اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
في ظل تصاعد المطالب الشعبية والحقوقية بتطوير القوانين المتعلقة بالأسرة، لا يزال قانون الأحوال الشخصية العراقي لعام ۲۰۲۵ يثير جدلاً واسعاً في الأوساط القانونية والاجتماعية، خاصة بعد أن كشفت بنوده عن توسعات مثيرة للقلق في مجال تزويج القاصرات وتعدد الزوجات، وتراجع في ضمانات النفقة والحضانة، ما وصفه البعض بأنه “نكسة قانونية” تمسّ جوهر العدالة الاجتماعية.
وفي هذا السياق، تحدثت المحامية والمستشارة القانونية ديانا باسم أحمد لوكالتنا “روج نيوز”، قائلة إن هذه التعديلات “لا تواكب التحولات الاجتماعية، بل تمثل تراجعاً خطيراً في حماية النساء والأطفال”.
تعديلات تُعيد إنتاج التمييز
أوضحت المحامية ديانا أن التعديل الجديد أعاد فتح الباب أمام تزويج الفتيات دون سن ۱۸ عامًا تحت مسمّى “المصلحة”، دون تحديد معايير واضحة، ما يفتح المجال لفرض الزواج القسري، ويعرّض الطفلات لخطر التسرب من التعليم، والفقر، والعنف الأسري. كما أكدت أن التعديل لم يُعالج التمييز القائم في الطلاق، حيث ما زال للرجل صلاحية إنهاء العلاقة مباشرة، في حين تواجه المرأة إجراءات قانونية معقدة، إلى جانب غياب آليات تنفيذية فعالة لضمان حقوق النفقة والحضانة بعد الطلاق، مما يزيد من معاناة النساء وأطفالهن.
قانون تقليدي في زمن متغيّر
اضافت المحامية، أن تعديل عام ۲۰۲۵ جاء برؤية تقليدية تجاه الأسرة، متجاهلاً الواقع الاجتماعي المتغيّر الذي أصبحت فيه المرأة معيلة وفاعلة في سوق العمل، كما سَهّل التعدد دون رقابة قضائية صارمة، وهو ما يُضعف مؤسسة الزواج ويهدد استقرار الأسرة.
تجربة إقليم كردستان
استشهدت ديانا بتجربة إقليم كردستان، الذي أدخل عام ۲۰۰۸ تعديلات جوهرية على قانون الأحوال الشخصية، رُفِع فيها سن الزواج، ومُنع الزواج القسري، وضُيّق على التعدد، ما ساعد على خلق بيئة قانونية أكثر عدلاً، تُعزز مفهوم الأسرة القائمة على المساواة والرضا.
وأشارت إلى أن قانون ۱۹۵۹ رغم ريادته في وقته، لم يعد كافيًا لمعالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية الجديدة، خاصة في ظل تصاعد العنف الأسري وتفكك الروابط الاجتماعية، مؤكدة أن تطوير قوانين الأحوال الشخصية لم يعد ترفًا بل ضرورة وطنية لحماية النساء والأطفال من الهشاشة القانونية والاجتماعية.
ولكن… هل يكفي القانون وحده؟
ورغم إشادة المحامية ديانا بنموذج كردستان القانوني، إلا أن الواقع الميداني في الإقليم يكشف عن مفارقة مؤلمة؛ إذ تُظهِر الإحصائيات الرسمية لوكالتنا “روج نيوز” تصاعداً خطيراً في معدلات قتل النساء خلال النصف الأول من عام ۲۰۲۵، حيث سُجل مقتل ۱۶ امرأة على الأقل، و۱۱ حالة وفاة غامضة يُرجّح أن خلفها عنف منزلي أو مجتمعي، إلى جانب إصابة امرأتين بجروح خطيرة.
تشير هذه الأرقام الصادمة إلى أن وجود تشريعات متقدمة لا يعني بالضرورة تحقق الحماية الفعلية، ما لم تترافق مع تطبيق صارم، وإرادة سياسية ومجتمعية حقيقية لتغيير الثقافة السائدة، ومحاسبة الجناة بلا تساهل.
الحاجة إلى عدالة حقيقية
وختمت المحامية ديانا حديثها بالتشديد على أن “تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي لعام ۲۰۲۵ لم يواكب تطور المفاهيم الاجتماعية ولا تحديات العصر، بل على العكس، شرعن بعض أشكال التمييز والظلم”، مضيفة أن المجتمع بات بحاجة ماسة إلى قوانين عادلة لا تكتفي بصياغة الورق، بل تنعكس في الواقع اليومي بحماية النساء، ومساءلة المعتدين، وضمان كرامة الطفل والأسرة على حد سواء.
نساء FM