نسبة مشاركة المرأة الليبية في الحياة السياسية ضعيفة

تعديل في مدونة السلوك يهدف إلى مناهضة العنف ضد المرأة الليبية في الانتخابات

تعمل المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا على تعديل مدونة السلوك لمناهضة العنف ضد المرأة في الانتخابات وتعزيز حضورها في الاستحقاق الانتخابي بما يعزز مكانتها في الحياة السياسية ويدعم حضورها الاجتماعي.

وفي اجتماع عقد بمقر المفوضية برئاسة عضو المفوضية رباب حلب، تم إبراز التحديات والمعوقات التي تواجه النساء في المشاركة الانتخابية، وأهمها العنف في الانتخابات الذي يعد أحد أبرز العوائق أمام انخراط المرأة في العملية الانتخابية.

وأكدت حلب أن تعديل المدونة يهدف إلى تعزيز السلوك الداعم لمشاركة المرأة، من خلال وضع مبادئ وأهداف واضحة تضمن بيئة آمنة لمشاركة انتخابية شاملة.

تعديل المدونة يهدف إلى تعزيز السلوك الداعم لمشاركة المرأة، من خلال وضع مبادئ وأهداف واضحة تضمن بيئة آمنة لمشاركة انتخابية شاملة

كما بحث المشاركون الآليات الممكنة لتضمين مواد المدونة في مدونات السلوك السارية داخل العملية الانتخابية، بما يراعي أولويات النساء ويستجيب لاحتياجاتهن.

وتأتي هذه الخطوة في إطار سلسلة من الجلسات النقاشية السابقة مع خبراء قانونيين ومنظمات حقوقية ومترشحات وإعلاميات، بهدف تعديل المدونة لتكون أكثر استجابة لقضايا المرأة وداعمة لمكانتها في المشهد الانتخابي.

كما تأتي المبادرة استكمالًا لسلسلة من الجلسات النقاشية التي عقدت مع مختلف الأطراف المعنية بالحقوق النسائية في الانتخابات، بهدف تحقيق تمثيل أكبر وأكثر عدالة للمرأة الليبية في العملية الانتخابية.

وظلت نسب مشاركة المرأة الليبية في الانتخابات ضعيفة حتى قبل الثورة التي أطاحت بنظام القذافي، حيث لم يتقبل البعض مشاركة النساء فيها، لذلك عانت المرأة المترشحة كثيراً خلال حملتها الانتخابية من محاولات تخريب وتشويه صورها الانتخابية من قبل بعض الجماعات التي ترى في نشر صور النساء أمرا يتنافى مع القيم الدينية والاجتماعية، إضافة إلى محاولات تشويه سمعة المرشحات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

وبعد التغيير الذي أطاح بنظام معمر القذافي صدرت عدة قوانين ذات صلة بمشاركة المرأة سياسيا، سواء من حيث الإشارة إلى الحق بشكل عام أو من خلال تنظيم آلية المشاركة. ورغم أن الإعلان الدستوري المؤقت في ۲۰۱۱ لم يخصّ المرأة بنص منفصل بشأن مشاركتها السياسية، إلا أنه لم يغفل عن التأكيد على المساواة من مدخل المواطنة. فقد نصت المادة ۶ منه على أن “الليبيين سواء أمام القانون، ومتساوون في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية، وفي تكافؤ الفرص، وفيما عليهم من الواجبات والمسؤوليات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدِّين أو المذهب أو اللغة أو الثروة أو الجنس أو النسب أو الآراء السياسية أو الوضع الاجتماعي أو الانتماء القبلي أو الجهوي أو الأسري.”

وفي انتخابات المؤتمر الوطني لعام ۲۰۱۲ نجحت المرأة في الحصول على ۳۳ مقعدا من واقع ثمانين مخصصة للأحزاب وفق نظام اللوائح، ومقعد واحد من واقع ۱۲۰ مخصصة للمرشحين المنفردين.

رغم حصول المرأة الليبية على حق الانتخاب في سنة ۱۹۶۳، بقيت بعيدة كل البعد عن المشاركة السياسية لشيوع نسبة الأمية في المجتمع آنذاك، والتي كانت تربو عن ۹۰ في المئة

ويرى مراقبون أن حصول النساء على هذا العدد من المقاعد لا يرجع إلى اقتناع اجتماعي بدورها أو الاعتراف بقدرتها على ممارسة العمل السياسي، إنما يعود أساسا إلى الأحكام القانونية التي فرضت وجود نساء في القوائم الحزبية. ولعل حصول النساء على مقعد واحد من المقاعد المخصصة للنظام الفردي هو الأكثر تعبيرا عن نظرة المجتمع الليبي للمرأة ودورها في العمل السياسي. وحتى في المناطق التي شهدت الحراك النسائي الأكبر في بداية الثورة، سجل ترشح المرأة على قائمة الفردي ضعفاً في الإقبال. ففي مدينة بنغازي ترشحت ۲۴ امرأة فقط على قائمة الفردي مقابل ۳۰۳ مترشحين رجال، أي بنسبة ترشح تقل عن ۷٫۵ في المئة. وهذا الأمر يتعارض مع عدد المرشحات على قائمة الأحزاب، والذي بلغ ۵۴۰ امرأة.

ومنذ استقلال ليبيا سنة ۱۹۵۱ بقيت مسألة مشاركة المرأة في الحياة السياسية هاجسا يؤرق الحركة النسوية وأنصارها في البلد. وقد شهد نضال النساء في هذا المجال في المراحل السياسية المختلفة تطورات متباينة: فأحيانا حققت النساء انتصارات تشريعية مهمة اصطدمت بعقبات مجتمعية محافظة. وأحيانا أخرى بقي حق النساء في المشاركة مقيدا اجتماعيا من دون أن يجدن أي مساندة سياسية أو تشريعية، علما أن هذه القيود الاجتماعية شهت مؤخرا تفاقما تحت وطأة النزاع وتأثيراته السلبية.

ورغم حصول المرأة الليبية على حق الانتخاب في سنة ۱۹۶۳، بقيت بعيدة كل البعد عن المشاركة السياسية لشيوع نسبة الأمية في المجتمع آنذاك، والتي كانت تربو عن ۹۰ في المئة.

العرب