تعرفت على فاطمة من خلال أقراطها؛ رواية الأب عن استشهاد ابنته وثلاثة من أحفاده

يجب أن يزول رائحة الطلاء من المكان، لا الأرواح، لكن في تلك الليلة، ذهبت رائحة الطلاء والأرواح معاً مع استشهاد فاطمة وثلاثة أطفالها نتيجةً لهجوم صاروخي على منزلهم.

فاطمة، أمٌّ عطوفة لثلاثة أطفال صغار، عالمهم لا يزال مليئاً بألوان وحيوية الطفولة. بالإضافة إلى هذه المسؤولية، فهي أيضاً زوجة. كان منزلهم في “مجمع چمران” الذي شهد تغييرات حديثة، لا يزال يحمل عبق الألوان الجديدة، وأحياناً المزعجة. كان الأطفال يعانون من هذه الرائحة الكريهة. لذلك، قررت فاطمة أن تنام مع أطفالها في غرفة المعيشة للنجاة من هذه الرائحة.

ولكن في منتصف الليل، في الساعة الثالثة صباحاً، أصابت صواريخ العدو الصهيوني منزلهم، واستشهدت فاطمة مع أطفالها الثلاثة.

الآن نحن في بهشت زهرا (مقبرة)، يوم غير اعتيادي، يوم لم أختبره من قبل. تأتي عائلات الشهداء واحداً بعد الآخر لتحديد هويات أحبائهم. البعض لتحديد هوية أخيه، والبعض الآخر لأخته، وبعضهم مثل الحاج ، لابنته وأحفاده. لا أرى الحاج يبكي. يرتدي عباءة بنية اللون ولباساً داخلياً داكناً. أتوجه إليه وأسأله:

یا حاج، هل حدث شيء؟

لقد كان هنا منذ الصباح الباكر وما زال مشغول في عملية تحديد الهوية. تمتلئ عيناه بالدموع، لكنه يتنفس بعمق ويقول:

“أكملت ابنتي المستوى الثاني من الحوزة العلمية. كانت امرأة مستقلة وذات شخصية قوية. لم يتجاوز عمرها الـ ۳۵ عاماً عندما حلت بها هذه المصيبة. كان لدى فاطمة ثلاثة أطفال؛ زهراء التي يبلغ عمرها ثماني سنوات ونصف، واحتفلنا بحفل تكليفها الأسبوع الماضي، وهانية ذات الأربع سنوات، وابن يبلغ من العمر أقل من عشرة أشهر. تم العثور على جثثهم معاً.”

يتنفس الحاج آقا بعمق مرة أخرى. يجد صعوبة في الكلام، وهو محق في أن يتعب من مواصلة الحوار، لكنه يواصل بصوت مخنوق:

“في صباح يوم الجمعة، وقت الأذان، تعرض مبنا للهجوم. كان صهرنا نائماً في الغرفة وهو الناجي الوحيد. يدور حول المبنى كل يوم، يضرب الجدران ويلوم نفسه على بقائه في الغرفة. ابنتي وأحفادي بقوا تحت الأنقاض. تم العثور على هانية وزهراء بالأمس فقط. هل تعلمون؟ كان أحفادي من بين ۲۵ طفلاً شهيداً استشهدوا في المباني السكنية.”

الحاج لا يقول شيئاً آخر، وأنا أغرق في الصمت. لكنه يواصل مكالمته الهاتفية، ويقول من وراء الهاتف:

“لدينا مراسم، وهناك أيضاً مراسم ختم مقرر بعد ظهر يوم الجمعة في المسجد.”

يمر الوقت وتأتي المزيد من العائلات إلى بهشت زهرا لتحديد هوية فاطمة الإيزدي. بدأت أدرك أن فاطمة قد أصبحت غير قابلة للتعرف عليها لدرجة أن عائلة أخرى حددت هويتها كابنة لهم. في النهاية، تمكن الحاج من التعرف على ابنته من خلال القرط الذي كانت ترتديه دائماً.

تعریب خاص لـجهان بانو من وكالة أنباء مهر