ثلث سكان غزة حُرموا الطعام لأيام.. والأطفال ينامون ببطون خاوية

يواصل كيان الاحتلال، حرب الإبادة الجماعية، على قطاع غزة، عبر القصف والتجويع والحصار، وبات سكان القطاع يعيشون رعباً قاتلاً، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة، أمس، حيث ما يقرب من 88% من مساحة القطاع متأثرة بأوامر التهجير أو خاضعة لسيطرة الاحتلال، في حين يُحشر نحو 2.1 مليون فلسطيني هُجِّروا مراراً في مساحة ضئيلة متبقية، مع بدء الاحتلال اجتياحاً لمدينة دير البلح، وسط القطاع، لأول مرة منذ بدء العدوان، وسط مجاعة غير مسبوقة ومشاهد بدأت تحرك الضمير العالمي لشدة قسوتها.

وبينما وُضعت جثة الطفلة رزان أبوزاهر، مجرد هيكل عظمي على لوح حجري، بعد أن استشهدت متأثرةً بمضاعفات سوء التغذية، بات «الأطفال ينامون ببطون خاوية» وفق شهادات تكشف تفاقم المجاعة مع حرمان نحو ثلث الفلسطينيين من الطعام لأيام متتالية، وفق برنامج الأغذية العالمي.

وفي وقت استُشهد أكثر من ۶۵ فلسطينياً منذ فجر أمس (الإثنين)، من بينهم ۷ من طالبي المساعدات الإنسانية. وصف رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، الأوضاع في غزة بأنها لا تُحتمل، مؤكداً ضرورة وقف إطلاق النار بشكل فوري. وجاء تصريحه عقب بيان لـ۲۵ دولة صدر من الحكومة البريطانية، يطالب برسالة بسيطة وعاجلة: «يجب أن تنتهي الحرب في غزة الآن»، لافتاً إلى أن معاناة المدنيين في غزة بلغت مستويات غير مسبوقة، وأن نموذج الاحتلال في تقديم المساعدات خطير، ويحرم سكان غزة من كرامتهم الإنسانية. مديناً إيصال المساعدات بالتنقيط، والقتل اللاإنساني للمدنيين.

بدوره، وفي بيان شديد اللهجة، دعا مجلس التعاون الخليجي المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري والجاد؛ لوقف الحصار الوحشي، ووقف آلة القتل والتجويع، وضمان إدخال المساعدات العاجلة بشكل فوري ومن دون قيد أو شرط، وفتح المعابر من دون تأخير.

وقال الأمين العام لمجلس التعاون جاسم البديوي: «إن سياسة التجويع الجماعي التي تنتهجها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين جريمة حرب مكتملة الأركان تستوجب محاسبة عاجلة». 

وفيما يلي التفاصيل: 

غزة تموت تحت مطرقة الجوع والقنابل، وسط مشاهد تهز الضمير العالمي. ففي حين وُضعت جثة الطفلة رزان أبوزاهر ذات الأربع سنوات، مجرد هيكل عظمي على لوح حجري، بعد أن استسلمت لمعركتها من أجل الحياة، وتوفيت في مستشفى بوسط غزة، متأثرةً بمضاعفات سوء التغذية، تصرخ طفلة أخرى للحصول على طعام، حيث بات «الأطفال ينامون ببطون خاوية» وفق شهادات تكشف تفاقم المجاعة في غزة المنكوبة. فقد بلغ الوضع الإنساني في القطاع مرحلة «غير مسبوقة من التدهور»، إذ يُحرم نحو ثلث الفلسطينيين فيه من الطعام لأيام متتالية، وفق برنامج الأغذية العالمي.

في خضّم الجوع و«الخذلان»، يوثق ناشطون فلسطينيون من قلب غزة مشاهد الألم اليومية التي يعيشها السكان تحت الحصار تكشف حجم الكارثة التي تتجاوز حدود الصمت الدولي، في حين استشهد أكثر من ۶۵ شخصاً جراء الغارات العنيفة المتواصلة منذ فجر الإثنين.

الفلسطيني حمزة مصطفى أبوتوهة يروي تفاصيل واقعه المرير أثناء انتظاره لتسلُّم الطحين في طابور طويل امتد لأكثر من عشرة آلاف شخص. وفي تغريدته يقول إنه لم يحزن بسبب طول الانتظار أو عدد الأشخاص، بل تأثر بشدة عندما رأى والده يقف خلفه بثلاثمئة رجل فقط، وقد أنهك التعب قدميه حتى اضطر للجلوس على «التراب الملتهب».

من جانبه يروي الناشط أحمد العجلة كيف أن السكان يعانون من ظروف صعبة للغاية، منها «الجوع والعطش والموت والتشريد»، مؤكداً أن هناك من لم يرَ الخبز منذ أيام. في حين يقول رجب حسين الخالدي: إن الجوع تجاوز كل ما يمكن تخيله، مؤكداً أن «الجوع هناك ليس تأخر وجبة ولا غياب صنف عن المائدة، بل حرمان قاسٍ ينهش أجساد الأطفال والنساء والشيوخ». من جانبه، أطلق الشاب أحمد أبوحماد نداءً مؤلماً: «يا عالم (..) إحنا عم نموت قدام عيونكم! أطفالنا بتبكي من الجوع، أهلنا بين الحياة والموت، وما حدا سامعنا».

