكن وبقية المصاريف، أو العزوف في حالات أخرى عن عدم إنجاب الأطفال أصلا، رغم تقديم الدولة قروضا سكنية بفوائد تشجيعية للأسر الجديدة أو كثيرة الأطفال.
ويقول الخبير في الدراسات الاجتماعية فلاديمير كوشول إنه إذا نظرت إلى استطلاعات الرأي والحديث عن أسباب الانفصال، فإنه غالبًا ما يستخدم الزوج السابق أو الزوجة السابقة صيغة “لم يتفقا” لتفسير أسباب الانفصال.
ويشرح في حديث للجزيرة نت أن الاتجاه التصاعدي في معدلات الطلاق سببه بالدرجة الأولى العوامل المالية كالفقر وعدم القدرة على تلبية احتياجات الأسرة، يليها عدم التفاهم المتبادل ثم الخيانة الزوجية فالغيرة بين الزوجين، وفق دراسات مختلفة.
وبالتوازي مع هذا، يشير المتحدث إلى عامل آخر يسهم في الاتجاه التصاعدي لحالات الطلاق، فكما هو الحال في العديد من الدول الغربية، فإن العروس والعريس النموذجيين في روسيا “يتقدمان في السن” تدريجيا، ليرتفع متوسط عمر الزواج.
ويوضح أنه في عام ۱۹۹۳ كان عمر العريس النموذجي ۲۶ عامًا والعروس النموذجية ۲۴ عامًا، في حين بلغ متوسط عمر الزواج في الأعوام العشرة الأخيرة ۳۲ و۲۹ على التوالي.
في يوليو/تموز من العام الجاري، قدمت رئيسة لجنة مجلس الدوما لحماية الأسرة نينا أوستانينا اقتراحا بأن يتم توضيح تعريف القيم العائلية التقليدية في التشريعات.
وبحسب رأيها، فإنه بعد ذلك سيكون من الممكن التفكير في فرض عقوبة على من يسيء إلى هذه القيم والتحريض على الأفكار التي تؤدي إلى تفكّك الأسرة.
لكن الخبيرة في علم النفس ناتاليا موروزوفا ترى أن أسباب الطلاق تكمن بشكل أساسي في المواقف الحياتية للزوجين نفسيهما بالنظر إلى أن نمو معدلات الطلاق يشمل على حد سواء ذوي الدخل المنخفض والأثرياء، وأنه بصرف النظر عن الأعمار ومستويات التعليم، وسواء كانوا متزوجين لمدة عام واحد أو لسنوات عديدة، وما إذا كان لديهم أطفال أم لا، فاحتمال الطلاق هو نفسه تقريبًا بالنسبة للجميع، حسب ما تلاحظ.
كما أن قوة الأسرة لا تتأثر بالثروة أو بمدة العلاقة أو بفارق السن بين الزوج والزوجة، وإنما بالتصورات والمفاهيم وبمدى تجذر القيم الأسرة لدى الزوجين، وهذا ما يشهد تراجعًا ملحوظا، حسب قولها.
وتوضح أن المشكلة الإضافية باتت تكمن في أن المجتمع بدأ “يتعايش” مع فكرة الطلاق في السنوات الأخيرة ويتقبلها.
وتتابع أنه بينما كان ۱۴% من الناس في عام ۱۹۹۰ متأكدين من ضرورة وإمكانية إنقاذ الزواج بأي ثمن، فإن ۹% فقط قالوا ذلك في عام ۲۰۲۱، وكان ۳۹% واثقون من عدم وجود عقبات لا يمكن التغلب عليها أمام الطلاق.
من هنا تشدد على أن من واجب الدولة ليس فقط الاكتفاء بمعالجة الجوانب المادية للتحفيز على الزواج وإنجاب الأطفال، بل التركيز أكثر على تعزيز منظومة القيم والتقاليد الأسرية الروسية من خلال برامج تنويرية وتحفيزية مكثفة وباستخدام كافة وسائل الاتصال مع الجمهور.
المصدر : الجزيرة