في وقت كشف الصحافي غازي العالول عن فقدانه ۲۰ كيلوغراماً من وزنه خلال ثلاثة أشهر من المجاعة، متسائلًا: «إذا ما استمر هذا الحال، كيف سنحفظ ضمائرنا وأملنا أمام بكاء أطفالنا الجوعى؟».

برنامج الغذاء العالمي أكد أن نحو ۹۰ ألف طفل وامرأة يعانون من سوء تغذية حاد، تزامناً مع إعلان صادر عن الأمم المتحدة يفيد بمقتل نحو ۸۰۰ شخص أثناء انتظارهم المساعدات منذ أواخر مايو الماضي. وفي السياق يصف قاسم أبوخاطر (۳۶ عاماً) من مخيم جباليا المشهد بـ«الصعب جداً»، وأضاف أن «آلاف يحاولون الحصول على الطحين.. تزاحم وتدافع مميت لنساء ورجال وأطفال». وتابع: «وصلنا لمرحلة وكأننا أموات لا أرواح فينا. الدبابات تطلق القذائف بشكل عشوائي علينا وجنود الاحتلال يطلقون النار..». من جانبه، أفاد حسن رضوان (۴۱ عاما) من الشجاعية: «حصلت على كيس طحين بصعوبة والموت يرافقني بأي لحظة».

إدانات وتحركات دولية

الكارثة الإنسانية التي سببها الاحتلال بتعنته ورفضه لجميع مقترحات إنهاء الحرب، بدأت تهز الضمير العالمي واستدعت رفع الأصوات عربياً ودولياً ضد الإبادة الجماعية المتواصلة.

وفي بيان شديد اللهجة، دعا مجلس التعاون الخليجي المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري والجاد لوقف هذا الحصار الوحشي عن غزة، ووقف آلة القتل والتجويع وضمان إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة بشكل فوري ودون قيد أو شرط، وفتح المعابر دون تأخير، وإنقاذ أرواح الأبرياء من كارثة محققة.

وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون جاسم محمد البديوي، عن إدانة دول المجلس واستنكارها البالغ، لاستمرار «الحصار الجائر غير الإنساني وغير القانوني الذي تفرضه قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة ومنعها لدخول المساعدات الإنسانية بكل أشكالها، وما نجم عنه من كارثة إنسانية متفاقمة تجسدت في تفشي المجاعة ونفاد المواد الغذائية والطبية، في انتهاك صارخ لأحكام القانون الدولي الإنساني، واتفاقيات جنيف، ومبادئ حقوق الإنسان، وتحدٍّ واضح للمجتمع الدولي».

وأكد البديوي أن «مجلس التعاون يحمل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن المأساة الإنسانية المتواصلة في غزة بما فيها سياسة التجويع الجماعي التي تنتهجها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين، وأنها تشكل جريمة حرب مكتملة الأركان، وتستوجب محاسبة عاجلة من قبل المجتمع الدولي».

وجدد البديوي موقف دول مجلس التعاون الثابت في دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في الحياة الكريمة والحرية وتقرير المصير، وتحقيق السلام العادل والدائم. 

دبابات الاحتلال تتوغل في دير البلح لأول مرة منذ بدء الحرب

في وقت ارتفع عدد الشهداء في غزة إلى أكثر من ۵۹ ألف فلسطيني أكثر من نصفهم نساء وأطفال، دخلت دبابات جيش الاحتلال، اليوم (الإثنين)، إلى جزء من وسط قطاع غزة لم يشهد من قبل عمليات برية في الحرب التي استمرت ۲۱ شهراً.

وبينما رفض جيش الاحتلال التعليق على عملياته، أفادت إذاعة الجيش ببدء العملية وقالت إن لواء غولاني «بدأ مناورة برية في منطقة دير البلح الجنوبية سبقتها غارات جوية ومدفعية ومن المتوقع أن تستمر لأسابيع عدة».

وأمر جيش الاحتلال الفلسطينيين بإخلاء منطقة تبلغ مساحتها نحو ۶ كيلومترات مربعة، وألقى آلاف المنشورات في دير البلح. ودفع التوغل والقصف عشرات العائلات، التي كانت لا تزال في المنطقة، إلى الفرار والتوجه غربا نحو منطقتي دير البلح الساحلية وخان يونس القريبة.

في المقابل، ذكرت وسائل إعلام عبرية أن جيش الاحتلال كان متردداً في الماضي في تنفيذ عمليات برية في دير البلح خوفاً من تعريض حياة الرهائن الناجين، الذين قد يكونون محتجزين هناك، لمزيد من الخطر. في حين قالت جمعية عائلات الرهائن إنها تشعر بالقلق إزاء التقارير التي تفيد ببدء الهجوم وطالبت الحكومة بتوضيح لماذا «لا يشكل الهجوم في منطقة دير البلح خطرا جديا على الرهائن».

ميليشيا أبوشباب تختطف مدير المستشفيات الميدانية

اختطفت قوة تابعة لميليشيا «ياسر أبوشباب» المتعاونة مع قوات الاحتلال، مدير المستشفيات الميدانية في غزة، الدكتور مروان الهمص، من غرب خان يونس. وقالت مصادر محلية إن القوة قتلت شاباً وأصابت سائق إسعاف ومصوراً كانوا في موقع الحدث، قبل أن تختطف الهمص وتسلمه إلى قوات الاحتلال داخل أحد المواقع المستحدثة في مدينة رفح.

القبس